الديموغرافيا.. هاجس إسرائيل لحسم صراعها مع الفلسطينيين

صور 1+2 تزايد أعداد الفلسطينيين يقلق إسرائيل وميزان الديموغرافيا مثار للجدل بالحلبة السياسية الإسرائيلية، الصور من مسيرة الروحة بالذكرى الـ42 ليوم الأرض، أقيمت السبت 31/آذار/مارس 2018، في أراضي الروحة بوادي عارة.
تزايد أعداد الفلسطينيين يقلق إسرائيل وميزان الديموغرافيا مثار للجدل بالسياسية الإسرائيلية (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

عمقت إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني التي تشير إلى أن عدد الفلسطينيين بين البحر والنهر يتجاوز ستة ملايين فلسطيني السجال بالمشهد السياسي الإسرائيلي، حول التوازن الديمغرافي بين العرب واليهود بفلسطين التاريخية.
 
فبينما اندفع من يؤيد حل الدولتين لدعم طرحه بضرورة الانفصال عن الفلسطينيين للحفاظ على يهودية الدولة، أتى الرفض من اليمين الحاكم الذي فند هذه المعطيات وزعم أنها لا تعكس الواقع، ورغم ذلك دعا لاستقدام المزيد من اليهود وتوطينهم بفلسطين.
 
وردا على هذه الإحصاءات، سارع رئيس حزب "البيت اليهودي" وزير المعارف نفتالي بينيت بالكشف عن تقرير لوزارة "الهجرة والشتات"، الذي يؤكد وجود نحو 60 مليون إنسان حول العالم لهم علاقة بالصهيونية أو إسرائيل أو اليهودية، إذ تفحص إمكان استقدامهم وتوطينهم بفلسطين التاريخية.
 
وحسب بينيت فإن "الحديث يدور عن فرصة إستراتيجية غير مسبوقة لتقريب الجماهير ذات العلاقة من الشعب اليهودي، ووضع مسار ثابت وواضح أمام الأقلية التي تكون المعنية بالانضمام للشعب اليهودي وتوطينها بإسرائيل لتعزيز مشروع يهودية الدولة".
 
استقدام اليهود
وستوصي اللجنة، مثلما ذكر الوزير الإسرائيلي في بيانه، بالسماح لمجتمعات ذات علاقة باليهودية بالمكوث بإسرائيل لفحص تراثها، حتى لو لم يكن من حقها الهجرة للبلاد، بموجب قانون "العودة الإسرائيلي"، وتوصي كذلك بإجراء عملية مسح لهذه المجتمعات، وتوطيد العلاقة معها، وتعليمها اليهودية واللغة العبرية.
 
ويرى الخبير الديموغرافي الإسرائيلي، سيرجيو ديلا فيرغولا أن الإحصاءات الإسرائيلية الصادرة عن الإدارة المدنية تتوافق إلى حد كبير مع البيانات الفلسطينية، لافتا إلى أن هذه المعيطات تربك اليمين الإسرائيلي الذي يحاول تكذيبها، وذلك بينما يدعو لتحفيز هجرة اليهود من جميع أنحاء العالم، علما بأن إسرائيل تتواجد بهذه المرحلة بواقع الدولة الثنائية القومية.
 
وشكك في حديثه لإذاعة الجيش من نجاعة استقدام اليهود وتوطينهم في فلسطين التاريخية لمواجهة الميزان الديموغرافي الذي يميل لصالح الفلسطينيين، وعزا ذلك إلى انصهار اليهود بالمهجر بدولهم خاصة في أميركا وكندا مما يعني استبعاد إمكان حملات هجرة مثلما كان من روسيا وإثيوبيا في تسعينيات القرن الماضي، بحيث ستبقي الهواجس والقضية المصيرية مسألة الأغلبية اليهودية.
حكومة نتنياهو تسعى لتوظيف الصراع الديموغرافي للتهرب من استحقاقات التسوية (رويترز)
حكومة نتنياهو تسعى لتوظيف الصراع الديموغرافي للتهرب من استحقاقات التسوية (رويترز)

شيطنة الصراع
ولمواجهة الواقع الديموغرافي، ومحاولة تثبيت يهودية الدولة، يعتقد المحلل السياسي عكيفا الدار بأن وزارة الهجرة والاستيعاب ستعلن عن مشاريع تهويد واستيطان في فلسطين التاريخية، لاستقدام الآلاف من يهود الشتات بمسعى منها لاحتواء السجال الدائر والدعوات لإعادة النظر بحل الدولتين وأيضا للتقليل من هواجس المجتمع الإسرائيلي، علما بأن معسكر اليمين عاد مجددا ليلوح بفزاعة "الخطر الديموغرافي" لتبرير موقفه الرافض لمنح الفلسطينيين دولة مستقلة.

وبالتوازي مع تكثيف الاستيطان واستقدام المزيد من اليهود، يقول الدار للجزيرة نت إن "حكومة بنيامين نتنياهو ستتعمد شيطنة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتوظيف الشيطان الديموغرافي للتهرب من استحقاقات أي تسوية مستقبلية، لكن إسرائيل التي لا تدخر جهدا لتعميق إسفين بين أبناء الشعب الفلسطيني، تصطدم بالاحتلال والتمييز العنصري والأبرتهايد".

ويشير المحلل السياسي إلى أن المشاريع الاستيطانية واستقدام اليهود ما عادت لتحسم صراع الديموغرافيا، إذ يعمل الشيطان الديموغرافي جنبا إلى جنب مع توأمه، شيطان العنصرية، لإثبات أن الهوية اليهودية الصهيونية لا تسير جنبا إلى جنب مع الديمقراطية والمساواة.

استحالة الحسم
ورغم السجال الداخلي الذي تشهده الحلبة السياسية الإسرائيلية بين اليمين الحاكم ومعسكري المركز واليسار حول وجوب التقدم بحل الدولتين بشروط، استبعد المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية يواف شطيرن أن يغير هذا السجال من واقع الصراع الديموغرافي أو حتى الحسم فيه.

واعتبر هذه الإحصاءات رمزية لا تؤثر ولا تغير شيئا على أرض الواقع كون إسرائيل هي المسيطر على أراض فلسطين التاريخية.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أنه في ظل التنافس المحموم على الديموغرافيا وتعداد السكان وفي ظل غياب مشروع سياسي من شأنه أن ينهي الصراع، فاليمين سيتمسك بمشروع يهودية الدولة، وبالتالي سيعمل على زيادة عدد الإسرائيليين باستقدام اليهود والتقليل من عدد الفلسطينيين، بيد أنه يجزم أن هذه الحلول بمثابة إطفاء للحرائق ولن تحسم الصراع ولن تسهم في تغيير موازين الواقع الديموغرافي.

المصدر : الجزيرة

إعلان