تطبيع السودان وإسرائيل.. مظاهرة رافضة بالخرطوم وإيران تقول: ادفع الفدية يشطب اسمك من قائمة الإرهاب
خرجت مظاهرة مساء أمس في العاصمة السودانية الخرطوم تنديدا بإقدام الحكومة الانتقالية على إعلان الاتفاق مع إسرائيل على تطبيع العلاقات، في حين قالت إيران -تعليقا على إعلان التطبيع- إن تجاهل السودان حقوق الشعب الفلسطيني، ودفعه الفدية المناسبة؛ جعلا أميركا ترفع اسمه من قائمة الإرهاب.
وردد سودانيون تظاهروا أمس ليلا في الخرطوم هتافات تندد بالتطبيع، وتؤكد رفض السودانيين التفاوض أو التصالح مع إسرائيل، وشدد المتظاهرون على دعم الشعب السوداني للقضية الفلسطينية.
وجاء الاحتجاج بُعيد إصدار قادة الولايات المتحدة وإسرائيل والسودان بيانا مشتركا أعلنوا فيه اتفاق إسرائيل والسودان على تطبيع العلاقات بينهما.
وأيدت بعض القوى السياسية السودانية التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب، في حين رفضته قوى أخرى؛ إذ وصف القيادي في قوى الحرية والتغيير (الشق المدني المشارك بالائتلاف الحاكم) الغوث سليمان القرار "بالشجاع؛ لأنه ينهي عزلة السودان مع دول العالم كافة"، وأضاف أن السودان "ينتظر اكتمال مؤسساته الديمقراطية، وضمنها المجلس التشريعي لكي يصادق على قرار التطبيع".
هذا يوم تاريخي لشعبنا الذي عانى طوال 27 عاماً تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب نشكر الرئيس ترامب على شطب اسم بلادنا من هذه القائمة.
وبهذا القرار نأمل أن تخطو بلادنا نحو مدارج المجد من خلال بناء علاقات متوازنة مع العالم من أجل سودان الحرية والسلام والعدالة.— Mohamed Hamdan Daglo (@GeneralDagllo) October 23, 2020
ترحيب ورفض
كما رحب رئيس وفد "مقدمة الجبهة الثورية" التوم هجو باتفاق التطبيع مع إسرائيل، وقال للجزيرة إن أغلب الشعب السوداني تؤيده، عدا قلة أيديولوجية. وأضاف أن التطبيع ارتبط برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الأميركية، وتوقع تبادل الزيارات قريبا.
في المقابل، رفضت أطراف سياسية أخرى قرار التطبيع مع إسرائيل، ورأت أن حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية اتخذت قرارا ليس من صلاحياتها، ووصفت تلك القوى إسرائيل بالكيان العنصري المغتصب، ولا يوجد أي مبرر للاعتراف به. وقال إبراهيم الأمين -وهو قيادي في حزب الأمة القومي، وهو من المكونات الرئيسية لقوى الحرية والتغيير- إن قرار السلطات السودانية التطبيع مع إسرائيل جاء نتيجة "إملاءات وضغوط خارجية على الخرطوم"، وإن قرار حزب الأمة على هذه الخطوة سيكون سحب الثقة من حكومة حمدوك.
واتهم تجمع قوى الإجماع الوطني -أحد أبرز مكونات تحالف إعلان الحرية والتغيير- الحكومة الانتقالية بانتهاك الوثيقة الدستورية، والخروج على ثوابت "سودان اللاءات الثلاثة". وقال التجمع -في بيان- إن الحكومة الانتقالية أذعنت للضغوط من أجل اتخاذ مواقف تعزز فرص الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية.
وجدد -في بيان- دعمه للشعب الفلسطيني، من أجل الحصول على كامل حقوقه المشروعة، وطالب بتجميد أي خطوات للتطبيع مع إسرائيل.
وفي وقت سابق الجمعة، قال وزير الخارجية السوداني المكلف عمر قمر الدين إن الحكومة الانتقالية وافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بعد وقت قصير من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأمر، وأضاف قمر الدين أن المصادقة على الاتفاق -حتى يدخل حيز التنفيذ- تظل من اختصاص الأجسام التشريعية في البلاد، وذلك في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السودانية الرسمية.
وفي حال توقيع السودان على اتفاق التطبيع، سيصبح الدولة العربية الخامسة التي تبرم اتفاقية تطبيع مع إسرائيل، بعد مصر (1979)، والأردن (1994)، والإمارات والبحرين (2020).
البيان الثلاثي
واتفقت إسرائيل والسودان أمس الجمعة على تطبيع العلاقات، بالتزامن مع الإعلان عن توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرسوما برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقال مسؤولون أميركيون كبار إن الرئيس ترامب أبرم الاتفاق في اتصال هاتفي مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وأضاف البيان الثلاثي المشترك أن زعماء إسرائيل وأميركا والسودان اتفقوا على بدء علاقات اقتصادية وتجارية بين السودان وإسرائيل، مع التركيز مبدئيا على الزراعة، مؤكدا أن أميركا ستتخذ خطوات لاستعادة حصانة السودان السيادية، والعمل مع شركاء دوليين لتخفيف أعباء ديونه.
افادت مجلة فورين بوليسي الاميركية الخميس ان الادارة الاميركية رفضت المضي قدما في اتفاق لاخراج السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ما لم تعترف باسرائيل.
وقالت الصحيفة انه من المتوقع ان يعلن السودان تطبيع العلاقات مع اسرائيل الاسبوع المقبل.— ZaidBenjamin زيد بنيامين (@ZaidBenjamin5) October 22, 2020
وقال الرئيس ترامب إنه سيتم استقبال السودانيين ودول أخرى سيتم الإعلان عن أسمائها قريبا ستنضم لقائمة المطبعين مع إسرائيل، وتوقع الرئيس الأميركي أن تلتحق السعودية بالركب قريبا.
الموقف الإيراني
وفي ردود الفعل الخارجية، علقت وزارة الخارجية الإيرانية على قرار التطبيع السوداني الإسرائيلي بتغريدة قالت فيها "إذا تجاهلت الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، ودفعت الفدية المناسبة؛ عندها سيتم حذفك من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وأضافت الخارجية الإيرانية أنه من الواضح أن "هذه القائمة الأميركية مزيفة ومفبركة مثل حرب الولايات المتحدة على الإرهاب".
وقال حسين أمير عبد اللهيان مستشار رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية إن تطبيع السودان لعلاقاته مع إسرائيل أتى وفقا لأوامر أميركية ومقابل الحصول على 300 مليون دولار من السعودية، حسب تعبيره. وفي تغريدة له على تويتر، أضاف عبد اللهيان أن الشعب السوداني لن يخون قضية القدس، ولن يكون لإسرائيل مكان في المنطقة مستقبلا.
وصف #ترامب تطبيع العلاقة بين الكيان الغاصب و #السودان بأنه انتصار أمريكي؟! لماذا؟!
لأن هذا التطبيع عملياً لن يعطي السودان شيء، وإنما أخذ منها عندما دفعت مئات الملايين من قوت شعبها الفقير، وأكثر من ذلك أظهر السوداني العزيز صاحب النخوة والكرامة بأنه جاء لبيت الطاعة مكسورًا ذليلًا
— أدهم أبو سلمية #فلسطين 🇵🇸 (@adham922) October 23, 2020
الموقف الفلسطيني
كما أدانت الرئاسة الفلسطينية تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، باعتباره مخالفا لمبادرة السلام العربية المقرة في القمم العربية والإسلامية. كما أدانت فصائل فلسطينية هذه الخطوة. ووصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف تطبيع السودان علاقاته مع إسرائيل بالطعنة الجديدة في ظهر الشعب الفلسطيني وخيانة لقضيته العادلة.
وقال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سامي أبو زهري إن الاعلان أمر مؤلم ولا يتفق مع تاريخ السودان المناصر للقضية الفلسطينية. واعتبرت حركة الجهاد الإسلامي الاتفاق "تهديدا حقيقيا لهوية ومستقبل السودان"، ووصفته بأنه خيانة للأمة ولثوابت الإجماع العربي.
في المقابل، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الجمعة إنه يرحب بالجهود المشتركة للسودان والولايات المتحدة وإسرائيل لتطبيع العلاقات بين تل أبيب والخرطوم. ونقلت وكالة أنباء الإمارات العربية (وام) عن بيان لوزارة الخارجية ترحيب أبو ظبي بقرار السودان تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقالت الوزارة إن "قرار السودان في مباشرة العلاقات مع دولة إسرائيل يعد خطوة مهمة لتعزيز الأمن والازدهار في المنطقة".