صحفيون يصفونها بالكارثية.. تعديلات قانونية تعاقب تصوير جلسات المحاكم المصرية

تأجيل محاكمة 739 من رافضي الانقلاب بمصر
قاعة إحدى المحاكم المصرية حيث يجتهد المصورون في نقل تفاصيل ما يجري هناك (الجزيرة)

أدانت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصريين اعتزام الحكومة تعديل مادة في قانون العقوبات تسمح بالحبس مدة لا تقل عن عام وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه مصري ولا تزيد على 200 ألف (الدولار نحو 16 جنيها) أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة تصوير أو إذاعة الجلسات المنعقدة بالمحاكم.

وقال بيان للجنة الحريات إن ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء السبت "صادم وغير مفهوم ويمثل حصارا جديدا على الصحافة وحريتها، ويضع مزيدا من القيود على العمل الصحفي المحاصر أصلا منذ عدة سنوات".

وتابع البيان "لا يمكن أبدا في أي سياق تفهّم أن تكون عقوبة نشر صورة صحفية هي الحبس لمدة عام أو الغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه".

واعتبر أن هذا التعديل المنتظر في قانون العقوبات يمثل "مخالفة دستورية صريحة"، إذ ألغى الدستور عقوبة الحبس في قضايا النشر باستثناء 3 حالات أجاز فيها فرض عقوبة الحبس، وقد جاء ذكرها في الدستور حصرا، وهي "التحريض على العنف أو التمييز بين المصريين أو الطعن في الأعراض".

ويعني ذلك بحسب البيان أن هذا التعديل الذي تعتزم الحكومة إدراجه، يمثل انتهاكا صريحا لحرية العمل الصحفي، فضلا عن كونه يمثّل مخالفة دستورية واضحة.

وطالب البيان بـ"التراجع الفوري عن هذا التعديل الكارثي، والالتزام بنصوص الدستور التي تضمن حرية الصحافة وتلغي الحبس في قضايا النشر".

بدورها، أعربت شعبة المصورين بنقابة الصحفيين عن بالغ الصدمة من تعديل القانون وتجريم التصوير، وقال بيان الشعبة إن هذا التصريح "غير مفهوم ولا مقبول"، ومثّل صدمة في الوسط الصحفي وبين الزملاء المصورين على وجه الخصوص بما حمله من عقوبة قاسية.

وتابع البيان أن "القانون يجيز التصوير والعمل الصحفي دون قيود إلا فيما يتعلق بالأماكن والمنشآت التي تحتاج إلى تصريح خاص قبل التصوير، وعليه فلا يمكن القبول أبدا بأن تؤدي الصورة الصحفية بصاحبها إلى الحبس لمدة عام أو الغرامة".

وأكد البيان أن التعديل الجديد يشكل حصارا آخر على عمل المصورين الصحفيين، ويأتي هذا بعد القيود التي فرضها ما يسمى "بتصريح التغطية الصحفية"، وهو التصريح الذي صعّب من عمل المصورين، وجعلهم معرضين للاستهداف والحبس رغم نصوص الدستور التي تضمن حرية التصوير وحرية الكتابة.

وانضمت شعبة المصورين الصحفيين إلى لجنة الحريات بالنقابة في مطالبة الحكومة بالتراجع الفوري عن هذا التعديل، والذي يعرض الصحفيين والمصورين لعقوبات مخيفة وغير منطقية، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع دور الصحافة، والصورة الصحفية تحديدا، في تقديم الحقائق والمعلومات الصحيحة إلى المواطنين.

وطالب صحفيون بضرورة التواصل مع مجلس الوزراء لاستيضاح الأمر بتفاصيل أكثر، بدلا من استسهال الأمر بإصدار بيان، ثم يتم التحرك بشكل نقابي عن طريق نقيب الصحفيين للقاء رئيس الوزراء والمسؤولين عن هذا التعديل التشريعي ومناقشتهم في الأمر.

وعلق نقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش على التوجه الحكومي بالقول إنه "كارثة تنال من روح العدل الذي يعتبر العلانية أحد دعائمه لأنها تكرس ثقة الناس في القضاء، وكذلك تضرب حرية النشر، والحق الأصيل للمواطن في المعرفة، وتتعارض مع مواد الدستور المصري، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

وطالب قلاش عبر صفحته الشخصية بالفيسبوك "كل القوى والأطراف المعنية بالتصدي بالحوار لهذه الكارثة التي لم يستطع الاحتلال أن يفرضها على المصريين ولا على صحافتهم أو قضائهم".

وفي هذا السياق، قالت مؤسسة "سكاي لاين" الدولية –ومقرها ستوكهولم- إن هذا التوجه يتعارض مع مواد الدستور المصري الذي يجيز حرية العمل الصحفي من دون قيود إلا فيما يتعلق بالأماكن والمنشآت التي تحتاج إلى تصريح خاص، ولا يمكن القبول أبدا بأن تؤدي الصورة الصحفية بصاحبها إلى الحبس لمدة عام أو الغرامة المالية.

ولفتت المؤسسة في بيان أمس الأحد إلى أن نحو 29 صحفيا يقبعون في السجون المصرية، وفقا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، بينما يرتفع العدد لما يقرب من 80 صحفيا وإعلاميا في تقديرات حقوقية محلية، تحصي جميع العاملين في مجال الصحافة والإعلام من النقابيين وغير النقابيين.

ودعت المؤسسة الحقوقية إلى ضغط دولي على السلطات المصرية من أجل وقف ممارسات قمع الحريات العامة والتضييق على حرية الرأي والتعبير، وضرورة إلزام القاهرة باحترام مواثيق حقوق الإنسان الدولية التي تحظر تقييد الحريات العامة وحرية العمل الإعلامي.

وتنص المادة 65 من الدستور المصري على أن حرية الفكر والرأي مكفولة، وينص كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على حرية التعبير، إضافة إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي يؤكد -في المادة (24)- الحق نفسه.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي