مساع إماراتية للسيطرة على أبين
سمير حسن-عدن
هذه الحال جعلت المراقبين يرجحون أن تكون عنوانا لأحدث حلقات الصراع على فرض السيطرة والنفوذ بين الإمارات والحكومة الشرعية في جنوب اليمن.
و تعتبر أبين عصب الجنوب اليمني ومركز الثقل السياسي والعسكري للحكومة الشرعية في البلاد، باعتبارها المدخل الشرقي للعاصمة المؤقتة عدن، كما أنها مسقط رأس الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وآخرين من المسؤولين، بينهم وزير الداخلية أحمد الميسري الذي عرف خلال الفترة الأخيرة بمواجهته لسياسات الإمارات وحلفائها في جنوب اليمن.
وخلال الأحداث الدامية التي شهدتها عدن أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، لعبت أبين دورا كبيرا في إفشال انقلاب كان مخططا للإطاحة بالحكومة الشرعية من قبل قوات ما يسمى بـ"الحزام الأمني" وقوات أخرى تابعة لما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، وكلاهما تشكلا بدعم إماراتي.
تحركات
وتقول مصادر ميدانية في المحافظة إن القيادة العسكرية الإماراتية -التي تتخذ من مدينة عدن مقرا لها- التقت قبل أيام مسؤولين في السلطة المحلية بأبين، وعرضت عليهم نصف مليون درهم إماراتي (136 ألف دولار) شهريا مقابل التخلي عن الشرعية والانضمام إلى المجلس الانتقالي الجنوبي؛ لكن العرض قوبل برفض شديد.
وقبل حوالي شهر، كشفت وسائل إعلام يمنية عن وجود مخطط يجري التحضير له بدعم وإشراف إماراتي مباشر وبرعاية قيادات في المجلس الانتقالي، لتفتيت محافظة أبين وتفريغها من أي قوة قبلية موالية للرئيس هادي وحكومته.
ونقلت عن مسؤول حكومي قوله إن الخطة تستهدف ضم مديريات الأطراف بأبين إلى محافظة شبوة (شرقا) ويافع (غربا)، ترافقها حملة تجنيد لأبناء تلك المديريات وتدريبهم في معسكرات غير نظامية بمحافظتي عدن وشبوة تدعمها الإمارات، بحجة ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة.
وفي تقييمه لتلك الحال، يرى رئيس "تجمع القوى المدنية الجنوبية" عبد الكريم السعدي أن الصراع الذي تخوضه الإمارات ضد الحكومة الشرعية بالجنوب أكبر مما هو ضد الحوثي"، مشيرا إلى أن تلك التحركات الإماراتية تعد امتدادا لتحركات أقدم، كان قد بدأها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
ويضيف السعدي أن "الإمارات صنعت أدواتها في الجنوب لا لتحريره وإنما لتطويعه وامتلاكه، وأبين هي العائق الذي يقف في طريقها، خاصة أن الإمارات ترى فيها مجال نفوذ ودعم للرئيس هادي، وهي رؤية غير دقيقة حملتها التقارير التي تقدم من حلفائها في المجلس الانتقالي لاستهداف المحافظة وكوادرها".
استبعاد
وبينما توقع السعدي -وهو من أبناء أبين- تصاعد هذا الاستهداف خلال المرحلة القادمة للسيطرة على المحافظة، استبعد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان إمكانية نجاح التحركات الإماراتية في إقصاء الرئيس هادي بشكل كلي من أبين.
وقال شمسان إن أبين منطقة إستراتيجية من حيث موقعها وامتدادها إلى مدينة عدن، و"الأهم من كل ذلك انتماء الرئيس والعديد من القيادات لها، وسوف تشكل محل اهتمام الإمارات التي تريد عزل هادي عن كل جغرافية اليمن، وفصله عن الحاضنة الجغرافية له، الأمر الذي يضاعف من تقليص نفوذه وقوته حد الاختفاء".
وأضاف أن هادي "يدرك ذلك ولهذا يوليها اهتماما خاصا، كما أن المنطقة قد تنقسم ولكن لن تذهب برمتها لصالح الإمارات، بل من المتوقع تزايد الرفض الشعبي للوجود الإماراتي في المناطق الجنوبية".
كما رجح شمسان "أن تسعى الإمارات وبكل الوسائل لفرض نفوذها وخلق ولاء لها في أبين"، لكنه قال إن ذلك "لن يتحقق، خاصة أن صراع المناطق في اليمن له تراث من الثأر يمتد منذ نشأة دولة اليمن الجنوبي وتراكم الصراع في أحداث 13 يناير/كانون الثاني 1986 وحرب صيف 1994".