قضى بحل برلمان الثورة وسعودية تيران وصنافير.. فكافأه السيسي برئاسة مجلس الشيوخ

عبد الرازق (يمين) خلال تكريمه من السيسي (مواقع التواصل)

كاد المستشار عبد الوهاب عبد الرازق أن يذهب في غياهب النسيان عقب رحيله عن رئاسة المحكمة الدستورية قبل عام؛ لكن تبين أنها كانت مجرد استراحة وترتيب كي ينال الرجل ما يعتبرها البعض مكافأة على ما قام به، حيث فوجئ الرأي العام بتعيينه رئيسا لحزب مستقبل وطن، الحزب الأكثر سطوة على السياسة بمصر، والذي يصفه مراقبون بـ"الذراع السياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي".

لم يكن لعبد الرازق سابقة عمل بالسياسة، بحكم عمله مستشارا بهيئة قضائية، الأمر الذي يلزمه قانونا بتجنب العمل السياسي، ومع ذلك فقد جاءت المفاجأة الثانية في حياة الرجل الصاعد سياسيا عندما تم اختياره رئيسا لمجلس الشيوخ أمس الأحد.

واستدعى هذا التصعيد الكبير بحث المراقبين والنشطاء في حيثيات بروز الرجل سياسيا بهذا الشكل السريع، فكان أهم ما توقف عنده المغردون هو مسيرته القضائية خلال رئاسته للمحكمة الدستورية، والتي شهدت أحكاما مثيرة للجدل، تصب كلها في صالح النظام، وضد رغبة الرأي العام المصري.

 

وفور اختيار عبد الرازق رئيسا لمجلس الشيوخ، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي باستدعاء أبرز ما قام به، ويمكن أن يشكل حيثيات اختياره للمنصب، ودارت معظم التدوينات الناقدة للاختيار حول دور عبد الرازق في إجهاض الحكم التاريخي لمحكمة القضاء الإداري بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، وما استتبع ذلك من نقل تبعية وملكية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية.

وسرد مغردون الأحكام السابقة لرئيس الشيوخ الجديد، مثل حكم حل أول برلمان تشكل عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وكذلك إعادة المرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق (آخر رئيس وزراء في عهد مبارك) إلى السباق الرئاسي عقب استبعاده، إثر الحكم بعدم دستورية قانون العزل السياسي، الذي كان يستهدف منع رموز نظام الرئيس الراحل حسني مبارك من المشاركة في الحياة السياسية.

وسخر مغردون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من إسراع رئيس الشيوخ الجديد إلى ما عدوه "نفاقا لمن قام بتعيينه، وهو السيسي، صاحب الاختيار الحقيقي وليس الأعضاء".

ففي أول كلمة بعد اختياره رئيسا لمجلس الشيوخ، جاء خطاب عبد الرازق منسجما مع خطاب السلطات المصرية منذ الانقلاب العسكري في صيف 2013، حيث هاجم ما وصفها بالمؤامرات الإقليمية والدولية على مصر، دون أن يحددها، كما أفاض في مدح الجيش والشرطة، متهما النشطاء بالطيش والجهل.

وكان الجزء الأكبر من خطابه إشادة بالرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أنه أنقذ مصر، التي كانت "قاب قوسين أو أدنى من الهلاك"، مضيفا في مدح السيسي "لكن الله حماها وهيأ لها فارسا وطنيا مغوارا غيورا على شعبه، وفوضه الشعب لإدارة دفة السفينة وعزل من أراد الذهاب بالوطن إلى الهاوية، وها هو البطل يسير بالسفينة في بحر يتربص به قراصنة جبنوا عن المواجهة، وجندوا من ضل بهم الطريق من أبناء الوطن".

ومضى عبد الرازق في مدح السيسي قائلا إنه لم ينشغل رغم تلك المواجهة عن "بناء مصر الحديثة القوية، وراح يبنى في كل الميادين، مما أذهل العالم بالإنجازات التي ألجم بها أعداءه".

وقارن مغردون بين عبد الرازق وغيره من أعضاء الهيئات القضائية، الذين أطاح بهم السيسي، مثل نائبي رئيس مجلس الدولة المستشارين يحيى دكروري وأحمد الشاذلي رغم ترشيح قضاة المحكمة للأول رئيسا لمجلس الدولة، وهو الترشيح، الذي تجاهله السيسي، ليختار آخرا بدلا منه عقابا لهما، بحسب مراقبين، على الحكم التاريخي بمصرية تيران وصنافير، وهو الحكم الذي نقضه عبد الرازق في المحكمة الدستورية.

كما قارن مغردون بين طبيعة وأداء رئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب علي عبد العال، واعتبر البعض أنهما سواء في "التفريط في مقدرات الوطن".

 

وذهب مغردون إلى القول بأن مجلس الشيوخ كله؛ وليس رئيسه فحسب، تشكل من كل الرافضين لمصرية الجزيرتين، لمكافأة الأعضاء المعينين به على خدمات جليلة قدموها للنظام، وعلى رأسها مساندة الموقف الرسمي للنظام بالتنازل عن الجزيرتين للسعودية.

وانتقد مغردون معظم تعيينات المجلس الجديد على خلفية تأييدهم للنظام خاصة سعودية الجزيرتين، لا على مواقفهم الوطنية والخبرات السياسة أو حتى التكنوقراطية، ومنهم الفنان يحيى الفخراني، المنسوب له تصريح بمعاداة كل من يقول بمصرية الجزيرتين.

 

 

 

 

بالمقابل احتفت منصات رسمية ومجموعات إلكترونية بتولي عبد الرازق رئاسة المجلس، ورأته خطوة جديدة مبشرة، كما تداول مغردون مؤيدون للنظام خطابه الأول رئيسا للمجلس، معتبرين أنه تأكيد على المضي في الاتجاه الصحيح.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي