إندبندنت: الناشطات الحقوقيات في ليبيا يتعرضن للاستهداف وخنق الأصوات
سلطت جريمة اغتيال المحامية والناشطة الحقوقية الليبية البارزة، حنان البرعصي، التي اغتيلت بالرصاص في وضح النهار الأسبوع الماضي بأحد شوارع مدينة بنغازي (شرقي ليبيا)، الضوء على معاناة الناشطات الحقوقيات في بلد تعصف به الحرب الأهلية منذ أعوام.
وقد نشرت صحيفة "إندبندنت" (Independent) البريطانية تقريرا أعدته مراسلتها لشؤون الشرق الأوسط، بيل تريو، يسلط الضوء على الانتهاكات الجسيمة، التي تتعرض لها الناشطات الحقوقيات في ليبيا، ويحاول الوقوف على أسبابها من خلال استقراء آراء بعضهن بهذا الشأن.
وقالت مراسلة الصحيفة إن المدافعات عن حقوق المرأة في ليبيا لا يُسمح حتى لمن فارقن الحياة منهن بالراحة، فقد تعرض قبر حنان البرعصي، التي تعد من أشد المنتقدين للفساد والجماعات المسلحة في شرق البلاد، للتدنيس بعد أيام من اغتيالها.
ونشرت ابنة المحامية المعارضة البارزة صورا على مواقع التواصل الاجتماعي لشظايا صغيرة متناثرة على الأرض من شاهد قبر والدتها المحطم.
ووفقا للتقرير، فقد اغتيلت البرعصي بالرصاص في وضح النهار وسط شارع مزدحم بمدينة بنغازي الثلاثاء الماضي 10 أكتوبر/تشرين الثاني، بعد يوم واحد على نشرها تدوينة في صفحتها على الفيسبوك، أعلنت فيها عن نيتها نشر مقطع فيديو يفضح الفساد المزعوم لعائلة زعيم الحرب المنشق في شرق ليبيا اللواء خليفة.
الحلقة الأضعف
بيد أن البرعصي لم تكن استثناء، تقول المراسلة، حيث يأتي اغتيالها بعد 16 شهرا فقط على اختفاء النائبة البرلمانية والناشطة الحقوقية سهام سرقيوة، التي اختطفها مسلحون في منتصف الليل من منزلها بعد انتقادها العلني لحرب خليفة حفتر على طرابلس، ولم يعرف بعد ما حدث لسيرقيوة، بيد أن تقارير إخبارية مروعة تحدثت عن احتمال تعرضها للاغتصاب والتعذيب ثم القتل.
كما شهد عام 2014 اغتيال 3 ناشطات حقوقيات بارزات في بنغازي؛ هن سلوى بوقعيقيص، وفريحة برقاوي، وسلوى يونس الهنيد، وهن جزء من موكب طويل من الأصوات النسائية الليبية المدافعة عن حقوق الإنسان، وقد تعرضن جراء ذلك للتهديد والاعتداء والاغتصاب والاختطاف والاختفاء والقتل لإسكاتهن.
وأشارت مراسلة الصحيفة إلى أن الناشطات الحقوقيات يعتبرن الحلقة الأضعف، فليست لديهن كتائب عسكرية ومليشيات قوية لحمايتهن، وبدلا من ذلك، فإن المجتمع يلقي باللوم على العديد منهن عندما يتعرضن للعنف؛ لأنهن تجرأن على الخروج عن الأدوار "التقليدية"، التي رسمها للجنسين، عندما عبرن عن آرائهن.
سياسة الإقصاء
وأشارت مراسلة الصحيفة إلى أن الحقيقة الأكثر إثارة للإحباط خلال السنوات الست، التي قامت خلالها بتغطية الأحداث في ليبيا، التي مزقتها الحرب، هي عدم وجود مساحة كافية ممنوحة للمرأة الليبية ذات التعليم العالي والقدرات الكبيرة، والمخاطر التي تواجه النساء اللائي يحاولن خلق مساحة للمرأة رغم الواقع.
وتقول الأستاذة الجامعية رضا الطبولي، مؤسسة منظمة "معا نبنيها"، التي تسعى لتعزيز إشراك النساء في عملية السلام، إن إقصاء النساء قد أصبح هو القاعدة في ليبيا.
وقالت الطبولي إن ناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي وقناة تلفزيونية ليبية معروفة اتهموها بالتجسس لصالح دول أجنبية، بعد خطاب وجهته لمجلس الأمن الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بشأن العنف ضد المرأة والحاجة إلى حرية التعبير، وتلقت بعد ذلك تهديدات بالقتل من أشخاص قالوا إنهم يعرفون مكان إقامتها.
أما الناشطة في المجتمع المدني والمحامية هالة بوقعيقيص، ابنة عم الناشطة الحقوقية القتيلة سلوى بوقعيقيص، فترى أن جوهر المشكلة هو الافتراض الخاطئ بأن المرأة الليبية لا ينبغي لها أن تشارك في الشأن السياسي؛ لأنها غير مؤهلة لذلك، ولا يدخل في مجال اختصاصها.
وقالت إن "الناس في ليبيا يعتقدون أنه عندما تتجرأ النساء على المشاركة في الحياة السياسية، فإنهن يخالفن أخلاق المجتمع، ويستحققن ما يحدث لهن"، وختمت بالقول إنه لا أمان في ليبيا لأي امرأة تعبر عن رأيها.