صرخات أحلام في الأردن.. هل يستفيد القاتل من العذر المخفف؟
لا تزال صرخات السيدة الأردنية الأربعينية أحلام -التي أقدم والدها الستيني على قتلها قبل أيام- يتردد صداها في المجتمع الأردني، وسط حالة من الرفض لما جرى والغضب من بشاعة الجريمة.
الطريقة التي استخدمها الوالد في قتل ابنته بدواعي "الدفاع عن الشرف" شكّلت صدمة للأردنيين، ففي البداية اعتدى عليها داخل البيت بأداة حادة لقتلها، لكنها لم تمت، وحاولت الهرب خارج البيت بدمها النازف، ليلحق بها خارج البيت مجهزا عليها بصخرة هوى بها على رأسها في الشارع، "غاسلا بذلك عاره الذي ألحقته به ابنته"، كما أبلغ من حوله.
ولم تنتهِ فصول الجريمة عند ذلك، بل جلس قرب رأسها المهشم يتناول كوبا من الشاي بانتظار إلقاء القبض عليه من قبل قوات الأمن العام.
وقامت كوادر وزارة التنمية الاجتماعية -أمس الاثنين- بنقل الفتاة المتوفاة من المستشفى وتغسيلها وتكفينها ودفنها، بعدما رفضت عائلتها استلام الجثة ودفنها، وفق مصادر رسمي.
تعديل التشريعات
#صرخات_احلام
I honestly can’t believe what her whole family did pic.twitter.com/aOyZgNJ1Kd— جمدانة 🏳️ (@cryforhellpp) July 20, 2020
جريمة قتل أحلام في الأردن بلغ صداها العالم العربي، وتداول قصتها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر وسم #صرخات_أحلام قوائم التداول في الأردن على مدى يومين، مشكلة ضغطا شعبيا مطالبا بتعديل تشريعات من شأنها عدم التخفيف على القاتل، وهو ما دفع برئيس الوزراء عمر الرزاز للتحدث عن ضرورة تغليظ العقوبات في كلمة له الأحد الماضي.
ويرى خبراء ومختصون أن التشريعات الأردنية فيما يتعلق بما يسمى "جرائم الشرف" التي يقدم فيها أحد أولياء الضحية على قتلها، لا تنصف الضحية، خاصة المادتين 98 و99 من قانون العقوبات الأردني، والأحكام المتعلقة بإسقاط الحق الشخصي في الجرائم المرتكبة بذريعة الشرف.
ولم تسلم الضحية من اتهامها بأنها السبب في قتلها، فقد شهدت وسائل التواصل الاجتماعي مشاركات من رواد حمّلوا الضحية مسؤولية القتل، معتبرين أن القاتل لم يقدم على جريمته إلا بسبب ما اعتبروه أفعال الضحية، وهو ما استنكره وهاجمه الغالبية الساحقة من المتفاعلين مع الجريمة.
لا لتخفيف العقوبة
كَيف كان طَعم الشاي المَختلط ب دَم إبنتك ؟ 💔.#صرخات_احلام pic.twitter.com/cdqn9tK7FS
— 𓆩𝓕𝓢𓆪 (@FATOOMEZ1) July 20, 2020
النائبة والحقوقية وفاء بني مصطفى، قالت للجزيرة نت إن العذر المخفف لعقوبة القتل الوارد في المادة 98 من قانون العقوبات الأردني تم تعديله عام 2017، بحيث تم استثناء القاتل مما يسمى "العذر المخفف" في حال كانت الجريمة الواقعة على أنثى، بحيث لا يستفيد القاتل في "جرائم الشرف" منه.
وتابعت أن إسقاط حق القتيلة الشخصي من قبل أمها أو أشقائها في حال كان القاتل أبوها، لا يمنح القاتل عذرا مخففا، مؤكدة ضرورة إخراج جرائم الأسرة من نطاق إسقاط الحق الشخصي.
وأضافت الحقوقية "نريد حماية حقيقية للنساء والفتيات المعنفات"، وقالت "من غير المعقول أن يتم تكفيل فتاة أو امرأة وإخراجها من دور الإيواء لبيئة غير آمنة، وبعد أيام تلقى حتفها بجريمة مروّعة".
لا شرف بالجريمة
TRIGGER WARNING ⚠️ #صرخات_احلام pic.twitter.com/kBpmVvDKbx
— Aphrodite (@Marraamm__) July 18, 2020
وتوافق النائبة في البرلمان ديمة طهبوب على ضرورة تغليظ العقوبات على المعتدين على المرأة أو الأطفال في جرائم العنف الأسري، رافضة تسمية الجريمة التي ارتكبت بحق أحلام بأنها جريمة شرف، فـ"لا شرف في الجريمة" وفق قولها للجزيرة نت.
وأضافت لا يوجد رادع حقيقي للجناة في جرائم العنف الأسري، مما يرتب علينا جميعا تغليظ العقوبات بحق مرتكبي تلك الجرائم، وحماية المرأة وتطبيق حد: القاتل يقتل.
عودة غير آمنة
«صرخات أحلام» ترِند يتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن بعد مقتل الفتاة أحلام نحرًا على يد والدها الذي جلس يشرب الشّاي بجانب جثّتها مُتفاخرًا بغسل العار بحجّة «شرف العائلة».. مع الأسف، هُنا لا تُقتَل النساء من الغرباء، إنهن يُقتَلن من أكثر الناس قربًا. يُقتلن في منازلهنَّ… pic.twitter.com/7OljILagMp
— نور (@nurchehade_) July 18, 2020
معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" طالب بالتصدي الرسمي لجرائم قتل النساء والفتيات، وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب، وذلك من خلال إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات، مع ضرورة عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة المعنفات للخروج من دور الإيواء.
ويرى مدير معهد تضامن منير ادعيبس أن عودة النساء والفتيات إلى أسرهنّ بعد توقيع تعهد من أي فرد من الأسرة أو أكثر بحمايتهن وعدم تعريضهن للعنف، "لن يجدي نفعا حتى لو كان مستوى الخطورة على حياتهن متدنيا جدا"، داعيا للتوسع في إنشاء دور إيواء النساء المعرضات للخطر.
ويرى مختصون أن القضاء على ثقافة الصمت لدى النساء والفتيات المعنفات المتمثل في عدم إبلاغ الجهات الرسمية عند تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف، يرتبط مباشرة بإمكانية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة، والتي تدين ضمنيا الضحية، وتستهتر بمراجعة النساء للمراكز الأمنية وحدهن تحت أي سبب كان.
وينصح مختصون بتوفير شرطة نسائية في المراكز الأمنية، مع ضرورة بناء قدراتهن لاستقبال هذه الحالات وتشخيصها وتوصيفها بالصورة الصحيحة، مما يفسح المجال أمام المعنفات للتحدث بحرية ووضوح ودون حياء.