إلغاء إعفاءات العقوبات النووية.. نعي للاتفاق النووي أم فرصة لكسر هيمنة أميركا؟

الجزيرة نت-طهران
رأت أوساط إيرانية أن قرار واشنطن إلغاء الاستثناءات من العقوبات بخصوص برنامج طهران النووي، فخّ للقضاء نهائيا على الاتفاق النووي، في حين اعتبر آخرون أن الفرصة سانحة أمام روسيا والصين لكسر الهيمنة الأميركية من خلال وقوفهما إلى جانب طهران.
ورد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي على قرار إنهاء الإعفاءات النووية، بأنه لن يؤثر على برنامج بلاده النووي، مضيفا أن القرار جاء في وقت تحقق فيه طهران أهدافها في بيع منتجاتها النفطية لفنزويلا والحضور في المياه الدولية، فضلا عن تقدمها الكبير في الصناعة النووية.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن أن واشنطن قررت إلغاء الإعفاءات من العقوبات الأميركية التي تستفيد منها بعض الشركات الأجنبية العاملة على المشاريع النووية في إيران، مضيفا أن القرار يشمل تطوير مفاعل أراك وإمداد مفاعل طهران للبحوث باليورانيوم المخصب وتصدير وقود المفاعلات الإيرانية المستهلك.
فخ ومؤامرة
من جانبه، يرى الباحث الإيراني في الشؤون الدولية نوذر شفيعي، الخطوة الأميركية فخا لاستدراج بلاده إلى اتخاذ قرارات صعبة للقضاء نهائيا على الاتفاق النووي، مؤكدا أن لجوء واشنطن إلى الضغط على أطراف الاتفاق النووي لعدم التعامل مع طهران يدل على فشل سياسة أقصى الضغوط الأميركية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أشار إلى أن قرار واشنطن إلغاء الاستثناءات من العقوبات بخصوص النووي الإيراني، يأتي تمهيدا لغايتها الرئيسة بتمديد حظر الأسلحة على إيران، مضيفا أن الأخيرة غيّرت اللعبة بخفض التزاماتها في الاتفاق دون الخروج منه، وهذا ما لا ترغب فيه أميركا.

ووصف قرار واشنطن الأخير بأنه آخر مسمار في نعش الاتفاق النووي، مؤكدا أن مطلب الولايات المتحدة في الوقت الراهن هو قيام طهران بخطوة تمكّن واشنطن من تفعيل آلية النزاع وإعادة القرارات الأممية على طهران.
وخلص شفيعي إلى أن القرار الأميركي يستهدف كذلك كلا من روسيا والصين لتعاونهما مع البرنامج النووي الإيراني، وتوقع مسايرة الترويكا الأوروبية للسياسات الأميركية في الضغط على روسيا والصين تزامنا مع ممارسة الضغوط على إيران.
خشية التصعيد
وفي السياق، قرأ الباحث السياسي الإيراني سياوش فلاح بور الإعلان الأميركي في سياق سياسة أقصى الضغوط على طهران، واصفا الخطوة الأخيرة بأنها تمثل آخر أوراق الإدارة الأميركية لتسجيل إنجاز باسمها في الملف الإيراني قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأكد للجزيرة نت أن طهران ستتخذ خطوات متناسبة مع القيود الأميركية الجديدة في إطار الاتفاق النووي، لكنه استبعد تقديم بلاده مستمسكا لواشنطن، مؤكدا أن ردة فعل طهران ستتبعها قرارات أميركية جديدة، مما يرفع احتمالات الصراع بين الجانبين في المراحل المتقدمة.
وأضاف أن الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة تعتبر مفصلية بشأن الملف الإيراني، موضحا أن صراع الإرادات بين واشنطن وطهران سيكون العنوان الأبرز خلال الفترة المقبلة.
ورغم أن التصعيد بين إيران وأميركا لا يبشر بخير حسب قوله، اعتبر المتحدث أن خيار الحرب لا يصب في صالح الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى قبل الانتخابات المقبلة، محذرا من خروج التطورات عن السيطرة في المياه الخليجية وأعالي البحار.
وقال إن إيران اتخذت قرارا في أعلى المستويات بعدم التراجع قيد أنملة فيما يخص الاتفاق النووي أمام الضغوط الأميركية، واصفا الصمود الإيراني واستعداد قواتها المسلحة للرد على أي مغامرة أميركية بأنه أبعد شبح الحرب نسبيا عن بلاده حتى الآن.
خطأ وتبرير
من جهته، قال الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني، إن الولايات المتحدة هي أول الخاسرين في قرارها الأخير ضد طهران، مؤكدا أن واشنطن بررت لإيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% بعد حظر استيراده من روسيا.

وأكد للجزيرة نت أن قيود الإدارة الأميركية بشأن تطوير مفاعل أراك النووي لن تؤثر على برنامج طهران النووي، ولا سيما أنها قادرة على القيام بالمهمة بنفسها دون الحاجة إلى مساعدة الشركات الأجنبية.
واعتبر أن واشنطن ارتكبت خطأ في إعلانها إنهاء الإعفاءات من العقوبات النووية، موضحا أن القرار الأميركي يستهدف شركاء طهران في الاتفاق النووي -ولاسيما روسيا والصين- أكثر من استهدافه البرنامج النووي الإيراني.
فرصة سانحة
بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية رضا حجت أن خطوة واشنطن جاءت ردا على إصرار طهران رفض عقوباتها الاقتصادية وإرسال شحنات البنزين إلى فنزويلا، غير مكترثة بالتهديدات الأميركية، مؤكدا أن بلاده غيّرت سياستها من الدفاعية إلى الهجومية حيال أميركا.
وقال للجزيرة نت إن واشنطن ستكتفي بالضجة الإعلامية التي تثيرها عبر فرض العقوبات ضد طهران لصرف الأنظار عن فشلها في احتواء جائحة كورونا، وعدم تمكنها من احتجاز السفن الإيرانية المتجهة إلى فنزويلا رغم كل التهديدات التي أطلقتها على مرأى ومسمع من العالم.
ورأى حجت أن الفرصة سانحة أمام روسيا والصين لكسر شوكة الهيمنة الأميركية من خلال وقوفهما إلى جانب طهران التي أضحت في مقدمة الدول التي تتحدى الإدارة الأميركية، على حد قوله.