أزمات مالية.. صحفيون فلسطينيون إلى المجهول

قناة القدس الفضائية تغلق أبوابها نتيجة الأزمة المالية
ثقل

دعاء شاهين-غزة

"نرجو من حضرتكم التكرم بعدم التوجه للقناة اعتباراً من اليوم الأحد وحتى إشعار آخر، وسيتم إبلاغكم لاحقاً بكافة المعطيات".. لم يكن وقع هذه الرسالة النصية التي أرسلتها قناة القدس الفضائية للعاملين لديها -بعدما أغلقت أبوابها في لبنان وقطاع غزة- سهلًا على الإعلامي أحمد ليلى، بل كان مؤلما حد الإحباط.

يقول أحمد وهو مقدم برامج "لم أتقاض راتبي منذ سنة وكنت أحصل على سلف بسيطة بدل مواصلات، وبالطبع لدي التزامات كثيرة، وهذا ما اضطرني منتصف أبريل/نيسان الماضي لتحويل عقدي من ثابت إلى متعاقد مع القناة كي أستطيع العمل في مؤسسة أخرى خارج أوقات الدوام".

ولن يتمكن بعد الآن من الذهاب لعمله كما المعتاد منذ أربعة أعوام لينضم إلى طوابير العاطلين عن العمل برفقة المئات من زملائه ممن باتوا ضحية إغلاق مؤسساتهم الإعلامية.

ولم تنحصر هذه الكارثة الإعلامية على العاملين بقناة القدس، كما هو حال الإعلامية يسرا الخيري التي باتت حبيسة جدران منزلها بعدما توقفت عن تقديم برنامجها "أوراق شبابية" الذي استمرت في ظهورها على شاشته سبعة أعوام إثر توقف القناة عن بثها.

وفي تصريحات له عزا مدير فضائية القدس عماد الإفرنجي سبب الإغلاق إلى الأزمات المالية رغم اتخاذهم عدة إجراءات للحفاظ على بقائها من ترشيد النفقات وتقليص عدد البرامج والموظفين، لكن تلك الخطوات عجزت أمام تراكم الديون المرتفعة والتي تقدر بالملايين.

‪عفيفة: هناك خطر يحدق بالمشهد الإعلامي الفلسطيني إثر الأزمات المالية‬  عفيفة: هناك خطر يحدق بالمشهد الإعلامي الفلسطيني إثر الأزمات المالية (الجزيرة)
‪عفيفة: هناك خطر يحدق بالمشهد الإعلامي الفلسطيني إثر الأزمات المالية‬  عفيفة: هناك خطر يحدق بالمشهد الإعلامي الفلسطيني إثر الأزمات المالية (الجزيرة)

على المحك
ولم يتوقف نزيف إغلاق المؤسسات الإعلامية الفلسطينية الذي سببته الأزمات المالية -منذ أن بدأ بقناة "هنا القدس" و"الكتاب" التابعة للجامعة الإسلامية، كما لحق الخطر بفضائية "الأقصى" التابعة لحركة حماس، ثم إغلاق فضائية القدس و"المركز الفلسطيني للإعلام" الذي أغلق مكتبه بغزة مقتصرا على عمل طاقمه من منازلهم، مما ينذر بأن المشهد الإعلامي الفلسطيني بات على المحك. 

إعلان

ويبين مدير "الأقصى" وسام عفيفة أن هناك خطرا يحدق بالمشهد الإعلامي الفلسطيني إثر الأزمات المالية المتوالية، الأمر الذي يجعل مصير موظفيها مجهولا، وهذا ليس مقتصرا على الإعلام الفلسطيني بل هناك العديد من القنوات العربية تواجه نفس المعضلة.

ونبّه عفيفة المؤسسات الإعلامية إلى ضرورة إعادة هيكلتها، وفلترة أولوياتها من حيث الشكل والمضمون والبحث عن أدوات أقل تكلفة. وأبدى تخوفه على قناته التي تعمل تحت خطة إدارة الطوارئ لتفادي الأزمة المالية التي أثرت عليها بشكل كبير بعد تعرضها لخسائر بسبب القصف الإسرائيلي الذي استهدف مقرها مؤخرًا بغزة. وكشف أن العاملين بالقناة معرضون لخطر التوقف عن العمل في أي وقت فهم لا يتقاضون راتبهم بشكل منتظم ولا يحصلون سوى 50%.

ويرى الكاتب الصحفي فتحي صباح رئيس مجلس إدارة المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية أن ما يحدث تجاه المؤسسات الإعلامية أزمة فصائلية وليست فلسطينية عامة لها أبعاد إقليمية مرتبطة بالجهات الداعمة التي كانت تضخ أموالها لصالح تلك القنوات ثم توقفت لأسباب تتعلق بالجوانب السياسية وصراعها مع جهات أخري -كإيران مثلا التي كانت بمثابة الداعم الأول لبعض من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية- فقد أوقفت دعمها بعدما تعرضت للحصار الأميركي وتراجع اقتصادها واتجاهها لدعم قنوات وتحالفات أخرى كسوريا.

تراجع الرواية الفلسطينية
وأشار صباح إلى أن هذه الأزمات الإعلامية لها تداعيات على المستوى السياسي تتمثل في تراجع الرواية الفلسطينية أمام الإسرائيلية التي تتقدم باستمرار مما يشكل خطورة على المشهد الفلسطيني برمته، وعلى المستوى الاقتصادي هناك المئات من الموظفين فقدوا عملهم مما يزيد من نسب البطالة.

ومن جانبها حذرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين من التداعيات الخطيرة التي يشهدها الواقع الإعلامي بعد إغلاق عدة قنوات إعلامية كان آخرها "القدس".

المصدر: الجزيرة

إعلان