توماس فريدمان: أميركا التي دمرناها.. من أين لنا بقائد لإنقاذها؟

متظاهرون غاضبون بأتلانتا يحرقون سيارة للشرطة احتجاجا على مقتل جورج فلويد (رويترز)

قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الأميركي توماس فريدمان إن الولايات المتحدة الأميركية تتجه نحو حرب أهلية ثقافية ولكنها ليست محظوظة هذه المرة إذ لا يقودها رئيس مثل إبراهام لنكولن.

وأعرب فريدمان في مقال بصحيفة نيويورك تايمز عن قلقه بشأن مستقبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال إن أسوأ مخاوفه بشأن مستقبل أميركا قد أصبحت واقعا الآن، وإنه لم يعد متأكدا من قدرة الأميركيين على تحقيق انتقال سلمي للسلطة وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وانتقد فريدمان تعاطي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع المظاهرات التي تجتاح الولايات المتحدة منذ الأسبوع الماضي، وقال إنه في الوقت الذي تعيش فيه أميركا حالة من التمزق، فإن غريزة ترامب أملت عليه الأمر بمهاجمة المتظاهرين السلميين بالغاز المدمع ودفعهم من قبل الشرطة حتى يتمكن من المشي إلى كنيسة مجاورة للبيت الأبيض والتقاط صورة أمامها وهو يحمل نسخة من الإنجيل.

وأشار إلى أن ترامب نكس الإنجيل من خلال تصرفه هذا حيث لم يقرأ فقرة منه بهدف الاستشفاء ولم يدخل الكنيسة، وإنما حمله ليلتقط صورة تذكارية سعيا منه لزيادة شعبيته في صفوف الإنجيليين البيض.

وتساءل فريدمان من أين لنا بالقيادة التي نحتاجها لتهدئة الوضع الراهن والتعامل مع الأسباب الكامنة وراء الأزمة، وقيادتنا بأمان خلال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها هذا العام على الأقل؟

خيبة أمل
وأعرب فريدمان عن خيبة أمله في النواب الجمهوريين بمجلس الشيوخ، وقال إنه كان لديه أمل قبل ثلاث سنوات في أن يتدخلوا للجم جماح ترامب ولكن تبين أن ذلك الأمل لم يكن في محله.

وقال فريدمان إن كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ ليست سوى ماخور سياسي، يؤجر أعضاؤه أنفسهم لمن سيعمل على إبقائهم في السلطة وتأمين المصالح الاقتصادية لمانحيهم من الأغنياء.

كما انتقد من سمّاهم أباطرة وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مارك زوكربيرغ، مدير شركة فيسبوك الذي قال إنه قد أصبح "روبرت مردوخ" جيله، وإنه يبرر خياراته الجبانة باستمرار بحماية حرية التعبير، ولكن هدفه كسب المال بغض النظر عن مدى استخدام منصته لتدمير الديمقراطية في أميركا.

وأعرب فريدمان عن أمله في أن يتمكن رجال الأعمال من أصحاب المبادئ في الولايات المتحدة من التعاون لقيادة نقاش بنّاء لعلاج الأزمة في غياب رئيس يملك القدرة والاستعداد للاضطلاع بذلك.

كما أشاد بمواقف بعض المسؤولين السياسيين المحليين وقدرتهم على التصرف بحكمة خلال الاضطرابات التي تشهدها الولايات المتحدة حاليا، مثل عمدة مدينة أتلانتا، بولاية جورجيا، كيشا لانس بوتومز التي أبلت بلاء حسنا في التعاطي مع أزمة تفشي فيروس كورونا وأعمال الشغب في مدينتها.

وختم فريدمان بأن البيت الأبيض لا يعول عليه للمساعدة في حل الأزمة الراهنة، لأن ترامب جعل من نفسه جزءا من المشكلة ولذلك فإن علينا أن نتجاهله إلى أقصى حد، ولكن بالإمكان السعي للتواصل مع قادة قطاع الاقتصاد ورجال الأعمال والقادة السياسيين المحليين الصاعدين الذين يستعدون ليكونوا هم الحل.

المصدر : نيويورك تايمز