القاهرة أسوأ المدن.. هل يصدق سكانها ذلك؟

عبد الرحمن محمد–القاهرة

ماذا يقول الواقع؟
ويقول سامح في حديثه للجزيرة نت إنه ليس المطلوب تأكيد أو نفي هذا التصنيف، وما إذا كانت القاهرة هي الأسوأ أم لا، لأنه لن يغير من حقيقة ما هو مرصود للجميع ويصعب إنكاره من أن المعيشة في القاهرة من سيئ لأسوأ من دون وجود تحركات ملموسة للحد من ذلك، حسب رأيه.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن نحو سبعة ملايين شخص يموتون سنويا في أنحاء العالم بسبب تلوث الهواء الذي يؤثر على الرئتين والقلب والأوعية الدموية ويسبب أمراضا عدة، منها السكتة الدماغية وأمراض القلب والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي.
ويرى سعيد راضي (مبرمج) أن مسارعة كل من يملك المقدرة إلى لنزوح من قلب القاهرة نحو أطرافها والمدن الجديدة الملحقة بها هو نتاج طبيعي لسوء الوضع بالعاصمة، مشيرا إلى أن النسبة الكبرى من السكان لا تتوفر لديهم إمكانات النزوح، ولذا تستمر معاناتهم ويصبحون بدورهم -لكثافتهم- من عوامل الوصول إلى هذا التصنيف.
وسبق أن احتلت القاهرة مراتب متدنية في مؤشرات دولية أخرى، فمنذ قرابة عام صنفت القاهرة أسوأ مدينة للمرأة في العالم، حسب استطلاع أجرته مؤسسة تومسون رويترز، وهو ما رفضه كذلك رسميا في حينه المجلس القومي للمرأة في مصر.
عدم الاعتداد بالرفض الرسمي للتصنيف الأخير تجاوز الشارع إلى سياسيين وإعلاميين، فقد طالبت البرلمانية المصرية شيرين فراج -على خلفية تقرير مجلة فوربس- رئيس الحكومة مصطفى مدبولي بإلغاء وزارة البيئة، لكونها لا تضع حلولا للأزمات المسببة للتلوث وإصابة المواطنين بالأمراض.
كما تساءل عماد الدين حسين رئيس تحرير صحيفة الشروق في مقال له مستنكرا، عما إذا كانت هناك مصلحة للمجلة حتى تتصدر القاهرة تصنيفها لأسوأ المدن، راصدا مظاهر يعيشها سكان القاهرة تؤكد حالتها السيئة، كما طالب بتجاوز الجدل في صحة التقرير إلى الوقوف على الأخطاء وأوجه القصور ومعالجتها.

تصنيفات سابقة
يقول الباحث في الهندسة البيئية عمر الحداد إن هناك توافقا في الأعوام الأخيرة على أن القاهرة من أسوأ المدن في العالم في مسار حماية البيئة، مستحضرا كنماذج لذلك ترتيب مصر السبعين على العالم في مجال البيئة الصحية، والـ 171 بمجال التلوث بالمعادن وفقا لجامعة ييل الأميركية.
ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن أكثر من ١٥ مليون نسمة يعيشون في القاهرة، في ظل منظومة بيئية متردية، وهو واقع يبرر هذا التصنيف، ويمكن معه إدراك مقدار التلوث الذي يتسبب به، إضافة إلى ضعف الاهتمام بتطبيق قوانين حماية البيئة وغياب الإرادة الحقيقية لدى صانع القرار لتحسين هذا الوضع.
وبشأن رفض وزارة البيئة لهذا التصنيف، يقول الحداد إنها كغيرها من مؤسسات الدولة لا تصدر إلا ما تمليه الرئاسة وتتعمد إظهار مثل هذه الأمور باعتبارها تأتي في سياق مؤامرة تستهدف مصر، ذاهبا إلى أن تدهور الأوضاع البيئية في مصر يشي بعدم مصداقية بيانات الوزارة في هذا الشأن.
ويعدد الكاتب الصحفي أحمد القاعود ضمن المظاهر التي يراها دليلا على صحة هذا التصنيف العدد الكبير للسيارات القديمة التي تلوث عوادمها شوارع القاهرة، ومنهجية حرق القمامة والمخلفات بمناطق داخلة في حيز المدينة، وغياب الرقابة المرورية الفاعلة على حركة السيارات والمركبات الأخرى، مثل التوكتوك، مما يؤدي إلى تلوث ضوضائي كبير.
ويحمّل القاعود -في حديثه للجزيرة نت- الحكومة مسؤولية هذه النتيجة كثمرة طبيعية للفساد المستشري بوزارة البيئة وغيرها من مؤسسات الدولة، وفق رأيه.