لوبوان: مقتل المعلم الفرنسي.. لماذا تباينت ردود الشخصيات الدينية البارزة في العالم الإسلامي؟

كومبو لإمام الأزهر أحمد الطيب، والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسليمن علي القره داغي، ورئيس رابطة علماء المسلمين محمد عبد الكريم العيسى
الشخصيات الإسلامية البارزة استنكرت نشر الرسوم المسيئة (الصحافة العربية)

لم تتوان الشخصيات الدينية البارزة في العالم الإسلامي عن إدانة مقتل المعلم الفرنسي صامويل باتي؛ لكنها استنكرت في الآن ذاته نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لنبي الإسلام (عليه الصلاة والسلام)، وهو ما وضعها في مواقف صعبة وفقا للكاتب أرمين عريفي في تقرير نشرته صحيفة "لوبوان" (Lepoint) الفرنسية.

يقول الكاتب إن شيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب، كان من المفترض أن يمثل الإسلام السني في تظاهرة "نداء السلام"، التي أقيمت بساحة الكابيتول في العاصمة الإيطالية (روما) مؤخرا بحضور البابا فرنسيس وممثلين عن اليهودية والبوذية، بهدف توطيد أواصر السلام بين الأديان بعد الهجوم الأخير على المدرس الفرنسي؛ لكن تعذر عليه الحضور بسبب وباء كورونا المستجد.

ويمثّل الطيب، وفقا للكاتب، "الإسلام الوسطي المعتدل"، الذي يراوح بين الحفاظ على التقاليد ومواكبة الحداثة. وقد بعث برسالة قرأها عنه المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية.

إدانة واستنكار

في الرسالة، أدان شيخ الأزهر مقتل المدرس الفرنسي صامويل باتي في المدرسة الثانوية بكونفلات سانت أونورين، ووصف الحادث بـ"العمل الإجرامي الشنيع"، الذي "لا يمتّ لتعاليم الإسلام أو لرسوله بأي صلة".

لكن شيخ الأزهر استنكر في الآن ذاته عرض الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) ، والتي سبق أن نُشرت في مجلة شارلي إيبدو الفرنسية، قائلا "بالتوازي مع هذا أؤكد بأنّ إهانة الأديان والاعتداء على مقدساتها باسم حرية التعبير هو معيار فكري مزدوج ودعوة للكراهية".

يضيف الكاتب أن الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، اتخذ موقفا مشابها لشيخ الأزهر عقب مقتل صامويل باتي، إذ أدان حادثة القتل عبر تدوينة على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك؛ لكنه اعتبر أن المدرس الفرنسي افتقر "للحكمة" عندما عرض رسومات تمس بمعتقدات طلابه المراهقين.

وحسب الكاتب، فإن القره داغي تبنّى نظرية المؤامرة من خلال الإيحاء بأن السلطات الفرنسية أصبح بإمكانها أن تسوّق أي رواية ترغب بها بعد أن قتلت عبد الله أنزوروف المتهم بقتل المدرس الفرنسي.

France to heighten security for New Year's Eve revelries
بعد تزايد أعمال العنف مؤخرا فرنسا تشدد إجراءات الأمن في احتفالات ليلة رأس السنة الجديدة (رويترز)

يضيف الكاتب أن القره داغي اضطر إلى التراجع عن تصريحاته، وأدان في الموقع الرسمي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حادثة ذبح المدرس الفرنسي من دون قيد أو شرط، مضيفا أنه لم يشكك في جريمة القتل بأي حال من الأحوال؛ لكنه أراد ببساطة أن يُقبض على الإرهابي "لفهم دوافعه بشكل أفضل".

في هذا السياق، يقول دينيس بوشار، الدبلوماسي السابق والخبير بشؤون الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، "من الواضح أن هناك إحراجا تُسببه هذه الحادثة للشخصيات الدينية، التي صُدمت من هذه الرسوم الكاريكاتيرية، مثل غالبية المسلمين، بما في ذلك غير المتطرفين، لكنهم مطالبون باتخاذ موقف واضح؛ لأنهم يظلون تحت سلطة الحكومات التي لا تريد إثارة غضب فرنسا".

مواقف رسمية

في سياق المواقف الرسمية في العالم الإسلامي، يقول الكاتب، إن مصر أدانت دون تحفظ "الحادث الإرهابي" الذي وقع في ضواحي باريس، وقدمت وزارة الخارجية المصرية تعازيها لأسرة صامويل باتي، وعبرت عن "تضامنها" مع فرنسا.

من جانبها، أدانت المملكة العربية السعودية بشدة "حادثة الطعن بالسكين" التي أودت بحياة المدرس الفرنسي من دون الحديث عن "عمل إرهابي". وتأكيدا على رفض المملكة "للعنف والتطرف والإرهاب بجميع أشكاله"، جددت وزارة الخارجية السعودية "دعوتها لاحترام الرموز الدينية والامتناع عن إثارة الكراهية من خلال إهانة الأديان".

وفي بيان صدر، بعد ظهر الأربعاء، عبرت قطر عن إدانتها الشديدة لحادثة الطعن بالسكين، وأكدت وزارة الخارجية القطرية على "رفضها للعنف والإرهاب مهما كانت الأسباب"؛ لكنها أكدت على "ضرورة التضامن العالمي من أجل احترام الأديان ومكافحة الكراهية".

أقوى رد فعل

واختتم الكاتب بأن أقوى رد فعل في العالم الإسلامي صدر من الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، فقد أدان "الهجوم الإرهابي الرهيب" في كونفلات سانت أونورين. وشدد وزير العدل السعودي السابق، الذي يترأس رابطة العالم الإسلامي ومقرها مكة، على أهمية "بذل كل الجهود الممكنة من أجل محاربة الإرهاب واجتثاث شروره، لا سيما دحر الفكر المتطرف، الذي يشجع هذه الجرائم".

المصدر : الصحافة الفرنسية