بعد اتفاق بوزنيقة.. هل ينجح الفرقاء الليبيون بتعيين قادة المؤسسات السيادية؟

ممثلان عن وفدي الحوار الليبي في المغرب يتبادلان محاضر اجتماعات الجولة الثانية (الخارجية المغربية)

اكتملت أمس الجولة الثانية من مفاوضات الحوار السياسي الليبي بين وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق في مدينة بوزنيقة بضواحي العاصمة المغربية الرباط بشأن تعيين قادة المناصب السيادية في ليبيا، وقد توصل طرفي الحوار إلى تفاهمات أساسية بشأن المادة 15 من اتفاق الصخيرات بشأن تعيين قادة المناصب السيادية وتوزيعها وآلية اختيارها.

وتشير المادة 15 في فقرتها الأولى إلى أن "مجلس النواب يقوم بالتشاور مع مجلس الدولة… بالوصول لتوافق حول شاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية التالية: محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس جهاز مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام". وتفيد الفقرة الثانية بأنه "على إثر تنفيذ الفقرة الأولى من هذه المادة يتطلب تعيين وإعفاء شاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية المبينة في الفقرة السابقة موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب".

ونظرا للانقسام الكبير في ليبيا بين شرقها وغربها فإن أغلب هذه المؤسسات السيادية -إن لم تكن كلها- أصبحت منقسمة وبرأسين.

وقال مسؤول مغربي إن وفدي الحوار في مجلسي الدولة والنواب اتفقا على معايير اختيار قادة المؤسسات السيادية حسب اتفاق الصخيرات، على أن يتم الرجوع من جديد بعد اكتمال الجولة الثانية لتسمية هؤلاء القادة. وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم نشر اسمه، أن "الحوار الليبي تحقق بفضل إرادة الليبيين القوية للاتجاه نحو توحيد المؤسسات السيادية، وإنهاء حالة الانقسام، ودعم من المجتمع الدولي للحوار في بوزنيقة".

معايير محددة
وأفاد عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم دبرز بأن المجتمعين في بوزنيقة توصلوا إلى وضع المعايير والأسس والضوابط، التي على أساسها يعين قادة المؤسسات السيادية في ليبيا. وأوضح دبرز أن من بين المعايير المتفق عليها بين طرفي الحوار الكفاءة، والخبرة، والجنسية الليبية، وعدم تقلد مناصب فيما سبق، إضافة إلى المؤهل العلمي.

وتابع دبرز للجزيرة نت "لم تُبحث إلى الآن أسماء قادة المناصب السيادية؛ لكن من حيث المبدأ هناك توافق على من سيقترح أسماء قادة هذه المناصب، مع تحفظنا على هذا التقسيم كونه يعد محاصصة جهوية على حساب الكفاءة والخبرة".

وأوضح المسؤول نفسه أن بعض أعضاء مجلس الدولة يتحفظون على مفاوضات بوزنيقة، بسبب غياب شريك حقيقي صادق وجاد في إنهاء الأزمة، وشدد دبرز على أن تعيين قادة المناصب السيادية السبع محصور فيها، ولا يتعداها إلى غيرها، مشيرا إلى أن أصل المشاورات الحالية هو رجوع لجنة الحوار إلى المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.

مفاوضات إيجابية
وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد لنقي أن مفاوضات بوزنيقة تسير بشكل إيجابي، وتعد خطوة جيدة نحو حل جزء من الأزمة السياسية في ليبيا. وأضاف لنقي للجزيرة نت "بعد مفاوضات بوزنيقة من المهم إعادة هيكلة المجلس الرئاسي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية منفصلة عن المجلس الرئاسي الجديد".

وشكك لنقي في قدرة مجلسي النواب والدولة على إعادة هيكلة المجلس الرئاسي، وتشكيل حكومة جديدة في جلسة كاملة النصاب نظرا للانقسام داخل مجلس النواب، ومعارضة بعض أعضاء مجلس الدولة الذين يعتبرون أن مفاوضات بوزنيقة "تخدم أجندات حزبية معينة، واقتسام السلطة مع فريق رئيس مجلس النواب عقيلة صالح". ويرى لنقي أن الأرجح هو أن الحوارات التي تديرها الأمم المتحدة في جنيف هي من أجل تشكيل المجلس الرئاسي والحكومة الجديدة.

ويرى المحلل السياسي عبد الله الكبير أن طرفي الحوار في بوزنيقة سيواجهان معوقات قانونية تحول دون تنفيذ الاتفاق النهائي لاختيار قادة المناصب السيادية، كما تعثرت المفاوضات خلال السنوات الماضية السابقة حول تسمية محافظ ليبيا المركزي.

موافقة الثلثين
ومن تلك المعوقات القانونية، يضيف الكبير، "يجب موافقة ثلثي مجلس النواب على أسماء الشخصيات التي تنطبق عليها المعايير بعد التوافق مع المجلس الأعلى للدولة، إضافة إلى أن مجلس النواب منقسم حاليا، وقد لا يوافق النواب المجتمعون في طرابلس على نتائج اتفاق بوزنيقة".

وصرح الكبير للجزيرة نت بأن اتفاق الصخيرات يمنح مجلسي النواب والدولة تسمية محافظ ليبيا المركزي فقط، بينما تشمل مفاوضات بوزنيقة منصب نائب المحافظ وأعضاء مجلس الإدارة، وذلك يخالف اتفاق الصخيرات.

ويضيف الكبير أنه يمكن تجاوز المعوقات القانونية إذا اعتمدت مخرجات بوزنيقة في المنتدى السياسي الليبي، على اعتبار أن نواب برلمان طبرق وأعضاء مجلس الدولة موجودون في المنتدى حسب الدوائر الانتخابية الوطنية، مما يعطي الفرصة للأمم المتحدة والقوى الدولية السند القانوني للاعتراف بنتائج اتفاق بوزنيقة.

وأردف المحلل الليبي قائلا "تعيين قادة المناصب السيادية يفترض ألا يخضع للمحاصصة والجهوية؛ لكن رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري تجاوزا اللوائح والأعراف السائدة لتعيين قادة المناصب السيادية خدمة لأهداف سياسية خاصة".

ويرى الكبير أن الموقف الأميركي وشروع الأمم المتحدة في تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة منفصلة عنه؛ هو الدافع الرئيسي في هذا السباق المحموم من صالح والمشري بحثا عن موقع جديد في المشهد السياسي المزمع تشكيله في الأسابيع المقبلة.

المصدر : الجزيرة