العلاقات العربية الإيرانية.. غياب المصالح وطغيان الطائفية

محمد ازوين-الدوحة
أعرب باحثون وأكاديميون شاركوا في جلسة "الخليج وإيران بين التعاون والتنافس واحتمالات المواجهة" في النسخة الـ 12 من منتدى الجزيرة عن تشاؤمهم حيال العلاقات العربية الإيرانية، وانسداد أفق الحل، نتيجة لعوامل خارجية وداخلية.
وقال مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في طهران كيهان برزكر إنه يتعين على دول الخليج امتلاك سياسة واقعية مستقلة عن الولايات المتحدة، والانطلاق من مفهوم مصلحة المنطقة التي تحتاج إلى إيران قوية ومستقرة وآمنة وليست إيران الضعيفة.
وشدد على أن الولايات المتحدة هي السبب الرئيسي لغياب الأمن في المنطقة، وهي التي عادة ما تدفع دول الخليج إلى المواجهة مع إيران بدل العمل المشترك، لأن المنظومة الغربية وإسرائيل تعمل على إضافة تفاصيل جديدة لاتفاق النووي الإيراني بشكل يخدم مصالح إسرائيل فقط، وهذا ما يغيب عن بعض دول الخليج.
وأكد أن إيران تعي جيدا أن أزمة الخليج تمت لخلط الأوراق في المنطقة، ومحاولة الحد من نجاح قطر في العمل على ترسيخ ثقافة الحوار بين دول المنطقة بدل الاستقطاب الحاد الذي تحول من دبلوماسي إلى ساخن في السنوات الأخيرة.
وأضاف "إيران ستلعب دورها في كل الأحوال بغض النظر عن تحركات الآخرين، فالذي يريد تغيير السلوك الإيراني عليه أن يغير هو سلوكه تجاه إيران، وهنا ألفت نظر دول الحصار إلى أن الحصار لن يحل مشكلة، فقد فرضت دول الغرب حصارا على إيران، وبقيت إيران شامخة، كذلك ستبقى قطر صامدة رغم الحصار".

عبء التاريخ
وخلافا لما سبق يقول الباحث عبد الله باسل حسين نائب مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بالعراق إن العلاقات العربية الإيرانية محكومة باجترار العبء التاريخي الذي يغذيه الطرفان، حيث تسيطر المخاوف والهواجس من تكرار هيمنة الفرس على المنطقة، أو هيمنة العرب عليها بعد انتصاراتهم التاريخية على الفرس.
وتساءل عن الأسباب التي تحول دون وجود علاقة أخوية بين إيران والعرب تقوم على أساس حسن الجوار والمصالح المشتركة، لافتا إلى أن من أهم الأسباب التي تحول دون تحقيق هذا الحلم هو أن إيران تتعامل مع الغرب من منطلق إيران الدولة، في حين تتعامل مع العرب بمفهوم إيران الثورة.
ويوضح أنه عندما يصعد تيار معتدل في إيران تبدأ العلاقات العربية الإيرانية في التقارب شيئا ما لمصلحة الطرفين، وحينما يصعد المحافظون يعود الخلاف إلى مربعه الأول، مما يؤكد أن المشكلة دائما في إيران وليست في العرب.

سيناريوهات
وقال باسل حسين إن العلاقات العربية الإيرانية تنتظرها سيناريوهات ثلاثة؛ هي: الدخول في مواجهة عسكرية ستكون مؤلمة للطرفين، أو بقاء العلاقة على ما كانت عليه، أو تغير جذري في عقلية الطرفين وتشكيل كتلة إقليمية تضم العرب وتركيا وإيران تعمل على استقرار المنطقة، وتحمي نفسها من ابتزاز الرئيس الأميركي دونالد ترمب والغرب واستنزاف الأموال.
أما الباحث في مركز الجزيرة للدراسات حواس تقية فقال إن العلاقات العربية الإيران لا يمكن أن تتحسن طالما أن إيران تستغل لحظة الضعف والتشرذم العربي، وتتمدد عن طريق أذرعها في الدول العربية.
ويضيف أن إيران تشترك مع إسرائيل في انتهاز كل فرصة للإضرار بالمصالح العربية، مما يجعل المواجهة مع إيران شبه متوقعة، فإما أن تحترم إيران مصالح العرب وتعمل على خفض التوتر أو تتحمل تبعات تفاقم الأزمة والدخول في مواجهة ستقلب الطاولة على الجميع.

صراع عقيم
في السياق قال عضو البرلمان الأوروبي بوريس زالا إن الصراع الدائر بين إيران والعرب بشكل عام أساسه ديني، وليس صراعا من أجل المصالح الاقتصادية، وهذا بالضبط ما كان حاصلا بين البروتستانت والكاثوليك في أوروبا.
وأوضح أن الأوروبيين استطاعوا السيطرة على صراعهم الديني عن طريق بناء مؤسسات ديمقراطية واقتصادية جعلت دول الاتحاد وشعوبه تفضل المصالح المشتركة على صراع ديني من أجل لا شيء، وهذه المؤسسات القوية هي التي تفتقد إليها المنطقة.
وأكد أن إيران والسعودية تفرضان صراعا دينيا طائفيا عقيما، أساسه محاولة السعودية إلغاء الشيعة من المعادلة الإسلامية، يقابله محاولة إيران العمل على تقويض المذهب السني عن طريق القوة، ونتيجة لهذا الصراع فإن نذر التصعيد بين الجانبين تبقى متوقعة.