وول ستريت جورنال: واشنطن تقترب من إنجاز اتفاق مع الخرطوم بشأن تفجيرات 1998

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن واشنطن اقتربت من إنجاز اتفاق مع الخرطوم بشأن التفجيرات التي نفذها تنظيم القاعدة ضد السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، مما سيمهد الطريق أمام رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التقارب يدخل في إطار جهود الولايات المتحدة لدعم الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين في السودان، بعد إطاحة القوات المسلحة العام الماضي بالرئيس عمر البشير الذي استولى على السلطة في عام 1989.
وفي وقت سابق من هذا العام، قام السودان بتسوية المطالبات المتعلقة بالإرهاب على أساس مزاعم بتقديم نظام البشير المساعدة للقاعدة في التفجير الانتحاري الذي نفذته عام 2000 ضد السفينة "يو إس إس كول" أثناء توقفها بعدن في اليمن.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية أمس الثلاثاء "بعد مفاوضات مكثفة، نعتقد أننا توصلنا إلى تفاهم مشترك مع السودان على معالم اتفاق مستقبلي بشأن المطالبات" المتعلقة بتفجيرات السفارتين.
تعويضات ضخمة
وعلى هذا الأساس، قال مساعد بالكونغرس إن الضحايا سيحصلون على أكثر من 300 مليون دولار، وإن هجمات عام 1998 في كينيا وتنزانيا قتلت المئات وجرحت الآلاف، بمن فيهم 12 أميركيا، مع الإشارة إلى أن كل مجموعة من الضحايا لديها تمثيل قانوني مختلف.
ورفضت المحكمة العليا أول أمس الاثنين بالإجماع مسعى السودان لحذف 4.3 مليارات دولار كتعويضات عقابية من 10.2 مليارات دولار حكمت بها محكمة اتحادية للضحايا ضد الخرطوم.
وتعتبر التسوية التي تفاوض عليها الولايات المتحدة هي الطريقة الأكثر معقولية لحصول الضحايا على تعويضات -حسب الصحيفة- وإن كان البعض يشكو من أن خطة الخارجية الأميركية لا تمنح إلا القليل للضحايا الأجانب، بحيث لا تتجاوز تعويضاتهم حوالي 10% من تعويضات الأميركيين.
ووفقا لمحامي المشتكين، ستدفع عشرة ملايين دولار لكل موظف حكومي كان مواطنا أميركيا عند قتله، مقابل 800 ألف دولار فقط لكل موظف حكومي قتل من الأجانب، في حين يتم تعويض كل مصاب من المواطنين الأميركيين بثلاثة ملايين دولار إلى عشرة ملايين، مقابل 400 ألف دولار لكل مصاب من الأجانب.
وقال دورين أوبورت -الذي عمل في السفارة الأميركية في نيروبي ويعيش الآن في تكساس- في بيان أفرج عنه المحامون "إن قيمة الحياة لا تعتمد على مكان ولادة الشخص"، مضيفا أن " الخارجية الأميركية تخون الضحايا الأميركيين والمبادئ الأميركية للمساواة وسيادة القانون التي وجد فيها الإرهابيون المدعومون من السودان تهديدا لهم قبل 20 عاما".
وقد حظيت هذه الشكاوى بتعاطف بعض المشرعين، مثل النائب بيني طومسون الذي قال في رسالة إلى رؤساء لجان مجلس النواب "إن هناك بعض دول الخليج التي قد تكون مستعدة لتقديم أموال التسوية من أجل تسهيل الأعمال المستقبلية في السودان".
وأضاف النائب أن "نظاما بمستويين لا يحترم خدمة الكينيين والتنزانيين الذين كانوا يعملون في سفاراتنا كموظفين في حكومة الولايات المتحدة سيكون خطأ ويتعارض مع القانون"، خاصة أن العديد من هؤلاء انتقلوا إلى أميركا وأصبحوا مواطنين.
وقال مسؤول بالخارجية الأميركية إن "الاتفاق قيد المناقشة سيضمن تعويضا كبيرا لكل من الضحايا من مواطني الولايات المتحدة وغير المواطنين في تلك الهجمات".
تسوية تنهي المطالب الأميركية
وقال المسؤول إن واشنطن بذلت قصارى جهدها لتأمين بعض التعويضات للمواطنين غير الأميركيين، وجعلت من ذلك أولوية "بالنظر إلى أن هؤلاء الرعايا الأجانب كانوا موظفين لدينا ومتعاقدين معنا".
وقال مساعد في الكونغرس إن خطة وزارة الخارجية قد تكون الفرصة الوحيدة للضحايا لاستعادة تعويضات من هذا البلد الفقير "لأن الحكومة الانتقالية في وضع ضعيف للغاية، وقد واجهت ردة فعل محلية عندما وافقت على دفع 30 مليون دولار لعائلات 17 بحارا أميركيا قتلوا في تفجير كول".
وقال مسؤول في وزارة الخارجية إن التسوية ستحل جميع مطالبات المواطنين الأميركيين، إلا أن واشنطن ليست لها سلطة إسقاط مطالبات الرعايا الأجانب عبر المحاكم.
ورغم كل شيء -كما تقول الصحيفة- فإن لدى الخرطوم أسبابها لاستعادة مكانتها في المجتمع الدولي بالخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما يمكنها من الوصول إلى الأسواق الدولية وإعادة هيكلة الديون المتراكمة عليها على مدى ثلاثة عقود.
كما أن لدى الولايات المتحدة أيضا أسبابها لاستعادة العلاقات مع السودان -كما تقول الصحيفة- لما يتيحه لها ذلك على مستوى الجغرافيا السياسية في منطقة إستراتيجية في شمال شرق أفريقيا على طول البحر الأحمر.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك لصحيفة وول ستريت جورنال في مقابلة سابقة إن بلاده يمكن أن تسمح للولايات المتحدة ببدء عملية لمكافحة الإرهاب في السودان على غرار النموذج الذي تستخدمه في منطقة الساحل.
وقالت الصحيفة إن حكومة حمدوك تحركت لإعادة تقويم علاقاتها الدولية مع حلفاء الولايات المتحدة، وأقامت علاقات أوثق مع إسرائيل، في خطوة أشاد بها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو.
وترفض وزارة الخارجية -حسب الصحيفة- القول إن هذه التسوية ستكون خطوة أخيرة لإزالة اسم السودان من القائمة، وما الذي يتعين على السودان أن يفعله بعدها، خاصة أن مسؤولين أميركيين عبروا في الأشهر الأخيرة عن إحباطهم من بطء وتيرة الإصلاحات.