الاحتجاجات ضد الشرطة الأميركية.. لماذا تدعمها أغلبية البيض؟

Protesters Demonstrate In D.C. Against Death Of George Floyd By Police Officer In Minneapolis
خلال مظاهرة في واشنطن مطلع الشهر الجاري (الفرنسية)

عبرت أغلبية من الأميركيين عن تأييدها لموجة الاحتجاجات التي اندلعت في أكثر من 700 مدينة أميركية في كل ولاياتها الـ 50، لتدين ممارسات رجال الشرطة البيض ضد السود عقب حادثة مقتل جورج فلويد قبل ثلاثة أسابيع.

وشارك في المظاهرات ديمقراطيون وجمهوريون ومستقلون، وامتدت المظاهرات من ولايات اكتسحها الرئيس دونالد ترامب في انتخابات 2016 مثل لويزيانا وتكساس، إلى ولايات انهزم فيها ترامب بسهولة واضحة مثل نيويورك وكاليفورنيا.

وأظهر استطلاع للرأي، أجرته صحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي على 1004 أميركيين، تأييد أغلبية ساحقة من الأميركيين للاحتجاجات ضد ما وصف بتوحش الشرطة وعنصريتها عقب مقل جورج فلويد قبل ثلاثة أسابيع، على يد رجال شرطة من البيض في ولاية مينيسوتا، في حين عبر 64% من المستطلعين عن رفضهم للطريقة التي تعامل بها ترامب مع الحادثة وتبعاتها.

وأشار 69% من المستطلعين إلى أن قتل فلويد يؤكد أزمة عنصرية حقيقية بين أفراد الشرطة، وارتفعت هذه النسبة عن مثيلتها عام 2014 عقب مقتل مايكل براون الرجل الأسود غير المسلح في مدينة فيرغسون بولاية ميسوري حين عبر 43% من الأميركيين عن وجود أزمة عنصرية حقيقية بين أفراد الشرطة.

وارتفعت نسبة المؤيدين بين البيض لوجود أزمة عنصرية بصورة واضحة بمقدار 33%.

تفاوت التأييد الحزبي
وتفاوتت نسب تأييد المظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت في مئات المدن الأميركية على حسب الانتماء الحزبي، ففي حين بلغت نسبة التأييد بين الديمقراطيين 87%، بلغت نسبة المؤيدين 53% بين الجمهوريين، وبلغت 76% بين المستقلين.

وتشير دراسة استطلاعية أجرتها جامعة ستانفورد على المحتجين في ثلاث مدن هي واشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس إلى أن "الغالبية العظمى من المتظاهرين كانت من الشباب الأبيض المتعلم من طلاب الجامعات وحديثي التخرج".

وأشارت الدراسة إلى أن نسبة المتظاهرين البيض في مدينة نيويورك بلغت 61%، في حين بلغت بواشنطن 65% ووصلت النسبة في لوس أنجلوس إلى 53%.

ولم تقتصر مشاركة البيض على التظاهر، إذ كشفت الدراسة إلى حديث الشباب الأبيض بدرجة كبيرة عن أصدقائهم السود لعائلاتهم وجيرانهم.

وامتدح أستاذ العلوم السياسية بجامعة ستانفورد حكيم جيفرسون فعاليات التظاهر التي "جمعت المتظاهرين البيض إلى جوار السود في المظاهرة نفسها، وهو ما لا يحدث في الظروف العادية، إذ يعيش الطرفان في مناطق متباعدة".

دعم البيض لحقوق السود
وعبرت استطلاعات اتجاهات الرأي العام المتعلق بالمظاهرات الأخيرة إلى وجود تحول كبير في توجه الرأي العام الأميركي تجاه قضية عنصرية الشرطة البيضاء ضد الرجال السود.

وطبقا لما رصده أندرو إنغلهارت، باحث الدكتوراه بجامعة براون، فقد "أصبح هناك تحول سريع ومفاجئ، إذ يقود الشباب الأبيض الليبرالي الرأي العام الأميركي، وارتبط بذلك كثير من التعاطف مع السود الأميركيين".

وأشار باحثو جامعة ستانفورد إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع المتظاهرين البيض كانوا أقل من 34 عاما من العمر، وأكمل 82% منهم تعليمه الجامعي.

ودفعت وحشية عملية قتل جورج فلويد وبث الفيديو الخاص بها إلى إدراك فئات متزايدة من المجتمع الأميركي لعمق وتعقيدات أزمة العنصرية تجاه السود.

ويشير بحث استقصائي يرصد التظاهرات داخل الولايات المتحدة أجرته جامعتا هارفارد وكونيتيكت، إلى أنه ومنذ وصول ترامب لسدة الحكم عام 2017، وصل إجمالي عدد المتظاهرين إلى 27 مليونا في مناسبات عدة، بداية من مظاهرات تنصيبه ومظاهرات الحركات النسائية والمظاهرات المناوئة لوحشية الشرطة.

من جهة أخرى، أشار استطلاع للرأي أجرته جامعة مونماوث إلى أن 71% من الأميركيين البيض اعتبروا أن العنصرية والتمييز ضد السود يعدان من المشاكل الكبرى والحقيقية داخل الولايات المتحدة. وأجري الاستطلاع على 807 أميركيين تليفونيا خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري.

في حين كشف استطلاع موسع للرأي أجراه معهد بيو للأبحاث على 9654 أميركيا -خلال الفترة من 4 إلى 10 من الشهر الجاري- إلى وجود عدة عوامل دفعت بالبيض للتظاهر دعما لحقوق السود وضد عنصرية رجال الشرطة البيض.

وجاء على رأس هذه العوامل طريقة قتل جورج فلويد، في حين مثّل التوتر في علاقات الأقليات والشرطة دافعا آخر للتظاهر، وجاءت طريقة تعامل الشرطة مع السود بالمرتبة الثالثة في عوامل دفع البيض للتظاهر.

وعبر 67% من الأميركيين عن دعمهم لحركة "حياة السود مهمة"، إذ بلغت تلك النسبة بين السود 86%، في حين بلغت لدى البيض 60% فقط.

المصدر : الجزيرة