المهجّرون في إدلب.. فصل جديد من المعاناة

يزن شهداوي-إدلب
وقُدر عدد المهجرين قسرا من ريف حمص الشمالي فقط بأكثر من 33 ألفا، وهو ما جعل تأمين سكن بأبسط مقومات العيش حلما لآلاف النازحين، حيث لا يزال عدد كبير منهم دون مأوى رغم فتح المدارس والصالات وتجهيزها كسكن بديل رغم بساطته.
ويقول الياسين إن هذا الاكتظاظ السكاني الهائل الذي لم يكن بالحسبان انعكس بشكل سلبي ومباشر على إيجارات المنازل، لتتضاعف مرة أو مرتين، وفي مناطق أخرى بإدلب تجاوزت أربعة أضعاف، باعتبار أن تلك المناطق أكثر أمنا وفيها حركة تجارية أقوى لقربها من الحدود التركية، كبلدات أطمة وسلقين وسرمدا والدانا بالريف الغربي.
ولكن هذا التضخم الكبير في أسعار الإيجارات صدم آلاف النازحين، خاصة أن غالبيتهم من الفقراء والعاطلين عن العمل الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

تجار الأزمات
يقول أبو هادي -وهو أب لعائلة من ريف حمص نزحت مؤخرا إلى مدينة سرمدا غرب إدلب- إن لكل أزمة تجارا يستغلونها لتحقيق مكاسب مادية جديدة لهم.
وهذا ما حصل في سرمدا، حيث وصلت أسعار إيجارات المنازل فيها إلى سبعمئة دولار (ثلاثمئة ألف ليرة سورية)، بينما تراوحت إيجارات المنازل البسيطة بين 150 و200 دولار في الحد الأدنى، فيما كانت سابقا لا تتجاوز 50 أو 75 دولارا.
ويعزو أبو هادي هذا الغلاء الكبير إلى اكتظاظ النازحين الذي تشهده المناطق الحدودية بشكل خاص جراء التهجير القسري الأخير إلى إدلب، والهجرة الداخلية من سكان إدلب الأصليين إلى تلك المناطق للهروب من الاقتتال فيما بين فصائل المعارضة.
كما أنها مناطق تجارية لقربها من المعبر الحدودي وكونها الطريق التجاري الواصل بين تركيا والمناطق الخاضعة للمعارضة في الشمال السوري.
فبلدة الدانا أصبحت بمثابة سوق صناعي لأصحاب الورشات والمصانع الصغيرة ومركز تصدير للألبسة التركية المستعملة إلى عموم المحافظات السورية، كذلك حال سرمدا وسائر القرى في الريف الغربي.

أزمة دون حلول
وفي السياق ذاته، يقول عبد المنعم -وهو أب لعائلة في مدينة الدانا بريف إدلب- إن هذه المناطق الحدودية لم تكن مهيأة لاستقبال هذا العدد الهائل من الناس، رغم أن المدينة خلال العامين الماضيين شهدت إقامة ستين بناءً سكنيا، ولكنها بالكاد تكفي لإيواء سبعمئة عائلة.
كما أن الإيجارات ارتفعت إلى مئتي دولار، وهي لا تتناسب مع الرواتب الشهرية التي يتقاضاها العاملون في مختلف المجالات، حيث إن معظم رواتب العمال في إدلب تتراوح بين 150 و200 دولار.
وبحسب أبو محمد -وهو أحد سماسرة العقارات في الدانا بريف إدلب- فإن أسعار الإيجارات تصنّف بحسب مكان المنزل وموقعه وقربه أو بعده من حدود المدينة المحاذية لمعبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، كما أن بعد المنازل وقربها من المقار العسكرية لفصائل المعارضة يلعب دورا مهما في ذلك أيضا، وموقعه من الأسواق التجارية، وآخرها يأتي كساء المنزل وتوافر الكهرباء والماء فيه.
ومما أثار مطامع الكثير من العاملين في مجال الإيجار وبيع العقارات، الطلب الكبير على المنازل وقلة الشاغر منها، وبذلك باتت هذه التجارة الأكثر ربحا على الإطلاق في إدلب.
ولم تكن الإيجارات وحدها المعوق الوحيد أمام أزمات تأمين السكن، فإن انعدام فرص العمل وانخفاض الرواتب الشهرية دفع العشرات من العائلات إلى شراء خيام بسيطة لنصبها في مساحات ضيقة على الأراضي الزراعية المتاخمة للدانا وسرمدا، فيما لجأت عائلات أخرى لتقاسم منزل واحد فيما بينها كحلول بديلة لمواجهة غلاء المعيشة والإيجار.