عقوبة أم إهانة؟.. "حلاقة الشعر" والتشهير بها يثير جدلا في العراق

حلاقة بالمجان فالشرطة "في خدمة الشعب"

طه العاني – الجزيرة نت

أثارت عقوبة "حلاقة الشعر" في العراق من قبل السلطات في حق بعض المخالفين أو المنتقدين للدولة جدلا وردودا واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها البعض نوعا من الإهانة وخاصة أن عناصر في الشرطة قامت بتصوير الحلاقة ونشرها عبر مواقع التواصل.

وخلال الأشهر الأخيرة تعرض ناشطون مدنيون للاعتقال وعقوبة الحلاقة بسبب مواقفهم أو انتقاداتهم للإدارات المحلية في بعض المدن، وكان آخرها اعتقال الشاب ياسين طعمة في بغداد وحلاقة شعر رأسه ولحيته وهو مقيد اليدين، وزاد من الأمر سوءا تصوير عملية الحلاقة بوضع مهين.

ومما زاد من حنق العديد من المتدخلين في مواقع التواصل نشر مقطع مرئي على مواقع التواصل الاجتماعي يوثق حادثة امتهان عناصر من الشرطة للشاب، وأشعل هذا المقطع غضبا في الشارع العراقي واستنكر ناشطون ومغردون هذا الإجراء واصفين ما جرى بأنه "غير قانوني".

وكان الشاب طعمة قد قام في وقت سابق بنشر تصوير له على مواقع التواصل ينتقد فيه أجهزة الشرطة، ويتهمهم بتلقي رشاوى للسماح له بافتتاح محله التجاري أثناء حظر التجوال الذي تشهده العاصمة بغداد في ظل الإجراءات لمنع تفشي فيروس كورونا.

والشهر الماضي اعتقلت أجهزة الشرطة في محافظة الأنبار (غربي العراق) الناشط محمد جاسم، وعمدت لحلق شعر رأسه، وذلك بعد نشره صور عن واقع مدينته وانتقاد الإدارة المحلية ودعوتهم إلى زيارة الأحياء السكنية ومشاهدة سوء الخدمات، وأثارت الحادثة في ذلك الوقت استياء كبيرا بين العراقيين.

جدل وانتقادات
وإزاء الحادثة الأخيرة اعتبر نشطاء ومحللون هذا التصرف خارجا عن القانون، فكتب المحلل السياسي هشام الهاشمي "أَصبَح للخروج عن القانون سوق وله من يشجع عليه ويخدمه، وله سجون سرية ومعلنة وله ضحايا كثر. وله لاهوت يحميه. وفي كلِّ مكان يخرق القانون" مشيرا إلى أن "مفرزة من الشرطة الاتحادية بدون أمر قضائي تعاقب شابا بحلق شعره خلافا للقانون، ومن العدل نزع هذه السلطة والبدلة عنهم وطردهم من الوظيفة".

من جانبه علق أستاذ القانون سامي الحمداني على الحادثة بالقول إنه في حال أن الشاب أخطأ وقام بمخالفة ما وقام بالتشهير بجهاز الشرطة عبر مواقع التواصل، فهذا ليس مبررا لجهاز في الدولة لمخالفة القانون والتعامل بشكل مهين مع مواطن، ولكن كان يجدر اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.

وطالب الحمداني بتوقيع الجزاء العاجل بحق المفرزة التابعة للشرطة التي قامت بامتهان الشاب.

وتساءل الصحفي زيد عبد الوهاب قائلا "هل باتت الشرطة "تحلق" الشعب؟".
كما وظف ناشطون رسم الكاريكاتير لانتقاد ما جرى في الحادثة، إذ نشر الرسام أحمد المندلاوي لوحة كاريكاتيرية وعلق عليها "حلاقة بلاش.. الشرطة في خدمة الشعب!".

وكتب مغرد آخر "الاتحادية (في إشارة للشرطة الاتحادية) في خدمتكم، حلاقة دلفري بدون مقابل، فالشرطة في خدمة الشعب".

تصرف فردي
واعتبر مغردون أن حوادث حلاقة الشعر من قبل الشرطة لا تعبر عن جهاز الشرطة العراقي وإنما في الغالب قد تكون تصرفات فردية من قبل بعض عناصره.

وتساءل المغرد آدم علي عن الحادثة قائلا "هل حلاقة الشخص المتهم صفرا وتصويره أمام الإعلام والتشهير به هي ضمن الإجراءات المسموح بها في القانون أم أنه تصرف فردي؟".

ويرى الموظف في وزارة الخارجية عباس الوائلي أن "هذه الإجراءات فردية ولا يمكن الاتفاق عليها" لافتا إلى أن الحكومة ردت على الحادثة من خلال وضع الأمور في النصاب القانوني الصحيح.

وعلق النائب البرلماني محمد شياع السوداني بالقول "عندما يصل الأمر بمن يمثل الدولة أن يتصرف تصرفا فرديا من دون الرجوع إلى القضاء، علينا التوقف وإعادة النظر بهذه المنظومات…".

رد اعتبار
ونشر الكاتب حسام عادل صورة للشاب ياسين مع الضابط في شرطة بغداد عزيز ناصر، وعلق عليها قائلًا "في خطوة رائعة لترسيخ ثقافة التعامل الحسن بين الشرطي والمواطن، الشرطة الاتحادية تعيد الابتسامة والاحترام والكرامة للمواطن ياسين جميل طعمة المعتدى عليه".

موقف الداخلية
بعد تداول صور الشاب ياسين في مواقع التواصل الاجتماعي وتحولها إلى قضية رأي عام، أمرت وزارة الداخلية بعزل آمر القاطع المسؤول عن حادثة الشاب والذي تجاوز عليه من قبل عناصر الشرطة الاتحادية.

وذكرت الداخلية في بيان لها أن الوزير الفريق أول الركن عثمان الغانمي "أمر بسجن أفراد المفرزة التي قامت بالتجاوز على المواطن وحلاقته وتصويره، وإحالتهم للتحقيق الفوري وعزل آمر القاطع".

وأكد الغانمي في بيان الوزارة على أنه سيستقبل المواطن في مكتبه، متوعدا "بمعاقبة من أساء إليه ليكونوا عبرة للآخرين في الانضباط واحترام كرامة المواطنين".

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي