سفارات مصر بالخارج.. رسوم باهظة للمعاملات وتضييق يلاحق المعارضة

القنصلية المصرية في إسطنبول / تركيا / أكتوبر ٢٠٢٠ / الجزيرة
القنصلية المصرية في إسطنبول (الجزيرة)

تلعب السفارات والقنصليات أدوارا مهمة في دعم مغتربي بلدانها وتقديم الخدمات لهم، غير أن الكثير من المصريين يعانون عند التعامل مع بعض البعثات الدبلوماسية البالغ عددها 162 مقرا دبلوماسيا بمختلف بلدان العالم، خاصة منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013، حيث فر آلاف المعارضين إلى خارج البلاد لينضموا إلى نحو 13 مليون مصري مغترب.

وبخلاف أحاديث بعض المعارضين عن تعنت القنصليات في إنهاء معاملاتهم الضرورية، أثارت زيادة قيمة رسوم الخدمات والمعاملات القنصلية منتصف الشهر الماضي انتقادات المصريين الذين تركوا بلادهم واغتربوا بحثا عن لقمة العيش أو حياة أفضل.

ومن أهم الدول التي قصدها معارضو السيسي في السنوات الماضية تأتي تركيا وماليزيا والسودان، إضافة إلى بعض دول الاتحاد الأوروبي، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشكل أقل.

زيادة الرسوم ترفع بورصة الانتقادات

في منتصف الشهر الماضي أعلنت السفارات والقنصليات المصرية تعديل قيمة رسوم تقديم الخدمات والمعاملات القنصلية، مثل استخراج أوراق رسمية أو توثيقها أو غير ذلك، لتصل في بعض الدول إلى أكثر من 110% مقارنة بالأسعار السابقة.

وعبر مصريون عن سخطهم من الزيادات التي تمت على المعاملات القنصلية في الخارج، وقال مؤسس الاتحاد العالمي للمواطن المصري في الخارج بهجت العبيدي إنها زيادة غير مبررة.

 

 

وأكد العبيدي -وهو من مؤيدي النظام المصري- أن "من حدد رسوم المعاملات القنصلية لا يمتلك صورة حقيقية، لا عن وضع وحال المصريين بالخارج، ولا عن قيمة هذه الرسوم للمستندات في دول الإقامة".

وفي مقال له بعنوان "في قائمة رسوم المعاملات القنصلية"، أضاف العبيدي أنه "إذا كان كما يشيع البعض لتحصيل عملة أجنبية لمصر فكان من باب أولى توفير هذه العملة من خفض عدد العاملين في السفارات والقنصليات ورواتبهم الكبيرة".

كما عبرت المصرية هنا أحمد عن استيائها من ارتفاع الأسعار في القنصلية المصرية بمدينة إسطنبول التركية، مؤكدة أن أسعار استخراج التوكيلات زادت لأكثر من 110%، حيث ارتفع سعر التوكيل من 180 ليرة تركية إلى 390 ليرة دفعة واحدة.

وأضافت في حديثها للجزيرة نت أن رسوم التصديق على الوثائق المصرية ارتفعت بنفس النسبة، مثل وثائق الميلاد والزواج والشهادات الدراسية، بل إن السفارة تعتبر الورقة المزدوجة ذات الوجهين بمثابة معاملتين، أي أن المواطن يضطر لدفع ثمن التصديق مضاعفا.

وطالب المواطن المصري جمال عزت -في تعليق له على صفحة قنصلية جمهورية مصر العربية في الكويت- بوجود مبرر منطقي للزيادة التي تمت، وتساءل "في ظل أزمة كورونا وأوضاع المصريين السيئة هل تستوجب زيادة الرسوم وتطوير للخدمات القنصلية؟".

وأشارت دعاء إمام إلى استياء داخل أوساط المصريين في إيطاليا بعد الإعلان عن أسعار استخراج الوثائق الرسمية من القنصلية المصرية، والتي زادت للمرة الثانية خلال عامين من 150 يوروا إلى 180 وصولا إلى 275 يوروا لتجديد جواز السفر، دون أن يصحب ذلك أي نوع من الخدمات المتميزة.

معارضون بلا حقوق

وفي مدينة إسطنبول التركية التقينا حسن -وهو شاب مصري يدرس الهندسة في تركيا منذ عام 2016- وتعرض لفقدان جواز سفره في نهاية عام 2018، وعندما تقدم بطلب استخراج جواز سفر بدل فاقد ظل ينتظر لأكثر من ٦ أشهر بدعوى عدم وصول رد من القاهرة على طلبه، وأبلغته القنصلية أن المتاح فقط هو إصدار وثيقة سفر مؤقتة تمكنه من العودة إلى مصر.

الحال في روما لم يختلف كثيرا، حيث قال الشاب المصري مصطفى ناجي إنه فقد جواز سفره، ورفضت القنصلية المصرية استخراج بدل فاقد رغم استيفاء كامل الأوراق المطلوبة.

وأضاف ناجي في حديثه للجزيرة نت أنه انتظر أكثر من 3 أشهر، واتصل مرارا وتكرارا على هواتف القنصلية، إلا أنه بمجرد معرفة اسمه يتم إغلاق الهاتف دون توضيح السبب.

وتابع "توجهت إلى القنصلية، وهناك التقيت بالموظف، وحينها أبلغني برفض السلطات المصرية استخراج جواز سفر جديد بدعوى معارضتي النظام وصدور أحكام قضائية بحقي".

إمام أحمد شاب مصري مقيم في برلين / ألمانيا / مواقع التواصل
إمام أحمد شاب مصري مقيم في برلين (مواقع التواصل)

تجربة مماثلة خاضها الشاب إمام أحمد مع السفارة المصرية في برلين، حيث قارب جواز سفره على الانتهاء، فتقدم بطلب تجديده، وانتظر أكثر من شهرين دون رد.

وأضاف إمام "قمت بالتوجه مباشرة إلى السفارة للاستفسار عن السبب، إلا أنني تلقيت ردا يفيد بعدم تجديد جواز السفر كوني معارضا سياسيا".

واستمع مراسل الجزيرة نت لأكثر من 8 حالات تحدث أصحابها عن رفض السلطات المصرية تجديد جوازات السفر أو إتمام المعاملات القنصلية، نظرا لكون مقدمها من معارضي النظام.

تحت الضوء

لم تكتف السفارات والقنصليات المصرية بالتعنت والتضييق على المصريين المعارضين في الخارج، بل برز دور آخر لها هو المراقبة.

الناشطة السياسية سوسن غريب أكدت مطاردة وتتبع السفارات المصرية في دول عدة -منها الولايات المتحدة- المعارضين ومحاولة التضييق عليهم عن طريق أفراد تعتمدهم السفارة المصرية في واشنطن للتجسس على النشطاء.

وأشارت غريب في حديثها للجزيرة نت إلى قيام أذرع أمنية تابعة للسفارة -وهم عناصر تابعون للمخابرات المصرية- بتتبع المعارضين وتهديدهم ومراقبتهم وتشويهم، وتقديم بلاغات كاذبة عنهم للسلطات الأميركية، إلا أن الأمن الفدرالي يقوم بحفظها مع استيائه من هذه التصرفات.

محاولة احتجاز

وفي حادثة لافتة وقعت مؤخرا، اتهم الشاب المصري عمرو حشاد القنصلية المصرية في إسطنبول بمحاولة احتجازه في الداخل والاستيلاء على جواز سفره.

وأكد حشاد للجزيرة نت أن صديقا له في الخارج قام بتصوير الواقعة أثناء قيامه بتقديم جواز سفره لموظف الأمن، وعندما هدد أمن القنصلية باستخدام الفيديو في تقديم بلاغ للسلطات التركية ألقى الأمن جواز سفره للخارج.

غير قانوني

على الجانب الآخر، نشر أحمد كمال -وهو شاب مصري مقيم في إسطنبول- شهادته بشأن التعامل الجيد من قبل القنصلية المصرية معه، وذلك عبر حسابه بموقع فيسبوك.

وفي مناسبات عدة تكرر وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج نبيلة مكرم تواصل الوزارة الدائم مع المصريين المقيمين خارج البلاد من خلال القنوات الشرعية لها على وسائل التواصل الاجتماعي أو موقع الوزارة والخط الساخن والبريد الإلكتروني لتلقي الشكاوى.

وتعليقا منه على زيادة رسوم المعاملات القنصلية في الخارج، أكد السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن الزيادات المتتالية في الخدمات مرتبطة بشغف الحكومة المصرية في جمع المال من الداخل والخارج.

وبشأن تعنت السفارات المصرية مع المعارضين، أوضح الأشعل أن مصر منذ عام 1952 أصبحت ملكا للحاكم، وتحول الشعب المصري إلى رعايا وليسوا مواطنين، فالحكم العسكري يملك ويحكم.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الأشعل أن السفارات المصرية في الخارج تعمل الآن على خدمة مصالح الحاكم، مؤكدا أن ما يحدث بحق المعارضين في الخارج غير قانوني.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي