ما رؤية تركيا ومساعيها للحل السياسي في ليبيا؟

Turkey's Foreign Minister Cavusoglu and Siyala, foreign minister in Libya's new U.N.-backed national unity government, attend a joint news conference in Tripoli
الوفد التركي أعلن -دون إعطاء تفاصيل كافية- عن بحثه وقف إطلاق النار والحل السياسي الدائم والجهود الدولية الواسعة (رويترز)

في ظل اشتداد الحراك السياسي الدولي، يبدو أن أنقرة اعتمدت في الفترة الأخيرة أسلوب التكتم والمفاجأة في خطواتها السياسية والميدانية المتعلقة بالملف الليبي؛ فوصول وفد كبير ورفيع إلى طرابلس دون إعلان مسبق، ثم تصريحات وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو المقتضبة التي أعقبت الزيارة، من مؤشرات الأسلوب التركي الجديد في التعاطي مع الشأن الليبي.

ومن دون تفاصيل، أعلن جاويش أوغلو بحثه مع المسؤولين الليبيين سبل تحقيق وقف إطلاق نار دائم في لبيبا، والتوصل لحل سياسي دائم، فضلا عن تقييمهم للجهود التي ستقوم بها تركيا تحت سقف الأمم المتحدة، ومنها الخطوات التي ستتخذها مع المجتمع الدولي.

ومما لا شك فيه أن زيارة وفد تركي رفيع بهذا الحجم اللافت إلى طرابلس، لم تكن للتشاور وبحث مسائل اقتصادية فحسب، وإنما لترتيب مستقبل ليبيا السياسي.

تفاوض مع شخصيات بشرق ليبيا

وقبيل وصول الوفد التركي إلى طرابلس، ذكر مصدر تركي للجزيرة نت أن الوفد سيبحث مع حكومة الوفاق آليات التفاوض مع شخصيات ليبية في بنغازي، ومع القوى الدولية الفاعلة وفي مقدمتها روسيا وأميركا، ولا سيما أن الوفد يضم وزير الخارجية، والمدير العام لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في الوزارة يونس ديميرال، إضافة إلى سفر توران كبير مستشاري الرئيس.

وتزامنت هذه الزيارة إلى طرابلس مع تحرير كامل الغرب الليبي وانتزاعه من أيدي قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وفي هذا السياق، ذكر القيادي في حزب العدالة الحاكم بيرول ديمير أن زيارة الوفد التركي الأخيرة كانت خطوة لتمهيد الطريق نحو حل سياسي في ليبيا، وفق رؤية أنقرة وطرابلس.

وفي معرض رده على سؤال عن أية مبادرة قدمها الوفد التركي لليبيين حول وقف النار؟ أجاب ديمير للجزيرة نت أن "تصريحات وزير الخارجية لم تتضمن كلمة مبادرة ببنود معينة، لكننا سنتعاون مع واشنطن في الفترة المقبلة، خاصة أنها تتفق معنا في معظم نقاط رؤيتنا للحل هناك".

Libyan commander Khalifa Haftar meets Greek Prime Minister Kyriakos Mitsotakis (not pictured) at the Parliament in Athens (رويترز)
بيرول ديمير: حفتر إما أن يُقتل في المعارك الدائرة أو يُحاكم كمجرم حرب على الجرائم التي ارتكبها بحق الليبيين (رويترز)

لا مستقبل لحفتر بليبيا

وقال إن المعني بالحل السياسي في شرق ليبيا ليس حفتر، فوجوده غير مقبول في أي تسوية سياسية، كما أنه لا يوجد أي مستقبل لحفتر في ليبيا، فإما أن يُقتَل في المعارك الدائرة أو يُحاكم كمجرم حرب على الجرائم التي ارتكبها بحق الليبيين.

وأضاف ديمير أن المعني بالحل السياسي في شرق ليبيا هو برلمان طبرق الذي "نتوقع أن يكون له دور سياسي أكثر فاعلية وإيجابية خلال الأيام المقبلة"، مشيرا إلى أنهم يشجعون الأطراف الليبية على الوصول إلى حل سياسي بأسرع وقت.

غطاء دبلوماسي لليبيا

واستمر ديمير يقول "في مواجهة فرنسا وروسيا ومصر، منحنا الغطاء الدبلوماسي لحكومة الوفاق في المحافل الدولية التي سنواصل دعمها".

ولفت القيادي في الحزب الحاكم إلى أن تركيا تبحث عن حل سياسي في أسرع وقت في ليبيا، وأنها دعمت منذ البداية جميع المبادرات الهادفة للتوصل إلى الحل عبر الحوار بين الأطراف المختلفة.

وأوضح أن حفتر لم يتعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ومؤتمر برلين، لذلك فإن تركيا ستدعم أي مبادرة أو مؤتمر يستثنيه، ولديها تفاهم حول هذه المسألة مع الولايات المتحدة التي بدأت تضع مع تركيا الخطوط العامة لرؤية مشتركة حول الحل في ليبيا.

قضية خاشقجي.. ماذا بعد لقاء أردوغان وترامب في باريس؟ (الجزيرة)
مصدر بالرئاسة التركية: أنقرة وواشنطن تعملان على بلورة مبادرة جديدة تتضمن إنهاء الانقسام في ليبيا وتشكيل حكومة شرعية تبسط نفوذها على كامل التراب الليبي وتستثني حفتر من المشاركة (الجزيرة)

وأكد ديمير ان وجود حفتر في العملية السياسية ربما يعيقها، لأنه سيواجه قضايا في المحاكم الدولية تتعلق بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

إنهاء الانقسام

وكشف مصدر في دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية للجزيرة نت، عن أن أنقرة وواشنطن تعملان على بلورة مبادرة جديدة تتضمن إنهاء الانقسام في ليبيا وتشكيل حكومة شرعية تبسط نفوذها على كامل التراب الليبي وتستثني حفتر من المشاركة فيها، حيث ستضغط واشنطن على دول أوروبية وعربية لدعم المبادرة كما ستضغط تركيا على روسيا أيضا.

وكان جاويش أوغلو قد أكد على التقارب الإيجابي في وجهات النظر بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي دونالد ترامب فيما يتعلق بالملف الليبي، مضيفا أن "أردوغان وجه لنا التعليمات للعمل المشترك مع الولايات المتحدة في ليبيا".

وفي الثامن من الشهر الجاري، بحث أردوغان مع ترامب عددا من الملفات والقضايا الثنائية وعلى رأسها ليبيا وسوريا، وقال أردوغان في مقابلة على قناة "تي آر تي" التركية بعد الاتصال مع ترامب، إن بإمكانه القول إن مرحلة جديدة ستبدأ بالنسبة إلى لتركيا.

التفاهم مع أميركا

وقال ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي -في حوار سابق مع الجزيرة نت- إن تفاصيل التفاهم مع ترامب سيجري الإعلان عنها في الوقت المناسب، لكن تفوّق حكومة الوفاق جعل ترامب يقترب من الرؤية التركية لحل الصراع هناك.

يُذكر أنه في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقّع أردوغان مذكرتي تفاهم مع رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية فايز السراج، تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.