الكويت تعلن عن مباحثات مثمرة لحل الخلاف الخليجي.. قطر تصف الخطوة بالمهمة والسعودية متفائلة بقرب التوصل لاتفاق

قال وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر الصباح الجمعة إن مباحثات "مثمرة" جرت خلال الفترة الماضية لحل الأزمة الخليجية المستمرة منذ 2017، في حين توالت ردود الفعل المرحبة بهذه الخطوة خليجيا ودوليا.

وأوضح وزير خارجية الكويت -عبر كلمة بثها تلفزيون الكويت- أن هذه المباحثات "أكد فيها جميع الأطراف حرصهم على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي، وعلى الوصول إلى اتفاق نهائي يحقق ما تصبو إليه من تضامن دائم بين دولهم، وتحقيق ما فيه خير شعوبهم".

ووجّه الوزير الكويتي شكره إلى جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي "على النتائج المثمرة التي تحققت في طريق حل الخلاف"، الذي اندلع منذ 2017 بين قطر من ناحية، والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من ناحية أخرى.

وفي وقت لاحق لإعلان البيان، أعرب أمير الكويت الشيخ نواف الجابر الأحمد الصباح عن ارتياحه لما وصفه بالإنجاز التاريخي الذي تحقق بالتوصل إلى الاتفاق النهائي لحل الخلاف الخليجي.

وأضاف -في بيان بثته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية مساء الجمعة- أن كافة الأطراف أكدت من خلال الاتفاق حرصها على التضامن والتماسك والاستقرار الخليجي والعربي.

وأشار إلى أن الاتفاق يعكس تطلع الأطراف المعنية إلى تحقيق المصالح العليا لشعوبها في الأمن والاستقرار والتقدم والرفاه.

واستذكر أمير الكويت بالتقدير الجهود "الخيرة والبناءة" للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي أرسى قواعد الاتفاق.

وتوجه أمير الكويت بالتهنئة لقادة الدول المعنية لحرصهم على تحقيق هذه الخطوة، وإلى أصدقاء الكويت في العالم على دعمهم لجهود الوساطة الكويتية.

كما توجه بالشكر أيضا للرئيس الأميركي دونالد ترامب على جهوده الداعمة، التي تعكس التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.

الأزمة طُويت

وكان خالد الجار الله نائب وزير الخارجية الكويتي قال في تصريح تلفزيوني الجمعة إن "الأزمة الخليجية طُويت، وتم التوصل إلى اتفاق نهائي بين الأطراف الخليجية"، مضيفا "سوف يترتب على هذا الاتفاق الدخول في التفاصيل المتعلقة به قريبا".

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية -نقلا عن الجار الله- أن "هناك خطوات قريبة سيتم الإعلان عنها للانطلاق نحو المستقبل وطي صفحة الخلاف"، مشيدا بجهود الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد وأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح والجهود الأميركية.

وتعليقا على هذه التطورات، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن الوقت قد حان لحل الخلاف الخليجي، وأكد أنه يأمل أن تتم المصالحة الخليجية لأنها مهمة لشعوب دول المنطقة.

وأحجم بومبيو -خلال تصريحات أدلى بها خلال حوار المنامة- عن التكهن بموعد تحقق مثل هذا الحل، لكنه قال إن واشنطن ستواصل العمل لتسهيل عقد محادثات وحوار من أجل الحل.

الموقف السعودي

من جهته، قال وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان إن بلاده تنظر "ببالغ التقدير لجهود دولة الكويت الشقيقة لتقريب وجهات النظر حيال الأزمة الخليجية، ونشكر المساعي الأميركية في هذا الخصوص".

وأضاف -في تغريدة له على تويتر- "نتطلع لأن تتكلل الجهود الكويتية والأميركية بالنجاح لما فيه مصلحة وخير المنطقة".

وقال في مداخلة له في منتدى المتوسط إنه "تم إحراز تقدم ملحوظ بشأن الأزمة الخليجية بفضل الجهود الكويتية والأميركية، ويحدونا الأمل أن يفضي هذا التطور إلى اتفاق أخير".

وأضاف "طبعا متفائل لأننا نقترب من وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بين جميع الدول الخليجية لنصل إلى حل مرض للجميع".

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن محللين أشاروا سابقا إلى أن أي اختراق سيشمل فقط العلاقات الثنائية بين الرياض والدوحة، وسيستثني الإمارات خصوصا، التي كانت أكبر منتقدي الدوحة منذ بدء الأزمة.

إلا أن تصريحات وزير الخارجية السعودي قد تعني -حسب وكالة الصحافة الفرنسية- أن الحلحلة قد تكون أشمل، لكن الإمارات والبحرين لم تعلقا بعد على التقدم المحرز في الجهود لحل هذه الأزمة.

وكانت وكالة بلومبيرغ (Bloomberg) الأميركية قالت الخميس إن "السعودية وقطر تقتربان من التوصل لاتفاق أولي لإنهاء الخلاف المستمر منذ أكثر من 3 سنوات، بضغط من إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب". وأضافت الوكالة -نقلا عن 3 مصادر لم تكشف عن هوياتهم- أن الاتفاق الأولي لن يشمل الإمارات والبحرين ومصر.

ونقلت الوكالة الأميركية عن مصدرين أنه من المرجح أن يشمل التقارب إعادة فتح المجال الجوي والحدود البرية بين قطر والسعودية، ووضع نهاية للحرب الإعلامية بينهما، والقيام بالمزيد من الخطوات لبناء الثقة، ضمن خطة مفصلة لإعادة العلاقات تدريجيا.

الموقف القطري

وتعليقا على البيان الكويتي، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني -في تغريدة له على تويتر- إن "بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية".

وأضاف "نشكر للكويت الشقيقة وساطتها منذ بداية الأزمة، كما نقدر الجهود الأميركية المبذولة في هذا الصدد، ونؤكد أن أولويتنا كانت وستظل مصلحة وأمن شعوب الخليج والمنطقة".

وفي وقت لاحق، أكد خلال منتدى الحوار المتوسطي في روما أنه "في الوقت الحاضر ثمة بعض التحركات التي نأمل أن تضع حدا لهذه الأزمة"، مضيفا "نعتبر أن وحدة الخليج مهمة جدا لأمن المنطقة، وهذه الأزمة -التي لا داعي لها- يجب أن تنتهي على أساس الاحترام المتبادل".

وأضاف أن أي نوع من التسويات للأزمة يجب أن يكون شاملا ويحفظ وحدة الخليج. ومضى قائلا "نأمل أن تتحرك الأمور في الاتجاه الصحيح، لكن لا يمكننا التكهن بما إذا كان التحرك وشيكا، أو سيحل النزاع بالكامل، ولا نستطيع القول إن جميع المشاكل ستحل في يوم واحد".

وأكد أن الأزمة الخليجية لا صلة لها "باتفاقات أبراهام"، أو أي تطبيع مع إسرائيل، مشددا على أن التطبيع مع إسرائيل في الوقت الراهن لن يضيف أي قيمة للشعب الفلسطيني.

ورحبت سلطنة عمان بالبيان الكويتي، واعتبرت أن الجهود الكويتية والأميركية في هذا الصدد تعكس حرص كافة الأطراف على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي؛ بهدف الوصول إلى اتفاق نهائي يحقق التضامن الدائم بين جميع الدول.

من جهته، اعتبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح الحجرف أن بيان دولة الكويت بشأن تعزيز التضامن الخليجي يعكس قوة المجلس وتماسكه.

مواقف دولية

وفي ردود الفعل الدولية، أعربت الخارجية التركية عن ترحيبها بما وصفته بالتطورات الإيجابية المتعلقة بحل الخلاف الخليجي، وقالت إن أنقرة تقدر جهود الكويت لحل الخلاف.

وأعربت الخارجية التركية عن أملها في حل الخلاف الخليجي من خلال الحوار غير المشروط في أسرع وقت ممكن.

بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن طهران ترحب بالتفاهمات التي أعلنتها الكويت بشأن المصالحة وحل الأزمة الخليجية.

وأضاف ظريف أن بلاده تأمل أن تسهم أي مصالحة بين الدول الخليجية في الاستقرار والتنمية السياسية والاقتصادية للجميع، وأكد أن سياسة إيران مستمرة في اعتماد الدبلوماسية وحسن الجوار والحوار الإقليمي.

من جانبه، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن أنطونيو غوتيريش يشعر بالتشجيع إزاء تصريحات وزير خارجية الكويت بأن الخلاف الخليجي يقترب من الحل.

وقال دوجاريك إن غوتيريش يأمل أن تعمل جميع الدول المعنية لحل خلافاتها رسميًّا، ويشدد على أهمية وحدة الخليج للسلام والأمن والتنمية في المنطقة.

تفاؤل

واعتبر الكاتب والإعلامي القطري جابر الحرمي أن هناك تفاؤلا بحل الأزمة، مشيرا إلى أن البيان الكويتي وإن جاء مقتضبا فإنه وضع الأزمة في إطارها الصحيح بعد أكثر من 3 سنوات على اندلاعها.

وقال إن المنطقة شهدت متغيرات كثيرة خلال الفترة الأخيرة، وإن الأزمة تسبب خسائر ونزيفا مستمرين لجميع الأطراف، وأكد أن قطر كانت لديها رؤية واضحة من البداية.

وقال رئيس مركز المدار للدراسات السياسية والإستراتيجية صالح المطيري إن ظهور هذه التباشير اليوم يمثل خبرا سعيدا بشأن قرب الحل، بعد سنوات من اندلاع هذه الأزمة التي جاءت على خلفية مطالب لم تكن مقنعة ولا مفهومة.

وأضاف أن كل الأطراف اقتنعت اليوم بأنه لا رابح في هذه الأزمة، وأن الجميع خاسر، وأن الإدارة الأميركية اقتنعت هي الأخرى بضرورة وأهمية حل هذه الأزمة.

وأعرب المطيري عن أمله أن يكون الحل شاملا وأبديا، وألا يتكرر طرح مثل تلك المبررات التي اندلعت على خلفياتها الأزمة.

اختراق

من جهته، قال مدير مكتب الجزيرة في الكويت سعد السعيدي إنه من الواضح أن الجولة الأخيرة من المباحثات حققت اختراقا واضحا في الأزمة، بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار ترامب للسعودية وقطر، مشيرا إلى أن الكويت ربما تركت التفاصيل للدول المعنية لإعلانها بنفسها.

وذكرت مراسلة الجزيرة في واشنطن وجد وقفي أن البيان الكويتي جاء بعد يومين من زيارة كوشنر للمنطقة، وأن واشنطن الرسمية حتى الآن ما زالت تتكتم على نتائجها، ولكن ما نعلمه أنه تم التوصل خلال وجود كوشنر إلى اتفاق يشمل فتح الحدود البرية والجوية.

وقالت إنه خلال اليومين تواصلت النقاشات، وإن إدارة ترامب تريد حلا لهذه الأزمة قبل مغادرتها.

وعلمت الجزيرة نت من مصادر خليجية مطلعة أن هناك تطورات جديدة قد تشكل انفراجا بشأن إنهاء الأزمة الخليجية.

وتعمل الولايات المتحدة والكويت على إنهاء الخلاف، الذي دفع السعودية والإمارات والبحرين ومصر لفرض حصار دبلوماسي واقتصادي على قطر منذ أواسط عام 2017.

المصدر : الجزيرة + وكالات