التطبيع وسد النهضة من صلاحياته.. "مجلس الشركاء" بالسودان يعزز الانقسام بين العسكريين والمدنيين

مجلس الشركاء أثار انقسامات بين القوى المدنية والعسكر (الأناضول)

همسًا في مساء الخميس الماضي، بدأ وزراء في الحكومة السودانية وقوى الحرية والتغيير تسريبات للصحافة، برفضهم مجلس شركاء الفترة الانتقالية، بعد اطلاعهم على صيغة مرسوم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان قبل إصداره، والذي اعتبروه "فخا".

والمجلس -موضوع الخلاف- تتنوع التفسيرات بشأن صلاحياته، بين من يعتبرها تشاورية إلى من يراه جسما يقرر في قضايا مصيرية للسودان، منها قضايا مثل سد النهضة والتطبيع مع إسرائيل.

أولى التسريبات جاءت على لسان "مصدر رسمي"، يفيد بأن رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك لن يشارك في المجلس الذي نص على تكوينه تعديل في الوثيقة الدستورية تحت المادة "80".

وبحسب المصدر الرسمي، وهو وزير في حكومة حمدوك، فإن رئيس الوزراء اعترض على عدم تمثيل النساء بالقدر الكافي، والتجاوز في صلاحيات ومهام مجلس الشركاء.

وتعكس أزمة مجلس الشركاء بجلاء حالة انعدام الثقة بين المكونين المدني والعسكري في السلطة، مع دخول مكون ثالث هو حركات الكفاح المسلح، والذي تنظر إليه لجان المقاومة بعين الريبة.

كما عزز من تفاقم الأزمة ما وصف بـ"سطوة قوات الدعم السريع"، بعد أن استحوذ قائد قوة الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" وشقيقه عبد الرحيم على مقعدين من جملة 6 مقاعد منحت للمكون العسكري.

تحرك متأخر

ويبدو تحرك الحكومة وقوى الحرية والتغيير متأخرا في ظل تحفظات على إضافة المادة "80" منذ الشهر الفائت، أبداها القيادي في حزب البعث وتحالف قوى التغيير محمد وداعة، عندما اعتبر المادة انقلابا على الإعلان السياسي الموقع بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، ويمهد لحاضنة سياسية جديدة للحكومة.

وتنص المادة "80" التي أضيفت تحت بند "الوثيقة الدستورية تعديلات 2020″، على: "ينشأ مجلس يسمى مجلس شركاء الفترة الانتقالية، تمثل فيه أطراف الاتفاق السياسي في الوثيقة الدستورية ورئيس الوزراء وأطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان".

وطبقا للمادة المضافة، يختص المجلس بحل التباينات في وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وخدمة المصالح العليا للسودان وضمان نجاح الفترة الانتقالية، ويكون لمجلس شركاء الفترة الانتقالية الحق في سن اللوائح التي تنظم أعماله.

في الأثناء، نص مرسوم البرهان على مهام تشمل توجيه الفترة الانتقالية بما يخدم مصالح السودان العليا، فضلا عن نصوص يراها المعترضون فضفاضة مثل "أي سلطات أخرى لازمة لتنفيذ اختصاصاته وممارسة سلطاته".

طعن دستوري

ويقول الخبير القانوني نبيل أديب رئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني، إنه أودع باسم الكونفدرالية أمس الأحد طعنا دستوريا لدى المحكمة الدستورية، ضد قرار مجلسي السيادة والوزراء القاضي بتعديل الوثيقة الدستورية.

ويؤكد أديب للجزيرة نت أنه "لا يجوز دستوريا تعديل الوثيقة الدستورية إلا عن طريق المجلس التشريعي، حال أرادت الأطراف إجراء أي تعديل على الوثيقة الدستورية".

وبعيدا عن نصوص اتفاق السلام والوثيقة الدستورية، يقول القيادي في قوى الحرية والتغيير والتجمع الاتحادي جعفر حسن إن قوى الحرية والتغيير قدمت مشروع لائحة تنظم اختصاصات ومهام مجلس الشركاء وفقا لمنطوق المادة "80"، لكنها تفاجأت بمرسوم جمهوري أصدره البرهان فيه تجاوز لما اتفقت عليه الأطراف.

ويقول حسن للجزيرة نت إن المرسوم غيّر اللائحة والاختصاصات، والآن تطالب قوى الحرية والتغيير بإعادة النظر في المهام.

أستبانت حقيقة مجلس الشركاء المعلن الخميس الماضي بسرعة للجميع بما فيهم الحكومة الانتقالية وتحالف قوى الحرية والتغيير إن…

تم النشر بواسطة ‏‎Durra Gambo‎‏ في السبت، ٥ ديسمبر ٢٠٢٠

تشكيلة المجلس

وطبقا لجعفر حسن، فإن مجلس الشركاء مكوّن من 29 عضوا يشمل 6 من العسكريين بمن فيهم رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان و13 عضوا، زائد رئيس مجلس الوزراء بصفة عضو و7 من الحركات المسلحة، إلى جانب مقعدين لمؤتمر الشرق بعد انعقاده.

ويستبعد حسن أن تتمكن الأطراف -عدا قوى الحرية والتغيير- من فرض قرارات عليها حال تكتلها (15 عضوا مقابل 14 عضوا)، لجهة أن القرارات يتم اتخاذها بالتوافق، وحال حدوث خلاف لا يمرر أي قرار إلا عن طريق تصويت 3 أرباع أعضاء المجلس.

وتبدو الاعتراضات حاضرة حتى من قوى سياسية خارج قوى الحرية والتغيير، حيث اعتبر الشريف صديق الهندي رئيس الحزب الوطني الاتحادي "الشرعية الثورية"، أن السلطات الممنوحة لمجلس الشركاء تجعله يتمتع بصلاحيات تفوق المستويين السيادي والتنفيذي مع تعطيل المستوى التشريعي.

وفي وقت سابق، اعترض أعضاء في مجلس السيادة -منهم عائشة السعيد وصديق تاور ومحمد حسن التعايشي- على مهام واختصاصات المجلس الواردة في المرسوم الجمهوري، واعتبروها انقلابا على الوثيقة الدستورية وانتزاعا لصلاحيات مجلسي الوزراء والسيادة.

#ما_تبقى_العوير_يا_مواطن خطاب واضح ؛ قدموا الأسماء ؛ إستبدلوا مهيد صديق بمعاوية شداد ؛ رشحوا سيدة واحدة هي مريم الصادق…

تم النشر بواسطة ‏محمد حامد جمعه نوار‏ في السبت، ٥ ديسمبر ٢٠٢٠

مؤيدون للمرسوم

وفي ظل هذه الانتقادات التي ساقتها قوى الحرية والتغيير وأعضاء مجلس السيادة المدنيون، يبدو المكون العسكري والحركات المسلحة متمسكين بالصياغات الواردة في المرسوم الجمهوري.

وفي هذا الإطار، يقول سيف الدين عيسى مستشار الشؤون السياسية والإدارية في حركة جيش تحرير السودان، إنهم في الجبهة الثورية -تحالف الحركات المسلحة- لا يرون أن مهام مجلس الشركاء تتغول على سلطات أي جهة أخرى.

ويشير عيسى في حديث للجزيرة نت إلى أن مجلس الشركاء وفقا لمهامه يعتبر مجلس حكماء، ليست له أي سلطة تنفيذية أو تشريعية.

لكن القيادي في الجبهة الثورية يعود ويشير إلى مهام للمجلس في غاية الحساسية، بقوله "هو مجلس تشاوري أو تنسيقي يبت في بعض المواضيع المصيرية، مثل قضية سد النهضة والعلاقات مع إسرائيل".

ويتابع "نحن قوة حديثة ليست لدينا أي أيديولوجية، فقط نضع مصلحة الوطن، نحن جزء من الحرية والتغيير، وإن كان هناك أي تقارب فنحن مع القوة المدنية وليس مع الهيمنة".

من جانبه، انبرى العميد الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة، للدفاع عن المرسوم الذي أصدره البرهان، وقال إن "هذا المجلس ليس لتغول جهة على جهة أو سحب بساط سلطات جهة ما أو إلغاء للصلاحيات، ولا يمكن أن يهدم مؤسسات الحكم الانتقالي إن لم يدعمها وينر لها الطريق بمزيد من المشورة والديمقراطية التي يشارك فيها الجميع".

المصدر : الجزيرة

إعلان