حزب الجماعة الإسلامية بمصر.. مواقف معتدلة ومبادرات لم تحل دون حكم الإعدام

المحكمة الإدارية العليا قررت حل حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية بمصر

بعد سنوات من الجدل السياسي، وبلاغات للنائب العام، وتداول القضية في أروقة المحاكم في أعقاب انقلاب يوليو/تموز 2013، قرر القضاء المصري حلّ حزب "البناء والتنمية"، الجناح السياسي للجماعة الإسلامية.

جاء ذلك بعد قبول دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة أمس السبت طلب لجنة شؤون الأحزاب السياسية (حكومية) حل حزب البناء والتنمية، وتصفية أمواله وإحالتها للخزانة العامة.

واتهمت لجنة شؤون الأحزاب السياسية الحزب بمخالفة البنود ثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 12 لسنة 2011، وهو ما نفاه الحزب مرارا.

وتشترط المادة الرابعة في جزء من نصها "عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور أو مقتضيات حماية الأمن القومي المصري، أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديمقراطي".

وكانت هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا قد أوصت في جلسة سابقة بقبول الطعن وحل حزب البناء والتنمية، استنادا على مزاعمها بتمويله الجماعات الإرهابية، وانتماء عدد من الجماعات الإرهابية له، على حد قولها.

وفي يونيو/حزيران 2017، قرر حزب البناء والتنمية قبول استقالة رئيسه طارق الزمر عقب إدراج اسمه في قائمة الإرهاب التي أصدرتها مصر والإمارات والسعودية والبحرين عقب فرضهم حصارا على قطر، مشيرا إلى أنه "دائما يدعو إلى سلمية المعارضة ووحدة الصف الوطني والمصالحة المجتمعية الشاملة".

قرار سياسي
وفي معرض تعليقه، وصف الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المصري طارق الزمر المبررات التي ساقتها لجنة شؤون الأحزاب بالملفقة، مشيرا إلى أن اتهام الحزب بالإرهاب هو ادعاء لا يوجد عليه دليل واحد، ويتعارض مع مبادئ وأدبيات الحزب.

وفي تصريح للجزيرة نت أكد الزمر أن الحكم ليس مستغربا، فالنظام العسكري الحاكم لا يقبل بأي معارضة، حتى وإن كانت تدعو بالعقل والحكمة لإنهاء حالة الاحتقان السياسي، متهما النظام الحاكم بإقصاء الجميع من خلال تلفيق التهم جزافا ووصمهم بالإرهاب.

وبشأن الخطوة المقبلة للحزب، أشار إلى أن "قيادة الدفة متروكة لقيادة الحزب بالداخل (مصر)، خاصة بعد أن تقدمتُ باستقالتي من رئاسة الحزب في مايو/أيار 2017 حتى لا أترك لهم (النظام) مبررا لحل الحزب".

وعدد الزمر مواقف الحزب خلال مسيرته، التي أكد أنها لم تنته بعد، واصفا إياها بالمواقف التاريخية لإعلاء المصلحة العامة، فهو الحزب الذي تنازل عن مقاعده في الجمعية التأسيسية للدستور عام 2012 لصالح القوى الليبرالية، وهو الحزب الذي تبنى مشكلات الأقباط والدفاع عنها باعتبارها مطالب وطنية وليست طائفية، وغيرها من المبادرات الوطنية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، نشرت الجريدة الرسمية في مصر حكما أصدرته محكمة جنايات القاهرة بإدراج الجماعة الإسلامية على قائمة الكيانات الإرهابية.

وقضت المحكمة بإدراج الجماعة الإسلامية على قائمة الكيانات الإرهابية، وإدراج 164 من قيادات وأعضاء هذه الجماعة على قائمة الإرهاب لمدة خمس سنوات.

الزمر: حل حزب البناء والتنمية ليس مستغربا؛ فالنظام العسكري الحاكم لا يقبل بأي معارضة
الزمر: حل حزب البناء والتنمية ليس مستغربا، فالنظام العسكري الحاكم في مصر لا يقبل بأي معارضة

تأميم العمل السياسي
بدوره، استنكر المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية خالد الشريف القرار، قائلا إن "السلطة الحالية قتلت السياسة في مصر وأممتها لصالح الحاكم"، مشيرا إلى أن حزب البناء والتنمية أثرى العمل السياسي، وأطلق 15 مبادرة سياسية لحل الأزمة في مصر، وكان آخرها مبادرة حل الأزمة في سيناء، لكن ثبت للجميع أن السلطة لا تريد حلولا سياسية للأزمات.

وفي حديثه للجزيرة نت أكد أن الحزب اتخذ كل الإجراءات القانونية ورد بالأسانيد والأدلة على مذكرة لجنة الأحزاب، ولم يثبت تورط أحد من قادة الحزب ولا أعضائه في العنف، بل على العكس من ذلك كان يسعى دائما إلى محاربة العنف والأفكار المتطرفة، وكان صاحب تجربة رائدة في المراجعات الفكرية والاندماج في الحياة السياسية.

بدوره رأى الباحث المصري في شؤون الحركات الإسلامية أحمد مولانا أن الحكم يأتي ضمن سياق تأميم العمل السياسي في مصر بعد الانقلاب، وخطوات تنفيذ ذلك تمت بشكل تدريجي، وصولا إلى توقيف بعض من يعارضون النظام مع إقرارهم بشرعيته مثلما حدث في قضية تنظيم الأمل المحبوس على ذمتها زياد العليمي وآخرون.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن قرار الحل هو تحصيل حاصل من الناحية السياسية بشكل عام، وإن كان يمثل تصعيدا من النظام ضد الجماعة الإسلامية التي تحرص على تبني لغة هادئة تجاه النظام.

أعضاء بالبرلمان المصري طالبوا بحل جميع الأحزاب الإسلامية
أعضاء في البرلمان المصري طالبوا بحل جميع الأحزاب الإسلامية

مخالف للدستور
في المقابل، وصف النائب في البرلمان المصري محمد عبد الله زين الدين حلّ حزب البناء والتنمية بالصفعة على وجه كل التيارات والجماعات والكيانات الإرهابية والتكفيرية وفي مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية، حسب قوله.

وقال زين الدين في بيان رسمي إن "هذا الحكم حسم ملف الأحزاب القائمة على أساس ديني "، مطالبا بحل جميع الأحزاب القائمة على أساس ديني والتي تضم عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية وجميع التنظيمات والجماعات والتيارات الإرهابية التي خرجت من رحم هذه الجماعة "المارقة" خاصة أن الدستور يحظر إنشاء أحزاب سياسية على أساس ديني، حسب تعبيره.

وكانت الجماعة المصرية الإسلامية أعلنت في يونيو/حزيران 2011 إنشاء حزب التنمية والبناء، جناحها السياسي الرسمي، من خلال عدد من الأعضاء البارزين في الجماعة الإسلامية في مصر، على رأسهم طارق الزمر وصفوت عبد الغني.

ومن أبرز البنود في برنامج الحزب، دعم نظام سياسي جديد يقوم على مبادئ الحرية والعدالة والتعددية والمساواة والتداول السلمي للسلطة، وتشجيع الإصلاح القانوني والدستوري والسياسي، والتطبيق الحديث للشريعة الإسلامية.

المصدر : الجزيرة