توماس فريدمان: كيف دمرنا العالم.. الجشع والعولمة مهّدا للكارثة

يرى الكاتب الأميركي توماس فريدمان أن جشع الإنسان والعولمة وضعا العالم أمام كارثة، ويقول إن الأسابيع الأخيرة كشفت مدى هشاشة هذا العالم، وإن الإنسان هو السبب في هذه الأوضاع الخطيرة.

ويوضح فريدمان -في مقال مطول نشرته له صحيفة نيويورك تايمز الأميركية- أن الإنسان بقي على مدار العقود الماضية يعمل باستمرار على إزالة الموارد المؤقتة والطبيعية واللوائح والمعايير التي توفر المرونة والحماية، عندما تتعرض الأنظمة الكبيرة -سواء كانت بيئية أو جيوسياسية أو مالية- للتوتر، ويضيف "لقد قمنا بإزالة هذه المخازن المؤقتة بتهور وكنا نتصرف بطرق متطرفة، وندفع وننتهك الحدود السياسية والمالية".

ويعود الكاتب إلى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، ويقول إن تلك الضربات المباشرة على البرجين التوأمين أدت إلى أزمة اقتصادية وجغرافية وسياسية عالمية انتهت بإنفاق الولايات المتحدة عدة تريليونات دولار، وإلى غزو بلدان في الشرق الأوسط، حيث أطاحت هي وحلفاؤها بحكام العراق وأفغانستان، على أمل تحفيز مزيد من التعددية السياسية والتعددية بين الجنسين والتعددية الدينية والتعليمية، الأجسام المضادة للتطرف والاستبداد.

ويشير إلى الركود الاقتصادي الكبير الذي شهده العالم في 2008، ويقول إن فقاعة الإسكان والرهون العقارية عندما انفجرت ولم يستطع العديد من أصحاب المنازل دفع رهونهم العقارية، أصابت العدوى المالية أعدادا هائلة من البنوك العالمية وشركات التأمين، فضلا عن ملايين الأمهات والآباء.

إعلان

وباء واكتئاب

ويقول إنه نظرا لأن النظام المالي العالمي كان أكثر ارتباطا وفاعلية من أي وقت مضى، فإن عمليات الإنقاذ الضخمة من جانب البنوك المركزية فقط هي التي حالت دون حدوث وباء واكتئاب اقتصاديين كاملين، جراء فشل البنوك التجارية وأسواق الأسهم.

ويرى الكاتب أنه كانت هناك دوما مؤشرات وإرهاصات تدل على اقتراب احتمالات حدوث الأزمات العالمية الكبرى.

ويأتي الكاتب إلى فيروس كورونا، ويقول إنه كان هناك علامة تحذير من هذا الوباء ممثلة في وباء سارس الذي ظهر في إحدى المقاطعات بجنوب الصين عام 2002.

ويشير إلى أن سارس انتشر في غضون أشهر في أكثر من عشرين دولة في أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأوروبا وآسيا قبل احتوائه.

ويرى فريدمان أن الأوبئة انتقلت إلى البشر "لأننا كنا ندفع بالمراكز السكانية الحضرية العالية الكثافة بشكل أعمق إلى مناطق البرية، مما أدى إلى تدمير هذا المحجر الطبيعي واستبداله بمحاصيل أحادية وخرسانة".

موائل طبيعية

ويقول إنه عند تسريع التنمية بطرق تدمر المزيد والمزيد من الموائل الطبيعية، فإن التوازن الطبيعي للأنواع ينهار بسبب فقدان الحيوانات المفترسة والأنواع الأخرى، مما يؤدي إلى تكييف الأنواع الأخرى للعيش في الموائل التي يهيمن عليها الإنسان.

ومن ذلك الجرذان والفئران وغيرها والتي تستضيف معها غالبية الفيروسات المعروفة التي يمكن أن تنتقل إلى البشر.

ويقول الكاتب إنه عندما يتم بعد ذلك اصطياد هذه الحيوانات وحبسها ونقلها إلى الأسواق، خاصة في الصين وأفريقيا الوسطى وفيتنام حيث يتم بيعها طعاما أو أدوية للطب التقليدي أو حيوانات أليفة- فإنها تعرض البشر للخطر.

كما يحذر الكاتب من أن هناك كارثة مناخية عالمية تلوح في الأفق، ويقول إنه سيكون من الحكمة أن ننشغل في الحفاظ على جميع المخازن البيئية التي منحتنا إياها الطبيعة، حتى نتمكن من إدارة الآثار التي لا يمكن تجنبها حاليا لتغير المناخ والتركيز على تجنب العواقب التي لا يمكن السيطرة عليها.

إعلان

عدم التعاون

ويقول فريدمان "لقد قررنا إزالة المخازن المؤقتة باسم الكفاءة، قررنا أن نترك الرأسمالية تتدفق وتقلص قدرات حكومتنا عندما كنا في أمس الحاجة إليها، قررنا عدم التعاون مع بعضنا بعضا في وقت الجائحة، قررنا إزالة الغابات من الأمازون، قررنا غزو النظم البيئية البكر واصطياد الحيوانات البرية".

ويقول إن الدرس الأهم هو أن العالم بينما يتشابك بشكل أكثر عمقا، فإن سلوك الجميع والقيم التي يجلبها كل منا إلى هذا العالم المترابط، تصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.

ويختتم بأن القاعدة الذهبية تتمثل في أن تفعل للآخرين ما تريدهم أن يفعلوا لك، وأن هناك المزيد من الناس في أماكن متعددة يمكنهم أن يتعاونوا أكثر من أي وقت مضى.

المصدر : الجزيرة + نيويورك تايمز

إعلان