فيروس كورونا.. ارتباك أميركي بين الفتح والإغلاق مع تزايد الإصابات والوفيات

U.S. Struggles With Coronavirus Amid A Surge Of New Cases
طابور من السيارات أمام مركز لفحوص الكشف عن فيروس كورونا في مدينة لوس أنجلوس (الصحافة الفرنسية)

قبل بضعة أيام، وعلى صفحات صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركي، تفاخر مايك بنس نائب الرئيس الأميركي بانخفاض أعداد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد.

وسخر بنس ممن يطلق "أجراس الإنذار" من استمرار انتشار الفيروس، قائلا "نحن نكسب المعركة"، إلا أن الأيام التالية حملت أنباء لا تؤيد تفاؤل نائب الرئيس الأميركي.

فما هي إلا أيام على تصريح بنس حتى تغيرت الأوضاع داخل الولايات المتحدة، وأعلنت جامعة جون هوبكنز التي تتابع الوضع الوبائي عن كثب، منتصف أمس الجمعة وفاة 2494 شخصا وإصابة 45 ألفا و992 شخصا خلال 24 ساعة بسبب جائحة كورونا المستجد.

ويعد ذلك رقما قياسيا جديدا في أعداد الإصابات المسجلة في يوم واحد في الولايات المتحدة وصل معها إجمالي الإصابات إلى مليونين و470 ألف حالة وتوفي 126 ألف شخص، في حين تعافى 765 ألفا.

وتظهر هذه الأرقام ارتفاعا كبيرا في حالات الإصابة وأعداد الوفيات عقب توقع الكثير من الخبراء بدء السيطرة على انتشار الفيروس داخل البلاد، في حين تضاعف إدارة الرئيس دونالد ترامب من ضغوطها لإعادة تشغيل عجلة الاقتصاد قبل إجراء انتخابات الرئاسة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

جغرافيا الفيروس
انتقلت أكبر بؤر الإصابات في أميركا من الشرق، وتحديدا من ولايتي نيويورك ونيوجيرسي، إلى ولايات الجنوب والغرب الأميركي، حيث ارتفعت أعداد الإصابات والوفيات في ولايات فلوريدا وتكساس وأريزونا.

ويوضح الأستاذ المساعد في كلية الطب في جامعة هوبكنز خالد الشامي أن انتقال بؤر الفيروس "يعود بداية إلى عدم التزام هذه الولايات بالغلق التام في المراحل الأولى لانتشار الفيروس، ثم كان الاستهتار بتبعات المرض، وتجاهل إجراءات التباعد الاجتماعي، وأخيرا إعادة فتح الأنشطة التجارية مبكرا قبل السيطرة على انتشار الفيروس".

فقد أعادت ولاية تكساس فتح اقتصادها في 30 أبريل/نيسان الماضي، في حين أعادت فلوريدا وأريزونا فتح اقتصادهما في 4 مايو/أيار الماضي، وقد أعلن حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت أول أمس إيقاف "خطط لإعادة فتح الاقتصاد" في ثاني أكبر الولايات الأميركية سكانا، إذ يعيش فيها أكثر من 25 مليون شخص.

وأوضح حاكم تكساس الجمهوري المقرب من ترامب، أن "آخر ما نريد عمله هو العودة للوراء وإعادة إغلاق الاقتصاد، لأن ما يحدث الآن هو إغلاق مؤقت من أجل وقف انتشار الفيروس كي ندخل المرحلة التالية من فتح الاقتصاد".

وكانت ولاية تكساس الواقعة في الجنوب الأميركي الأوسط من أولى الولايات التي بدأت بإعادة فتح المؤسسات التجارية والاقتصادية. وسمحت الولاية مبكرا بإعادة فتح المطاعم وتناول الطعام داخلها، وإعادة فتح صالونات التجميل ودور السينما والمسارح والمراكز التجارية والصالات الرياضية، وهو ما نال استحسان ترامب مقابل انتقادات واسعة من الديمقراطيين.

Waiters at a restaurant adjust social distancing screens outside for outdoor seating a restaurant in New York City
عاملان بأحد المطاعم في نيويورك يرتبان بعض التعديلات لاحترام قواعد التباعد الاجتماعي قبل استقبال الزبائن (رويترز)

إعادة الإغلاق
وشهدت الساعات الأخيرة تراجع الكثير من المؤسسات الشهيرة عن خطط إعادة الفتح أو البيع المباشر للجمهور، فشركة ديزني لاند بولاية كاليفورنيا أوقفت كل خطط إعادة الفتح والتشغيل التي كان من المقرر أن تبدأ في 17 من الشهر المقبل، وأجّلت الأمر إلى موعد يحدد لاحقا.

وأعاد عملاق التكنولوجيا آبل إغلاق الكثير من المحال التي فتحها خلال الأسابيع الماضية في الولايات التي تشهد ارتفاع نسب الإصابات، خاصة في ولايات الجنوب والغرب، ثم تبعته شركة مايكروسوفت التي أعلنت أمس الجمعة أنها ستغلق جميع متاجرها البالغ عددها 83، وستنتقل إلى البيع الإلكتروني فقط.

من ناحية أخرى، دافعت إدارة ترامب عن خطط إغلاق 13 مختبرا للكشف عن فيروس كورونا تمولها الحكومة الفدرالية بنهاية الشهر الجاري، ويفوق عدد هذه المراكز في الولايات المتحدة الـ 40، وقد أرجع الرئيس الأميركي زيادة أعداد الإصابات بين الأميركيين بفيروس كورنا إلى زيادة اختبارات الكشف عن الفيروس، والتي تخطت 30 مليون اختبار حتى الآن.

ويرى الشامي أن ما قاله الرئيس ترامب صحيح، لافتا إلى أنه لا يمكن قبول تخفيض أعداد الاختبارات كي نخفض أعداد الإصابات، لأن هذه مسألة تتعلق بحياة ملايين البشر، ويجب ألا تخضع لحسابات السياسة أو الانتخابات.

يرى الشامي أن زيادة المصابين من الشباب الأميركي بفيروس كورونا "يعود لسلوكم وحماسهم للعودة سريعا إلى المطاعم والمقاهي والأندية الليلية والحفلات، وعدم التزامهم بإجراءات التباعد الاجتماعي"

ويضيف الشامي أن زيادة المصابين من الشباب الأميركي "يعود لسلوكم وحماسهم للعودة سريعا إلى المطاعم والمقاهي والأندية الليلية والحفلات، وعدم التزامهم بإجراءات التباعد الاجتماعي".

فاوتشي محبط
وكان أنتوني فاوتشي كبير الخبراء الحكوميين في خلية أزمة كورونا بالبيض الأبيض عبّر عن تشاؤمه أمام الكونغرس، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تشهد "زيادة مزعجة" في أعداد الإصابات والوفيات الجديدة بسبب الفيروس.

وقال فاوتشي إنه محبط من الإخفاق في وقف الانتشار المستمر للفيروس بسبب عدم احترام كثيرين للإرشادات الصحية التي يوصي بها الخبراء.

وحذر المسؤول الأميركي من احتمال أن تواجه بلاده في الشتاء المقبل موجة ثانية من الجائحة أكثر خطورة من الحالية.

المصدر : الجزيرة