لا شبكة ولا نيش.. مصريون يتخلون عن "ثوابت الزواج"
تحت وطأة الضغوط الاقتصادية في مصر، يعزف كثير من الشباب عن الزواج لما يرتبط به من تجهيزات مكلفة وفقا للأعراف والتقاليد، غير أن الآونة الأخيرة شهدت مبادرات للتخلي عن بعض الأعراف للتيسير على الشباب.
وبحسب تقرير إحصائي رسمي، فقد تراجع عدد عقود الزواج في مصر إلى حوالي 938 ألف عقد في عام 2016، أي بنسبة 3.2% عن عام 2015 الذي أبرم فيه حوالي 969 ألف عقد.
وتنفذ الحكومة المصرية منذ عام 2016 برنامجا اقتصاديا بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، شمل تحرير سعر صرف العملة وفرض ضرائب ورفع الدعم عن سلع أساسية وكمالية. وأدت هذه الإجراءات إلى موجات كبيرة من ارتفاع الأسعار، بما في ذلك أسعار الأجهزة المنزلية وغيرها من لوازم الزواج.
يقول الشاب عادل عبد الوكيل إنه عندما قرر الزواج اتفق مع أهل العروس على تجاوز تعقيدات الزواج، والاستغناء عن كل ما لا يحتاجه سكن الزوجية.
ولسنوات طوال، ظل النيش (خزانة لعرض أطقم الأطباق والأكواب) على اختلاف أشكاله وتصميماته، من لوازم الزواج المهمة عند المصريين.
وساد اعتقاد مجتمعي بأن الاستغناء عن النيش يعدّ "نقصا" ويقابل بنظرة دونية من المحيط الأسري والاجتماعي، إلا أن الظروف الاقتصادية وموجات ارتفاع الأسعار قادت إلى تغيير الكثير من الأعراف.
وهو ما فعله الشاب عبد الوكيل (27 سنة) عندما قرر الاستغناء عن النيش، وكذلك تقليل كمية الذهب (الشبكة) التي تُهدى للعروس، وهو ما وفر له كثيرا من النفقات.
تكاليف متزايدة
يقول عبد الوكيل إن الفكرة جاءته بسبب ارتفاع أسعار أطقم الأطباق والأكواب، حيث تُكلف أكثر من عشرين ألف جنيه (1200 دولار)، وهي مثل أدوات الزينة لا تستخدم إلا نادرا.
وأوضح أن الفكرة قوبلت ببعض الانتقاد من الأقارب بحكم حداثتها، قبل أن يمتدحوها عند دخول أبنائهم معترك الزواج، خاصة مع ارتفاع الأسعار حاليا.
وفي الفترة الأخيرة، ظهرت حملات على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى إلغاء "النيش" وتقليل الشبكة للتخفيف عن كاهل الأسر، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
تراجع شراء الذهب
وفي بعض قرى جنوبي مصر، تتراوح شبكة العروس بين 50 و150 غراما من الذهب، بسعر 600 جنيه (33 دولارا) للغرام الواحد.
ويقول عضو شعبة الذهب في الغرفة التجارية في القاهرة صلاح عبد الهادي إن معدلات شراء الذهب تراجعت بعد تحرير سعر صرف الجنيه المصري في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وذكر عبد الهادي أن "سوق الذهب تعاني من تراجع حاد لم تشهده مصر من قبل، بسبب عزوف المواطنين عن الشراء بعد ارتفاع الأسعار".
عادات غير مجدية
إسلام إبراهيم (30 سنة) شاب مصري لم يعبأ هو الآخر بالأعراف السائدة في مجتمعه، لكنه لا يرجع ذلك فقط إلى الظروف الاقتصادية بل إلى رفضه لبعض الأفكار السائدة بشأن الزواج.
ويقول إبراهيم إنه استغنى أيضا عن مائدة الطعام (السفرة) إلى جانب "النيش" لعدم الحاجة إليهما، وقرر إقامة العرس في دار مناسبات عامة بدلا من حفلة صاخبة في مكان خاص.
ولا يبالي إبراهيم بالانتقادات التي قد توجه إليه، ويقول إن "الناس سيتكلمون في جميع الحالات، وبالتالي لا أنظر إليهم. أنا أفعل ما أقتنع به فقط".
وتابع "كل ذلك جاء بالاتفاق مع أهل العروس، فهي أيضا اقتنعت بأنها عادات قديمة غير مجدية. تنازلت عن الكثير من المواصفات في الأجهزة الكهربائية، واشترينا ما يحتاجه منزلنا فقط".