بحثا عن الكرسي.. مؤتمرات انتخابية بمصر وسط تساؤلات عن كورونا؟

اهتمام بالدعاية الانتخابية في مصر يطغى على مخاطر كورونا (مواقع التواصل)

رغم المخاوف من الموجة الثانية لفيروس كورونا، ورغم السيطرة الحكومية والأمنية على قوائم الترشح لانتخابات مجلس النواب المقررة الأسبوع القادم، تشهد قرى ومدن مصرية تكدسا خلال المؤتمرات الانتخابية، وكأن هناك منافسة حقيقية أو برلمانا قادرا على مراقبة السلطات ومحاسبتها، كما يقول المعارضون.

وبحسب الهيئة الوطنية للانتخابات فمن المقرر إجراء انتخابات مجلس النواب يومي 24 و25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للمنافسة على 568 مقعدا موزعين على 143 دائرة انتخابية للمقاعد الفردية و4 دوائر للقوائم.

ورغم اتجاه البعض إلى الدعاية الانتخابية على مواقع التواصل حرصا على التباعد الاجتماعي والالتزام بالإجراءات الاحترازية خوفا من انتشار فيروس كورونا؛ لكن ظهرت أيضا الكثير من الفعاليات الجماهيرية، التي عقدها المرشحون سواء على المقاعد الفردية أو التابعين للقوائم الانتخابية، التي يسيطر عليها حزب مستقبل وطن، والذي يصفه معارضون بالذراع السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسي.

وتأتي تلك المؤتمرات الجماهيرية مخالفة للوائح الهيئة العليا للانتخابات، التي منعت الاجتماعات الجماهيرية الحاشدة كخطوة في مواجهة جائحة كورونا.


يقول سليمان عبد الله أحد أهالي محافظة المنصورة (شمال القاهرة)، إن تلك المؤتمرات تشهد ارتداء الكمامات من قبل البعض؛ لكن تظل الأغلبية بدونها، كما يهمل المنظمون التباعد الاجتماعي بين الجالسين،
وهو ما نتج عنه تكدس أعداد كبيرة من المواطنين بجانب المرشحين.

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر سليمان أن حالة الصمت على المخالفات الدعائية للمرشحين، والتي بدأت منذ فترة، تمثل نوعا من التواطؤ الواضح للجهات المسؤولة عن تطبيق وإنفاذ القانون على المخالفين والممتنعين عن تطبيق الإجراءات الاحترازية.

التساهل في تطبيق الإجراءات الاحترازية، تحدث عنه أيضا المواطن المصري عادل (خريج معهد خدمة اجتماعية، وفضل عدم ذكر اسمه كاملا)، الذي قال إن ما أثار حالة من الاستنكار بالشارع كان الاهتمام الزائد بالإجراءات الاحترازية في أماكن دون غيرها، بينما يتم إغفال المرشحين لمجلس النواب، وهو الأمر الذي بدأ منذ انتخابات مجلس الشيوخ الشهر الماضي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف عادل "المساجد تُغلق بعد الصلوات مباشرة بدعوى كورونا، بينما مؤتمرات المرشحين محصنة من الإصابة بفيروس كورونا، ما يشير إلى أن الغرض الأساسي هو الوصول إلى السلطة بغض النظر عن مصلحة المواطن".

مفارقة تطبيق القانون

بدوره يؤكد محمد عاشور، الخبير القانوني والمحامي بمجلس الدولة، أن هناك قرارات عقابية رادعة لمخالفي الإجراءات الاحترازية بمواجهة فيروس كورونا؛ لكن لم يتم تطبيقها على المؤتمرات الجماهيرية، التي يعقدها المرشحون، موضحا أن عقوبات مخالفة التعليمات تصل إلى الحبس وغرامة لا تتجاوز 4 آلاف جنيه، سواء لعدم ارتداء الكمامة أو الاجتماعات الجماهيرية من دون تباعد اجتماعي.

ولفت إلى قرارات أخرى حددتها اللجنة العليا للانتخابات، والتي تصل إلى شطب المرشح حال عدم الالتزام بها، خاصة أن عدم الالتزام يعني مخالفة قرار رئيس الوزراء بشأن إجراءات مكافحة فيروس كورونا خلال شهر الدعاية الانتخابية، موضحا أن لجنة الانتخابات أعلنت شطب أي مرشح مهما كان، وإحالته للنيابة العامة حال ثبوت خرقه للضوابط.

وأضاف الخبير القانوني "لكن للأسف لم يحدث ذلك في مواجهة المخالفات، بدعوى الحفاظ على الدولة واستقرارها والوصول إلى الناخبين".

وتابع "هناك عشوائية في تطبيق العقوبات، فنجد تطبيق غرامات على فئات محددة مثل السائقين، بينما كان من الأجدى تطبيقها كذلك على المرشحين بمجلس النواب المخالفين للقرارات، خاصة في ظل التحذيرات الرسمية من وزارة الصحة حول الموجة الثانية لفيروس كورونا".

مخاوف من الموجة الثانية

وفي سياق متصل استنكر استشاري الكبد والجهاز الهضمي، محمد علي، ضرب التعليمات الوقائية عرض الحائط من قبل المرشحين، معتبرا أن التخاذل في الإجراءات الاحترازية أمر مقلق خاصة مع استمرار حصاد وباء كورونا للأرواح يوميا.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الطبيب المصري إلى أنه بالرغم من نقص معدلات الإصابة بفيروس كورونا في مصر خلال الفترة الماضية حسب البيانات الحكومية، غير أن الوضع يحتاج للحذر الشديد، خاصة في ظل التخوفات العالمية من تفشي الموجة الثانية من الوباء، والتي بدأت بالفعل مع حلول فصل الخريف في أوروبا، ونتج عنها إغلاق كلي وشبه كلي داخل الكثير من المناطق هناك.

وأضاف أن إصابة شخص واحد قد تؤدي إلى مأساة في ظل مخالطة عشرات المواطنين الآخرين، وهو ما يجعل الأماكن الجماهيرية الحاشدة من أسباب التفشي الوبائي، الذي يصيب عشرات المواطنين، وهو ما تكرر من قبل في أكثر من مناسبة تم رصدها، مثل واقعة وفاة عريس بفيروس كورونا بعد أن رفض أهله تأجيل زفافه، واتضح أنه نقل العدوى إلى 111 من الضيوف في يونيو/حزيران الماضي.

المصدر : الجزيرة