قالت خلية الإعلام الأمني في العراق إن صاروخين سقطا فجر اليوم قبالة السفارة الأميركية في بغداد. وأكدت مصادر محلية أن قصفا صاروخيا استهدف فجر اليوم قاعدة فكتوريا الأميركية في محيط مطار بغداد.
الجزيرة نت-بغداد
شهدت الساعات المتأخرة من ليل الثلاثاء الماضي هجوما صاروخيا استهدف المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة بغداد، فيما بدا أنه استهداف جديد للسفارة الأميركية التي فعّلت نظام دفاعها ضد الصواريخ القصيرة المدى المعروف بـ"سي رام" (CRAM).
وجاء الهجوم غداة أنباء عن بدء الولايات المتحدة تخفيضا جديدا لعديد قواتها في العراق، في ظل إعلان الفصائل المسلحة قبل نحو شهر إيقاف استهدافها المصالح الأميركية بالعراق.
وعقب الهجوم الأخير، نشرت خلية الإعلام الأمني التابعة لقيادة العمليات المشتركة العراقية في موقعها الرسمي تفاصيل الهجوم، حيث أفادت بأن 7 صواريخ انطلقت من حي الأمين الثانية ببغداد مستهدفة المنطقة الخضراء.
خلية الإعلام الأمني==============لاحقاً لخبر سقوط الصواريخ ، حيث تبين أن عددها هو ٧ صواريخ اربعة منها سقطت في المنطقة…
Posted by خلية الإعلام الأمني on Tuesday, November 17, 2020
وأشارت الخلية إلى أن 4 صواريخ سقطت داخل المنطقة الخضراء، في حين سقطت البقية خارجها قرب مدينة الطب، وآخر قرب حديقة الزوراء مع انفجار آخر في الجو، وأسفر الهجوم عن مقتل طفلة وإصابة 5 أشخاص جميعهم مِن المدنيين.
وكانت الأشهر الماضية شهدت عشرات الهجمات الصاروخية التي استهدفت المنطقة الخضراء والقواعد العسكرية الأميركية، وأرتال الدعم اللوجستي لقوات التحالف في البلاد والتي جاءت بعد اغتيال أميركا بضربة جوية قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد الدولي في يناير/ كانون الثاني الماضي.
مؤشرات خطيرة
تأتي الهجمات الصاروخية الأخيرة لتضع مزيدا من الغموض عن احتمالية توجيه واشنطن ضربات عسكرية، خاصة أنها كانت قد هددت قبل نحو شهرين بإغلاق سفارتها ببغداد في حال استمرار استهداف مصالحها.
كما يشير العديد من الخبراء إلى أن المرحلة التي تعيشها الولايات المتحدة بالغة التعقيد بعد مؤشرات كبيرة على فوز المرشح الديمقراطي "جو بايدن" بالرئاسة الأميركية، مع غموض وشكوك في التحركات العسكرية المحتملة للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أقال قبل أيام وزير دفاعه مارك أسبر.
من جهته، يقول القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية أثيل النجيفي، إن الاستهدافات المتكررة تدفع العراق بقوة نحو العزلة الدولية، مضيفا أنه رغم عزم الحكومة العراقية الحالية تعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي، فإنها مجرد نوايا لا قيمة لها على أرض الواقع.
النجيفي وفي حديثه للجزيرة نت أشار إلى أن الواقع الميداني يثبت عجز الحكومة في ملاحقة الأسلحة الثقيلة والصواريخ التي تستخدم وسط بغداد بكل أريحية، لافتا إلى أن جميع المؤشرات تشير إلى أن العراق ذاهب باندفاع نحو فوضى قريبة، ولن يكون المجتمع الدولي حينها حاضرا للمساعدة بمعالجتها.
وأضاف أن الرئيس ترامب لا يريد مغادرة البيت الأبيض متحملا مسؤولية قتلى من الدبلوماسيين الأميركيين، وتوقع أن يكون لواشنطن جملة من الإجراءات المحتملة دون أن يسميها.
أما استاذ العلاقات الدولية في جامعة بيان علي أغوان فيعتقد أن الرد الأميركي ربما يكون محدودا في الفترة القادمة وأقل بكثير مما حدث في عملية اغتيال المهندس وسليماني.
ولا يستبعد أغوان في حديثه للجزيرة نت لجوء ترامب "الخاسر للانتخابات" إلى مفاجآت عديدة، مشيرا إلى إمكانية حدوث رد محدود ضد الفصائل المسلحة في الحدود العراقية السورية، فضلا عن إمكانية استهداف بعض الشخصيات من غير الصف الأول للفصائل.
من جهته، يشير الخبير الأمني والإستراتيجي ماجد القيسي إلى أن الهدنة التي كانت بين الفصائل المدعومة إيرانيا قبل وخلال الانتخابات الأميركية انتهت بالاستهداف الأخير، متوقعا حدوث تصعيد كبير في المنطقة خلال الفترة المتبقية من ولاية ترامب في البيت الأبيض.
القيسي الذي يعمل مديرا لبرنامج الأمن والدفاع في مركز صنع السياسات للدراسات السياسية والإستراتيجية، أضاف للجزيرة نت أن ترامب يحاول وضع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أمام مأزق حرج ومتفجر في المنطقة من خلال سحب القوات الأميركية من العراق.
وعن تبعات الهجمات الأخيرة، أشار القيسي إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم على أي فعل عسكري كبير في العراق ما لم تتضرر مصالحها بصورة مباشرة أو في حال سقوط ضحايا.
مؤكدا أن الفصائل المسلحة تدرك ذلك جيدا، وبالتالي تأتي الهجمات مستفزة فقط من أجل إيصال رسائل لحكومة الكاظمي، مستدركا أنه لا يمكن الجزم بالتحركات المقبلة للرئيس ترامب.
زرع الفتنة
هي محاولات لإثارة الفتنة بحسب عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية مهدي تقي إسماعيل، الذي أشار صراحة إلى أن جميع الفصائل المسلحة ومنها كتائب حزب الله نفت مسؤوليتها عن الهجمات الأخيرة.
إسماعيل وفي حديث حصري للجزيرة نت، أوضح أن لجنة الأمن والدفاع كانت قد أحاطت الحكومة العراقية علما بأن هناك مجموعات تحاول إثارة الفتنة مع التحالف الدولي والقوات الأميركية، وذلك من أجل زعزعة الأمن في البلاد، وإعطاء حجة لاستهداف الحشد الشعبي.
وطالب إسماعيل حكومة الكاظمي بتفعيل الجهد الاستخباراتي من أجل تحديد هذه الجهات وإلقاء القبض عليها، لافتا إلى أن لجنة الأمن والدفاع على تواصل مباشر مع وزارة الدفاع من أجل الوقوف على الواقع الميداني وتحديد الجهة المسؤولة وعدم تكرار الاستهداف، وفق قوله.
أما النائبة هدى جار الله عن التحالف العربي الذي يتزعمه خميس الخنجر فأكدت أن الاستهداف الأخير للمنطقة الخضراء يعد سياسيا بالمقام الأول، خاصة أن وسائل الإعلام أظهرت مقاطع فيديو للاستهداف مع انطلاق الصواريخ من وسط بغداد.
وفي حديثها للجزيرة نت، أشارت النائبة إلى أن تحليل الاستهداف الأخير لا يخرج عن كونه محاولة لزرع الفتنة بين عدة جهات سياسية، مما سيسهم في زيادة الخلاف السياسي في البلاد، مستبعدة حدوث رد أميركي.
من جهته، وصف المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء (المنضوية في الحشد الشعبي) كاظم الفرطوسي استهداف السفارة الأميركية الأخير بـ "رسالة مدروسة بدقة عالية"، مضيفا أن على القوات الأميركية أن تعي أن المهلة لن تستمر إلى الأبد، في إشارة إلى الهدنة مع القوات الأميركية في العراق.
الفرطوسي وفي حديثه لإحدى وسائل الإعلام المحلية، قال "ليس هناك اتفاق بين الفصائل والقوات الأميركية، وإنما هناك مهلة منحتها الفصائل للإدارة الأميركية لسحب قواتها من العراق"، كاشفا عن أن الفصائل التي أعطت المهلة لم تتبن الاستهداف الأخير.
التحالف الدولي
رغم المحاولات المتكررة للجزيرة نت للتواصل مع المتحدث الرسمي للتحالف الدولي في العراق واين ماروتو عن الاستهداف الأخير، فإن الرد الرسمي عبر البريد الإلكتروني اكتفى بالإشارة إلى تغريدة المتحدث التي أكد فيها أن ما جرى كان استهدافا لقاعدة عراقية دون أن يسفر عن أي خسائر في صفوف قوات التحالف.
This attack targeting an Iraqi base resulted in no Coalition casualties. https://t.co/MYPgcEy7E9
— OIR Spokesman Col. Wayne Marotto (@OIRSpox) November 17, 2020
وغرّد واين لاحقا "نرسل تعازينا للمتضررين من هجوم بغداد الأخير، وهذا مثال آخر على قيام الجماعات الخارجة عن القانون بقتل إخوانهم العراقيين وإلحاق الضرر بمن يسعون إلى السلام"، مضيفا أن التحالف الدولي يواصل دعم الحكومة العراقية بناء على طلبها في السعي لتحقيق الاستقرار والأمن في البلاد.
We send our condolences to those affected by the attack in Baghdad last night. This is yet another instance of outlaw groups killing fellow Iraqis & harms those who seek peace. @CJTFOIR continues to support the GoI, at their request, in pursuit of a stabilized and secure Iraq. https://t.co/TubCbIRIaO
— OIR Spokesman Col. Wayne Marotto (@OIRSpox) November 18, 2020
السفارة الأميركية في بغداد من جهتها، لم تجب على محاولات الجزيرة نت التواصل معها، إلا أن حساب السفارة الأميركية على تويتر غرّد بالقول "تدين حكومة الولايات المتحدة بشدة الهجوم الصاروخي الذي وقع في بغداد وأسفر عن مقتل طفل عراقي وإصابة مدنيين عراقيين آخرين، لقد رأينا تقارير تفيد بأن المليشيات المدعومة من إيران حصلت مرة أخرى على الفضل في الهجوم".
The United States Government strongly condemns the rocket attack in Baghdad yesterday which killed an Iraqi child and injured other Iraqi civilians. We have seen reports that Iran-backed militias again took credit for the attack. 1/2
— U.S. Embassy Baghdad (@USEmbBaghdad) November 18, 2020
وفي تغريدة أخرى، نشرت السفارة ما مفاده "تستمر المليشيات الخارجة عن القانون التي يدعمها فيلق القدس الإيراني في زعزعة استقرار العراق، وقتل المواطنين العراقيين، وتهديد سيادة العراق، ندعو حكومة العراق إلى اعتقال ومحاسبة أولئك الذين يواصلون ارتكاب أعمال العنف ضد الدولة العراقية" بحسب نص التغريدة.
Lawless militias supported by Iran’s Qods Force continue to destabilize Iraq, kill Iraqi citizens, and threaten Iraq’s sovereignty. We call on the Government of Iraq to arrest and hold accountable those who continue to perpetrate acts of violence against the Iraqi state. 2/2
— U.S. Embassy Baghdad (@USEmbBaghdad) November 18, 2020
هو استهداف جديد للمنطقة الخضراء والمصالح الأميركية ببغداد في خضم أوضاع سياسية وأمنية غاية في التعقيد، ووسط مؤشرات على احتمالية إقدام واشنطن على إغلاق مقر سفارتها ببغداد، مما قد يجعل جميع الاحتمالات واردة.