الكويت.. اعتقال نجل رئيس الوزراء السابق وشريكه في ملف "الصندوق الماليزي"

Kuwaiti finance minister Anas al-Saleh, speaks during a press conference in Kuwait city on January 26, 2015. Kuwait projected a USD 24-billion deficit in its new fiscal year budget despite a massive spending cut due to plunging oil prices. AFP PHOTO/ YASSER AL-ZAYYAT
وزير الداخلية الكويتي أعلن قبل شهرين إحالة بلاغ للنيابة العامة بشبهة تورط سياسيين بقضية الصندوق الماليزي (غيتي)

شكل قرار النيابة العامة الكويتية -إلقاء القبض على الشيخ صباح جابر المبارك نجل رئيس الوزراء السابق فيما بات يعرف محليا بقضية "الصندوق الماليزي"- مفاجأة من العيار الثقيل في صفوف الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء.

فقد كشفت صحيفة محلية في تقارير لها أن عناصر من وزارة الداخلية ألقوا أول أمس الأربعاء القبض على الشيخ صباح، وشريكه رجل الأعمال حمد علي الوزان على ذمة قضايا مرتبطة بعمليات غسل أموال.

وذكرت تقارير صحفية منشورة أنه بعد جلسة تحقيق ماراثونية استمرت 12 ساعة متواصلة، قرر النائب العام المستشار ضرار العسعوسي أمس حجز المبارك والوزان إلى الأحد المقبل من أجل استكمال التحقيقات معهما.

ونقلت صحيفة "القبس" عن مصادر مطلعة على سير التحقيقات الجارية أن هناك مفاجآت بظهور أسماء جديدة الأيام المقبلة، وأنه لا يؤخذ بإنكار المتهمين في تحقيقات الخميس "حيث ستجري مواجهتهما بكل مستند عثرت عليه النيابة يؤكد شبهة غسل أموال من خلال تنفيذ مشاريع حكومية ضمن خطط التنمية المستقبلية".

تفاصيل القضية
بدأت فصول قضية "الصندوق الماليزي" تتكشف في مايو/أيار الماضي، عقب لقاء جمع عددا من المسؤولين الأميركيين بوزير الدفاع السابق الشيخ ناصر نجل أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، وتقديمهم أدلة على تورط عدد من المسؤولين السابقين في تسهيل تمرير عمليات مالية مشبوهة لصالح شركات صينية وماليزية عن طريق مشاريع وصفقات.

وشملت العمليات المشبوهة -بحسب التقارير المنشورة بالصحف المحلية- سلسلة مشاريع وصفقات مرتبطة بكيانات وشركات وأشخاص، وتطبيقات إلكترونية داخل الكويت وخارجها.

ولكن تبين في وقت لاحق أن فصول هذه القضية تعود إلى عام 2018، عندما رفع أحد البنوك الكويتية بلاغا إلى وحدة التحريات المالية على خلفية تحويل مصرفي بقيمة 17 مليون دينار (55 مليون دولار) قام به الوزان لصالح حساب مرتبط بقضية الصندوق الماليزي الأم.

ليس هذا فحسب، بل قام أحد فروع البنوك الأجنبية العاملة في الكويت بتقديم أربعة بلاغات أعوام 2017 و2018 و2019 إلى وحدة التحريات المالية أيضا، تتعلق بتضخم حساب الشيخ صباح المصرفي مع تجاوز قيمته عتبة المليار دولار.

القضية الأم
ويرتبط ما سبق بالقضية الأم في ماليزيا، حيث أعلنت السلطات عام 2018 اعتقال رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق على خلفية قضايا فساد كبيرة، تتمثل في سرقة أموال صندوق الثروة السيادي والمعروف عالميا باسم "1MBD".

وكان من بين أبرز شركاء عبد الرزاق في قضية السرقة رجل الأعمال لو تايك جو "جو لو" الذي صدرت بحقه مذكرات توقيف في أكثر من بلد، من ضمنها ماليزيا والولايات المتحدة.

وتجري تحقيقات بشأن أموال الصندوق السيادي الماليزي في ثماني دول على الأقل منها: ماليزيا والولايات المتحدة وسويسرا وهونغ كونغ وسنغافورة، إلى جانب أكثر من دولة خليجية ومنها الكويت.

"جو لو" الكويت
وحسب المعلومات الواردة بالإعلام الكويتي، فإن الوزان "جو لو الكويت" كان صلة الوصل بين "جو لو" الماليزي -الذي زار البلاد عام 2019، رغم كل مذكرات التوقيف الدولية بحقه- وبين الشيخ صباح المبارك، وهو تولى الوزان -وفق المعلومات المتوفرة- المفاوضات الخاصة بشراء بنك يملكه الأخير في جزر القمر، قبل أن يتحول الوزان الذي يمتلك تطبيقا متخصصا بوسائل النقل في الكويت بمرحلة لاحقة إلى لاعب محوري في كل ما يتعلق بإدارة شركات وحسابات المبارك.

ونهاية مايو/أيار الماضي، أعلن أنس الصالح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية إحالة بلاغ للنيابة العامة بشبهة تورط بعض السياسيين وجهات وشركات مقرها الكويت في عمليات غسل أموال لصالح شركات صينية وماليزية، في إطار قضية الفساد العالمية المعروفة بقضية الصندوق السيادي الماليزي.

وقال الصالح -في بيان نشرته وكالة الأنباء الكويتية (كونا)- إن البلاغ أحال جميع الأطراف ذات العلاقة بتلك المعاملات والشركات إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية.

كما قرر مجلس الوزراء تكليف كل من ديوان المحاسبة والهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) بفحص ومراجعة كافة المعاملات الخاص بهذا الملف، بغية تحديد ما إذا كان ثمة شبهات جرائم فساد. وكانت السلطات الكويتية قد أصدرت في وقت سابق قرارا يقضي بتجميد حسابات المتهمين بالقضية وأُسرهم، إلى جانب منعهم من السفر.

تفاعل واسع
وأثار هذا الملف ردود أفعال شعبية وسياسية واسعة على مدار الأسابيع والأيام القليلة الماضية. وفي هذا الإطار، اعتبر النائب رياض العدساني أن القضية تنطوي على "تعديات صارخة" تورط فيها أفراد وشركات وبنوك داخل الكويت وخارجها، وشملت تحويلات مالية ضخمة جدا.

وأوضح العدساني في تصريحات صحفية أن بعض هذه العمليات تخللها محاولات وضع فواتير مشبوهة بهدف التغطية على الأعمال المجرمة ماليا، إضافة إلى أن التحويلات تمت بمختلف العملات، وبعضها تم داخل الكويت بالإيداع والسحب، والتحويل إلى الخارج بطرق مشبوهة.

وكشفت صحيفة "القبس" أن شركات عدة في البلاد كانت ضالعة في معاملات وعمليات غسل الأموال، موضحة أن الطريقة المتبعة في عمليات غسل الأموال جرت عبر إدخالها للحسابات المصرفية كمدفوعات، مقابل عقود تجارية عمل معينة، على أن تلغى هذه العقود لاحقا.

العقوبات المتوقعة
يقول المحامي صالح العجمي رئيس جمعية الدفاع عن المال العام إن جرائم غسل الأموال في حال ثبوتها بحق المتهمين في قضية الصندوق الماليزي تتكون من ثلاثة بنود: السجن عشر سنوات، ومصادرة المال المغسول، إضافة إلى غرامة تعادل ضعف المبلغ المصادر.

وأوضح العجمي في تصريح صحفية أن مدة الحبس هي العقوبة المشددة وفقا لقانون جرائم غسل الأموال، مضيفا "لكنه في حال استغل المتهم سلطته أو نفوذه، فإن عقوبة الحبس تتضاعف لتصبح 20 سنة، بدلا من عشر سنوات".

المصدر : الجزيرة