بن سعيد.. لماذا يحاكم كاتب أكاديمي بتهمة الإرهاب؟
حددت المحكمة الجزائية السعودية الثلاثاء القادم موعدا لمحاكمة الكاتب والناشط السعودي أحمد بن راشد بن سعيد المطلوب بتهم تتعلق بالإرهاب، فيما أبقت حبل الانتظار يلف مصير عشرات العلماء والنشطاء الذين يقبعون في السجون منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
وقالت وكالة الأنباء السعودية في خبر نشرته وتلقفته وسائل إعلام سعودية أخرى إن المحكمة الجزائية "اتخذت هذا الإجراء استنادا إلى المادة 25 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، إذ تم طلب حضور المدعى عليه عدة مرات، ولم يحضر وتعذر تبليغه".
مفكك "الخطاب المتصهين"
وأحمد بن سعيد أكاديمي وأستاذ في الإعلام بجامعة الملك سعود وكاتب وناشط سعودي، وعُرف أيضا بنشاطه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، ومقالاته وقصائده المنشورة في عدة صحف خليجية، فضلا عن ظهوره الإعلامي عبر العديد من القنوات العربية.
ولا تعرف حتى الآن تفاصيل التهم وطبيعة "الوقائع" التي ينوي الادعاء العام عرضها أمام محكمة الثلاثاء، ولكن المعروف هو أن ابن سعيد نشط في السنوات الأخيرة في مناهضة الثورة المضادة وخطابها الإعلامي والسياسي، وارتبط بتشكيل خاص بما أصبح يعرف في أوساط متابعيه بـ"تفكيك الخطاب المتصهين"، حيث غرد وكتب مقالات، وأضاف مصطلحات جديدة حول هذا الحقل البحثي الجديد.
|
ولكثرة ما حاول ابن سعيد "تفكيك الخطاب المتصهين" أصبح يطلق عليه لقب "المفك"، لكنه الآن يواجه أزمة اتهامات لا فكاك منها، وفق خصومه ومناوئيه.
سيف على العربية
أعطى "المفك" جزءا كبيرا من وقته لمتابعة ما يبث وينشر عبر قناة العربية وموقعها، متوقفا عند دلالات الخطاب والمصطلحات التي ترد في أخبارها وتقاريرها ونشراتها، محللا ما بين سطوره، وقاده ذلك في كثير من الأحيان لمقارنات حاول من خلالها أن يثبت تطابق خطاب القناة مع ما يرد في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وشن مؤخرا هجوما لاذعا على فيلم "النكبة" الذي أنتجته القناة باعتباره "يُعيد صياغة قصّة ولادة إسرائيل كما يراها العرب والإسرائيليون"، ووصفه بالجريمة الجديدة، وقال إنها روجت من خلاله لحق إسرائيل في احتلال فلسطين، مستخدمة في ذلك التضليل التاريخي والإعلامي.
وفي تغريدة أخرى قال ابن راشد إن العربية إنما قصدت بفيلمها الوثائقي المزعوم الذي سمّته "النكبة"، "نكبة اليهود" لا الفلسطينيين، إذ بثّت هذا المقطع الترقيعي متناهي القِصَر عما أسمته "يوم النكبة الفلسطيني"، وتناولت معناه بعرض معلومات شحيحة وبلغة باردة. "نكبة" اليهود في فيلم من ساعتين، ونكبتنا في 44 ثانية!
ومن أبرز الهاشتاغات التي أطلقها بن سعيد لتفكيك خطاب العربية هاشتاغ ابق الوعي حيا. ويبدو أنه أزعج القائمين على العربية وأم بي سي، فتم توقيفه لفترة وجيزة في يونيو/حزيران 2016 بعد شكوى تقدمت بها القناة ضده.
|
وطالب السعوديين بامتلاك الشجاعة لمقاطعة قنوات مثل mbc وروتانا في رمضان على الأقل، معتبرا أن القائمين على القناتين حفنة من أعداء الفضيلة، داعيا في تغريدة أخرى للتسلح بالإيمان في مواجهة "أعداء الفضيلة".
بطل أم خائن؟
ترددت أصداء قرار المحكمة السعودية سريعا في تويتر، حيث انقسم المغردون حوله بين شامتين اتهموه بخيانة وطنه والعمل ضد سلطات بلاده عبر هاشتاغ #سلم_نفسك_يابن_سعيد، وداعمين له يرفضون التهم الموجهة له ويربطونها بنشاطه الإعلامي ضد ما يصفه بالخطاب المتصهين، وأطلق هؤلاء وسما تحت عنوان: #أحمد_بن_راشد_بن_سعيد_يمثلني.
وكتب الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي تحت هذا الهاشتاغ "تعلمت كما تعلم غيري من البرفيسور أحمد بن سعيّد كيف يحاول الإعلام الموبوء بث سمومه.. نعم كنا نعرف ذلك إجمالا فهيأ الله متخصصا يكشف بالتفصيل والبرهان ألاعيبهم ويشكّل مدرسة تميّز وتكشف الحقيقة الكامنة؛ لذلك تجد كل حر ذي عقل سليم ودين قويم يمكنه أن يقول: #أحمد_بن_راشد_بن_سعيد_يمثلني".
واعتبر الدكتور محمد الصغير أن أحمد بن راشد هو أحد رموز معركة الوعي "#أحمد_بن_راشد_بن_سعيد_يمثلني هو أحد رموز #معركة_الوعي ومكانه منصات التكريم وليس قاعات المحاكم"، فيما كتب المغرد خالد جاب الله "لن يخزيك الله أبدا ، فقد كنت أول من فضحهم وتصدى لخطرهم".
|
وكتبت مغردة أخرى تدعى الجوهرة "حفظه الله فهو لم يتطرق للحكومة السعودية بتاتاً ولم تخرج منه كلمة تؤذي بلده. رجل صادق في قلمه".
ومثل مغردون آخرون الجزء الثاني من الصورة، واتهموا بن راشد بالفرار من العدالة، حيث كتب أحدهم "لا يمكن أن تهرب من العدالة.. العدالة ستلاحقك أينما كنت، العدالة كالموت لا يمكن الهروب منها، هل تستطيع أن تهرب من الموت ؟ #سلم_نفسك_يابن_سعيد.
وكتب مغرد آخر يدعى خلف الدوسري "الو.. حبيت اذكرك يالمفك.. بأن سجن الحائر تتوفر فيه أجهزة صراف آلي وعليك تسديد المخالفة بعد تسليم نفسك.#سلم_نفسك_يابن_سعيد"
ضيوف جدد على السجن
بالتزامن مع إعلان محاكمة ابن راشد، أضافت السلطات السعودية معتقلين جددا أبرزهم حسب المتداول من الإعلام الشيخ سفر الحوالي، ومن محبس المرض حيث أقام الحوالي 15 سنة رهينا المرض، تم إرساله مباشرة إلى المعتقل وفق مغردين سعوديين.
ويضاف الحوالي إلى العشرات من العلماء والمثقفين السعوديين القابعين في السجن من دون توجيه تهم واضحة أو محاكمات، وتتحدث وسائل الإعلام عن تدهور في صحة بعضهم.
ويتشارك المدونون رسائل التعاطف مع المعتقلين من خلال مطالبة الحكومة بإطلاق سراحهم، وأخرى تذكر الحاكم بأن من في السجون هم صفوة المجتمع، وعليه أن يعي ما يقوم به من أعمال تعسفية بحقهم، "في السجون العربية حشود من معتقلي الرأي (علماء ونشطاء وصحفيون). المطالبة بحريتهم واجب".
|
ويدعو المغردون المنظمات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه معتقلي الرأي بالمملكة العربية السعودية في أسرع وقت، والوقوف على معاناتهم الصحية الطارئة، والضغط من أجل إطلاقهم.
محاكمة ابن سعيد فاصلة في الزمن السعودي الجديد؛ حيث الاعتقال والمحاكمات وصفقات القرن وحفلات الترفيه أبرز فصوله وعناويه.