غريش: ما يجري في فرنسا بشأن الإسلام هو حوار من طرف واحد

epa06986413 French Education Minister Jean-Michel Blanquer leaves the Elysee palace following the weekly cabinet meeting in Paris, France, 31 August 2018. EPA-EFE/IAN LANGSDON
جان ميشل بلانكي: ادعى أن قاتل المعلم باتي كان "خاضعا لتحكم أشخاص يشجعون التطرف الذهني".(الأوروبية)

قال الكاتب الفرنسي الخبير بشؤون الشرق الأوسط، آلان غريش، إن السلطات الفرنسية لم تعد، على ما يبدو، تتحمل أي رأي حول تعاملها مع الإسلام لا ينسجم مع التصور الذي رسمته لنفسها.

وذكر في معرض تعليقه على الرسالة التي بعثها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحيفة البريطانية "فايننشال تايمز" (Financial Times) ردا على مقال نشرته حول فرنسا والإسلام، أن مثل هذا الرد لم يكن ليثير لغطا لولا أن الصحيفة لم تحذف من موقعها مقال صحفيتها مهرين خان "حرب فرنسا على الإنفصالية الإسلامية تزيد من انقسام فرنسا".

وتعليقا على ذلك يقول غريش في مقاله الذي نشره بموقعه "أوريان 21" (Orient XXI) إننا إذا كنا نبحث عن دليل على أن السلطات الفرنسية تريد فرض حوار من طرف واحد حول هذا الموضوع، فلا شيء يجسد ذلك أكثر من المثال المذكور.

"إنها مفارقة غريبة"، يقول الكاتب، إذ في الوقت الذي يهيمن فيه الحديث عن حرية الرأي وحرية الكاريكاتير وحرية التعبير في وسائل الإعلام الفرنسية وبين قادة البلاد السياسيين، وفي الوقت الذي يحتفى فيه بحماس بفرنسا بوصفها "موطن حقوق الإنسان"، لم تصل دعوات الرقابة من قبل ما وصلت له الآن، وهي تستهدف بشكل خاص مجتمع الجامعة.

وكمثال على ذلك، يقول الكاتب إن وزير التربية الوطنية جان ميشيل بلانكر اتهم "اليسار الإسلامي بإحداث فوضى في الجامعة"، وادعى أن قاتل المعلم صامويل باتي كان "خاضعا لتحكم أشخاص يشجعون هذا التطرف الذهني".

وتعليقا على ذلك تساءل الكاتب هل هذا يعني أن على الباحثين والأكاديميين وأولئك الذين لا يشاطرون الحكومة تحليلاتها أن يكونوا مدانين ومنبوذين ومستبعدين من الجامعة؟ وأثارت تصريحات الوزير رد فعل غاضب من مؤتمر رؤساء الجامعات دفاعا عن بناء التفكير النقدي.

لكنه لفت إلى أن 100 من الأساتذة الجامعيين عبروا عن تأييدهم للخط الحكومي، ودعوا في رسالة لهم الوزير إلى التدخل في البحث الفرنسي عن الإسلام لتعيين "الخيرين" و"السيئين"، وهذا هو ما كان يطلق عليه مطاردة الساحرات.

وكمثال على هذه المطاردة أورد غريش قصة الخبير البارز في قضايا التطرف فرهاد خسروكافار، والذي له مؤلفات في هذا المجال والعديد من الدراسات الميدانية وخاصة في السجون.

فبطلب من مجلة "بوليتكو" (POLITICO) النسخة الأوروبية، أرسل هذا الخبير مقالا يتناول أسباب التطرف في فرنسا، وقد نُشر هذا النص ثم حذف من موقع المجلة بعد يومين بدون تقديم أي مبرر لذلك للمؤلف.

وسواء اختلف المرء مع خسروكافار أو اتفق معه فإن ما ينبغي، حسب الأستاذ الجامعي توم ثيون، أن يذكر به هو أنه لا بد من الدفاع عن حرية التعبير الأكاديمية على مستوى الدفاع عن حرية رسام الكاريكاتير نفسه، وإذا لم يعد علماء الاجتماع قادرين على طرح فرضيات معقولة حول الأسباب الداخلية للإرهاب، ولا مقترحات عملية معتدلة حتى وإن كانت مثيرة للجدل، فهذا يعني أن الاستقطاب في هذا النقاش أصبح شديدا للغاية ومعاديا للفكر.

واستغرب غريش في النهاية قيام موقع "بوليتيكو" بنشر مقال بقلم المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال يرد فيه على مقال خسروكافار الذي لم يعد منشورا أصلا.

المصدر : أوريان 21