حذّروا من نتائج مخيفة.. عمال النظافة بمصر: نحن الأكثر إصابة بكورونا بعد الأطباء

أحد المناطق التي تعاني من تكدس القمامة
إحدى المناطق التي تعاني من تكدس القمامة (الجزيرة)

رغم تفشي وباء كورونا وتزايد مخاوف المصريين من الإصابة به، يبدو أن المواطن المصري سيد غير عابئ بكل هذا، حيث يتجه يوميا لجمع القمامة مقابل 20 جنيها يتقاضاها شهريا من كل منزل يخدمه (الدولار نحو 16.17 جنيها).

لا يكترث سيد بأمر الكمامات وغيرها من الإجراءات الوقائية، فالأهم بالنسبة له ولظروفه هو الحصول على قوت يومه.

يقول سيد للجزيرة نت إنه لا توجد جهة حكومية ترعى مصالح عمال جمع القمامة فتعطيهم كمامات أو غير ذلك من أدوات الوقاية، ولذلك يضطر لشرائها من ماله القليل، لكنه لا يرتديها إلا خلال السير في الطرق العامة، تحسبا لوقوعه تحت طائلة العقوبة التي فرضتها السلطة على من لا يستخدم الكمامة.

يعمل جامعو القمامة بأيد عارية في جمع المخلفات سواء من المنازل أو الشوارع، حيث المناديل الورقية والكمامات والقفازات الطبية ملقاة على قارعة الطريق، بل هناك أيضا من يعرفون بـ"نباشي القمامة" الذين يتجهون إلى صناديق القمامة ومناطق تجميعها عموما ويقومون بفرزها واختيار مواد معينة يمكنهم بيعها للورشات ومصانع إعادة التدوير، مثل الكرتون والبلاستيك والمعادن.

-4.5 شباب يعملون كجامعي قمامة بمحافظة الجيزة – 14-11- 2018 – خاصة (الجزيرة)
عمال النظافة في مصر يشتكون من الإهمال الحكومي في ظل انتشار فيروس كورونا (الجزيرة)

وتشير إحصاءات وزارة البيئة إلى أن مصر تنتج سنويا نحو 90 مليون طن من المخلفات الصلبة، بواقع 55 ألف طن يوميا، من بينها نحو 20 مليون طن مخلفات بلدية "القمامة"، وأن نحو 47% من كمية المخلفات البلدية تتولد عن 4 محافظات هي: القاهرة، والجيزة، والقليوبية، والإسكندرية.

وتقدر أعداد العاملين بالقمامة الرسمية في مصر بنحو 3 ملايين عامل نظافة مسجلين في نقابة جامعي القمامة، منهم نحو مليون عامل نظافة محسوبين على القطاع الخاص، وتشغلهم شركات النظافة بالمصالح والجهات المختلفة، بحسب رئيس نقابة جامعي القمامة شحاتة المقدس.  

ويعمل نحو مليون عامل قمامة في الهيئة العامة للنظافة والتجميل التابعة لوزارة التنمية المحلية، ويعملون في كنس الشوارع وتشجير الحدائق العامة.

القمامة تنتشر بشوارع مصر (الجزيرة)
يتوزع عمال النظافة في مصر ما بين العمل في الحكومة والقطاع الخاص (الجزيرة)

بدل عدوى

ومع تزايد معدلات الإصابة بفيروس كورونا، يتساءل عضو نقابة العاملين بالهيئة العامة للنظافة حسين الأبيض، قائلا "لماذا لا تصرف الدولة للعاملين بهيئة النظافة بدل عدوى أسوة بالأطباء، خاصة أنهم دائما ما يعملون في الميدان وفي خط النار أمام كورونا".

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول الأبيض إن نقابة العاملين بالتنظيف وتجميل القاهرة سبق لها في أبريل/نيسان الماضي أن أرسلت إلى محافظة القاهرة طلب اعتماد وتوفير كمامات، وصرف بدل عدوى للعاملين في الميدان، أسوة بالهيئات الخدمية التي تعمل في مجالات الخدمة العامة، إلا أنهم لم يجدوا ردا شافيا، حيث جاء الرد بأنه سيتم بحث إمكانية توفير الاعتماد المالي.

بدوره يقول عامل النظافة محمد "للأسف نحن مهمشون ولا توجد نظرة من المسؤولين لأبسط حقوقنا، في ظل النظرة النمطية السلبية عن عمال النظافة. فنحن أكثر الفئات المعرضة للإصابة بالفيروسات الوبائية لطبيعة التعامل مع المخلفات والقمامة".

وفي حديثه للجزيرة نت، لفت محمد إلى أن الكثير من جامعي القمامة أصيبوا بفيروسات مثل "سي، وإنفلونزا الخنازير" خلال الأعوام الماضية أثناء تفشي تلك الفيروسات.

عمال النظافة يعملون بأياد عارية في عصر كورونا بمصر - الجزيرة نت
عمال النظافة يشتكون من النظرة السلبية تجاههم، خاصة أنهم من أكثر الفئات المعرضة للإصابة بالفيروسات بسبب تعاملهم يوميا مع المخلفات والقمامة (الجزيرة)

نتائج مخيفة

من جهته، يقول شحاتة المقدس نقيب جامعي القمامة "منذ بداية الأزمة طرقنا باب الحكومة للمطالبة بوسائل الوقاية من فيروس كورونا، خاصة مع صعوبة الوضع بسبب عدم اعتياد الكثير من المواطنين على إلقاء المخلفات الطبية كالكمامات وغيرها في أكياس منفصلة".

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف شحاتة "يقع علينا عبء التخلص من المخلفات الخطيرة في أنحاء الجمهورية، وهو ما يجعلنا من أكثر الفئات تعرضا لخطر العدوى بعد الأطباء، ورغم هذا فلا يوجد اهتمام واضح مما يجعل فكرة العدوى لجامعي القمامة مخيفة لآثارها التراكمية عليهم وعلى عائلاتهم، خاصة أنهم يقطنون في مناطق عشوائية مثل الزرايب في منشأة ناصر بالقاهرة".

وأوضح أنه رغم مناشدة الدولة لتقديم الدعم من خلال توفير كمامات وقفازات وأحذية بلاستيكية خاصة لجميع جامعي القمامة، خاصة العاملين في القطاع الحكومي، نظرا للتعامل المباشر مع المخلفات وضعف الرواتب، فإن السلطة لم تستجب، مضيفا "لم يسأل عنا أحد".

المصدر : الجزيرة