مظاهرات البصرة.. ضحايا وحظر تجوّل والصدر يمهل البرلمان
أفادت مصادر أمنية عراقية بمقتل متظاهر وإصابة 14 في أعمال عنف جديدة بـالبصرة جنوبي العراق وسط تصاعد حالة الغضب وتجدد المظاهرات في المدينة، في حين قالت مصادر محلية إن قيادة العمليات في البصرة أعلنت حظرا شاملا للتجول في المحافظة حتى إشعار آخر.
وكانت قيادة العمليات أعلنت ظهر الخميس فرض حظر التجوّل في عموم المحافظة، لكنها ما لبثت أن تراجعت عن القرار قبل دقائق لسريانه عصرا.
في تطور متصل جاب مئات المتظاهرين الغاضبين وسط البصرة، في ظل حالة أشبه بالانفلات الأمني. وأضافت مصادر في المدينة أن المتظاهرين هاجموا مقار عدة أحزاب من بينها حزب الدعوة ومنظمة بدر، والمجلس الإسلامي الأعلى، وحركة عصائب أهل الحق، وأشعلوا النار فيها جميعا.
بالتزامن مع تجدد المظاهرات رفضا لتردي الأوضاع المعيشية اندلعت النيران من مبنى الإدارة المحلية في المحافظة النفطية عصر الخميس. بينما هدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأنه سيكون له موقف حازم يزلزل عروش الفاسدين، حسب وصفه، إذا لم يعقد البرلمان جلسة استثنائية لمناقشة الوضع في البصرة الأحد المقبل.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية تعذرت معرفة ما إذا كان الحريق الجديد ذلك بسبب زجاجات حارقة ألقيت على غرار الليالي السابقة أم مجرد اضطرام جديد لحريق الأربعاء.
فخلال الليالي السابقة ألقى محتجون زجاجات حارقة وعصيا حارقة على المبنى، وبدا في وقت سابق الخميس أن أجهزة الإطفاء تمكنت من إخماد الحريق. لكن ألسنة اللهب عاودت الارتفاع مساء واجتاحت أجنحة أخرى تابعة للإدارة المحلية. وهذا هو المبنى الحكومي الخامس الذي يتعرض للحرق خلال الاحتجاجات الأخيرة التي تشهدها البصرة.
وتجمع مئات المتظاهرين -حسب وكالة الأنباء الألمانية- وآلاف -وفق وكالة الصحافة الفرنسية- أمام مبنى محافظة البصرة ظهر وعصر الخميس، ورغم الإجراءات الأمنية المشددة، اندلع الحريق في المبنى.
وشهدت ناحية الهارثة والزبير مظاهرات شاركت فيها جموع كبيرة من الشباب وشيوخ العشائر للمطالبة بتسهيل الخدمات وتوفير الماء الصالح للشرب، وتقديم المسؤولين عن تأخير إنجاز مشروع ماء البصرة الكبير للقضاء. كما أغلق محتجون مدخل ميناء أم قصر للسلع للمطالبة بتحسين الخدمات.
وكانت مصادر أعلنت مقتل سبعة متظاهرين وإصابة أكثر من 100 آخرين بينهم أكثر من 30 من قوات الأمن في الاشتباكات بين الأمن والمحتجين في اليومين الماضيين، بينما امتدت المظاهرات إلى ميناء أم قصر القريب الذي أغلقته السلطات مؤقتا.
إلغاء ووعيد
يأتي هذا التطور بعد ساعات من إعلان قيادة عمليات البصرة إلغاء قرار حظر التجوّل في كل المحافظة قبل دقائق من دخوله حيز التنفيذ عصر اليوم. وكانت قيادة العمليات قد أعلنت، في وقت سابق، أنها فرضت حظراً للتجوّل في المحافظة، ودعت المواطنين إلى الالتزام به، حفاظا على الأرواح والممتلكات العامة في البصرة.
واتهم حقوقيون قوات الأمن العراقية بالتسبب بسقوط الضحايا في المواجهات، في حين أشارت السلطات بأصابع الاتهام إلى من وصفتهم بمخربين ومسلحين تسللوا بين المحتجين، وأنها أمرت قوات الأمن بعدم إطلاق الرصاص الحي.
في سياق متصل قال زعيم التيار الصدري إنه لن يتهاون مع من وصفهم بأصحاب المحاصصات الطائفية الذين لا يحترمون دماء الشعب، داعيا إلى جلسة برلمانية بحلول يوم الأحد القادم.
وأكد مقتدى الصدر على ضرورة حضور "كل من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الداخلية والصحة والموارد المائية والإعمار والبلديات والكهرباء ومحافظ البصرة لوضع حلول جذرية، آنية ومستقبلية، في البصرة".
وأبدى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي استعداده لحضور جلسة مجلس النواب مع الوزراء والمسؤولين المعنيين "لمناقشة أوضاع وحاجات محافظة البصرة العزيزة والإجراءات المتخذة لرفع المعاناة عن أهلها وتقديم أفضل الخدمات لهم"، كما جاء في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي.
تأتي هذه التطورات وسط أزمة سياسية يعيشها العراق، حيث تسود خلافات واسعة بين الكتل الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار الماضي، بشأن الكتلة البرلمانية التي ستكلف بتشكيل الحكومة الجديدة. وتسببت الخلافات في إرجاء الجلسة الأولى للبرلمان إلى منتصف الشهر الجاري، والمخصصة لانتخاب رئيس للبرلمان ونائبيه، كخطوة أولى من مسار سيفضي في المحصلة إلى تشكيل الحكومة.
وتشهد محافظة البصرة، وهي أغنى محافظات العراق بالنفط، احتجاجات اندلعت في 8 يوليو/تموز الماضي اعتراضا على نقص كبير في الخدمات العامة خصوصا في قطاعي الكهرباء والماء، فضلا عن البطالة المزمنة، وكذلك على عدم كفاءة الدولة والسياسيين. وقد أدت أزمة تلوث المياه إلى إصابة أكثر من 30 ألف شخص بحالات تسمم تلقوا علاجا في المستشفيات.