نشر معلومات صحيحة.. جديد التضييق على صحفيي المغرب

سناء القويطي - خاص/ صحافيون في وقفة احتجاجية أمام محكمة الرباط - محاكمات الصحافيين بالمغرب... حرية الصحافة على المحك
صحفيون في وقفة احتجاجية أمام محكمة الرباط (الجزيرة نت)

سناء القويطي-الرباط

بعدما تعودوا على اتهامهم بنشر أخبار زائفة، يعيش صحفيو المغرب حالة من الدهشة والغليان على خلفية دعوى قضائية رفعها رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) ضد أربعة صحفيين لنشرهم معلومات صحيحة تهم أعمال لجنة تقصي الحقائق حول صناديق المعاشات.

واحتج عشرات الصحفيين والحقوقيين والنقابيين الأربعاء أمام محكمة بالرباط بالتزامن مع جلسة جديدة للمحاكمة انتهت بتأجيل القضية إلى 20 مارس/آذار للنطق بالحكم. بينما حمل آخرون شارات حمراء داخل مؤسساتهم الإعلامية تضامنا مع زملائهم.

ويلاحق أربعة صحفيين هم عبد الحق بلشكر ومحمد أحداد وكوثر الزاكي وعبد الإله سخير، إلى جانب مستشار برلماني، بتهمة تسريب معلومات تتعلق بمداولات لجنة تقصي الحقائق البرلمانية حول صناديق المعاشات وإفشاء السر المهني.

ووصف الصحفيون المحتجون هذه المحاكمة بالعبثية وبأنها محاولة لقتل الممارسة الصحفية وحق المواطنين في المعلومة، مستنكرين المحاكمات التي تهدف لتكميم أفواههم والتضييق عليهم. واستغربوا مطالبة النيابة العامة بسجن الصحفيين لقيامهم بعملهم، وهو ما اعتبرته النقابة الوطنية للصحافة في بيان لها تطورا بالغ الخطورة ومؤشرا على استهداف حرية الصحافة.

وساطة بلا جدوى
وكانت النقابة قد تدخلت للوساطة لحل الملف الذي دخل ردهات المحاكم منذ حوالي عام، وطالب رؤساء فرق برلمانية بمجلس المستشارين رئيسهم بسحب الدعوى، غير أن الوساطة لم تفض إلى نتيجة والمطالب لم تجد لها صدى.

ودفعت التطورات الأخيرة التي شهدتها القضية -إثر مطالبة النيابة العامة بإدانة الصحفيين الأربعة بخمس سنوات سجنا و10 سنوات في حق المستشار البرلماني- الصحفيين بمختلف هيئاتهم إلى إعلان التعبئة وتشكيل لجنة للدعم والتضامن مع زملائهم، وقالت النقابة الوطنية للصحافة في بيانها إنها تأمل "ألا تأخذ هيئة المحكمة بعين الاعتبار ما طالبت به النيابة العامة التي نصبت نفسها في هذه القضية طرفا منحازا، حيث عارضت جميع الدفوعات الشكلية التي تقدمت بها هيئة الدفاع بما في ذلك ما يتعلق بضمان شروط المحاكمة العادلة".

إعلان

من جهته، تجنب الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي إبداء موقف من متابعة الصحفيين خلال لقائه الأسبوعي مع وسائل الإعلام الخميس، قائلا إنه لا يعلق على الملفات المعروضة على القضاء.

إحدى المحاكم المغربية بسلا (الجزيرة)
إحدى المحاكم المغربية بسلا (الجزيرة)

قانون مهني بلا فائدة
ووصف عبد الله البقالي رئيس النقابة الوطنية للصحافة بالمغرب هذه المحاكمة بأنها "تتوفر على جميع عناصر الغرابة والفرادة"، ومن أوجه الغرابة بحسبه أن تكون الجهة التي حركت المتابعة هي رئاسة مجلس المستشارين، المؤسسة التشريعية والرقابية التي يفترض فيها حماية حرية الصحافة والتعبير والدفاع عن الصحفيين وليس جرهم للمحاكم بتهم غريبة".

وأوضح البقالي في حديث مع الجزيرة نت أن الصحفيين الأربعة نشروا أخبارا صحيحة ومثبتة ويعترف بها الجميع، مما يجعل محاكمتهم تفتقد للمنطق، كما استغرب استبعاد قانون الصحافة والنشر الذي يخلو من العقوبات الحبسية في متابعة الصحفيين واللجوء إلى قوانين أخرى.

وقال النقيب "نحن نرى أن قانون الصحافة وجد لتنظيم قضايا الصحافة والنشر ويجب محاكمة الصحفيين طبقا لمقتضياته وإلا فلا فائدة من وجوده".

‪البقالي: الصحفيون الأربعة نشروا أخبارا صحيحة ومثبتة ويعترف بها الجميع مما يجعل محاكمتهم تفتقد للمنطق‬ (الجزيرة)
‪البقالي: الصحفيون الأربعة نشروا أخبارا صحيحة ومثبتة ويعترف بها الجميع مما يجعل محاكمتهم تفتقد للمنطق‬ (الجزيرة)

حرية على المحك
ودخل قانون الصحافة والنشر حيّز التنفيذ في أغسطس/آب 2016 ولا يتضمن أية عقوبات سالبة للحرية، بيد أن الصحفيين لا يزالون يتابعون وفق مقتضيات القانون الجنائي.

وليست هذه الحادثة هي الأولى التي يحاكم فيها صحفيون بالمغرب، إذ اتهمت منظمة العفو الدولية في تقريرها لسنة 2018 المغرب بفرض قيود شديدة على الحق في حرية التعبير، مشيرة إلى أن المملكة شهدت خلال السنة الماضية صدور أحكام بالسجن لمدد متفاوتة على عدد من الصحفيين والمواطنين والمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب تعبيرهم عن آرائهم سلميا عبر الإنترنت، "في أعقاب محاكمات فادحة الجور".

غير أن السلطات المغربية وصفت تقرير المنظمة بأنه مبني على استنتاجات تعسفية من خلال "استعراض حالات معزولة وتقديمها باعتبارها قاعدة ثابتة، والاكتفاء بترديد ادعاءات وأخبار وإشاعات متداولة تكون في الغالب زائفة".

المصدر: الجزيرة

إعلان