نتائج الانتخابات البرازيلية تعمق الانقسامات

After the general elections in Brazil- - SAO PAULO, BRAZIL - OCTOBER 8: Brazil's presidential candidate for the Workers' Party (PT) Fernando Haddad (C), his wife, Ana Estela and vice-Presidential candidate Manuela Davila are seen during a press conference after the results of Brazilian Presidential elections this Sunday night, in Sao Paulo, Brazil on October 8, 2018. Workers Party's candidates are going to the second round of the elections, which will happen on Octob
فرناندو حداد حصل على 29.3% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى (رويترز)

حسان مسعود-ساوباولو

لم تخرج نتائج الانتخابات البرازيلية كثيرا عن التوقعات، إذ أدت إلى جولة إعادة بين مرشحي اليمين واليسار نهاية الشهر الجاري بعد فشل كليهما في حسم السباق من الجولة الأولى، ليحتدم بذلك الصراع على حكم خامس أكبر دولة في العالم.

وحسب النتائج، حصل المرشح اليميني جايير بولسونارو على 46% أي ما يزيد عن 49 مليون صوت، بينما حصل مرشح اليسار فرناندو حداد على 29.3% أي ما يعادل 31 مليون صوت، من أصل 110 ملايين ناخب برازيلي شاركوا في التصويت. 
 
وفي ظل التقدم الملحوظ لليمين في نتائج الانتخابات البرلمانية ومجلس الشيوخ والمحافظين على حساب الأحزاب اليسارية، بات مستقبل البلاد أمام سيناريوهين لا يقل أحدهما صعوبة عن الآخر بالنسبة للشعب البرازيلي.

فإما أن ينجح حزب العمال في توحيد القوى المختلفة عبر تقديم تنازلات وإقامة شراكات، والعودة إلى السلطة التي غادرها مكرها عام 2016 إثر الإطاحة بالرئيسة ديلما روسيف على وقع فضيحة فساد، وهو ما انعكس على فشلها في الوصول إلى مقعد عضو مجلس الشيوخ في هذه الانتخابات أيضا.

وإما أن يستطيع بولسونارو إضافة خمس نقاط مصيرية إلى رصيده في الدورة القادمة، مما يؤهله للوصول إلى الحكم بسهولة نظرا لنتيجته المريحة في الجولة الأولى.

ويرى كليبر كاريليو أستاذ العلاقات السياسية في جامعة ميتوديستا بساوباولو أن "السيناريوهات التي أفرزتها نتائج الانتخابات كارثية، إذ تلزم بالاختيار بين حزب غارق في قضايا الفساد التي لم ينته التحقيق فيها بعد، وبين شخصية مثيرة للجدل والأزمات وقليلة الخبرة السياسية والقيادية مع كل ما يطرحه من أفكار ومقترحات غريبة لإدارة البلاد"، مضيفا أن النتائج أظهرت أن فوز حداد "أمر صعبٌ للغاية لكنه ليس مستحيلا".

‪جايير بولسونارو محاطا بحشد من أنصاره‬ (رويترز)
‪جايير بولسونارو محاطا بحشد من أنصاره‬ (رويترز)

أزمة مجتمعية
وإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد في ظل حكم الرئيس ميشال تامر المؤقت، وتراجع سعر صرف الريال البرازيلي مقابل الدولار، تعيش البرازيل أزمة مجتمعية عمقتها الانتخابات ونتائجها، خصوصا مع أطروحات جايير بولسونارو التي وُصفت بالمثيرة للكراهية. 

وفي هذا السياق يقول كاريليو "من الشائع في البرازيل أن الشعب مرآة الرئيس، فهو يستطيع أن يعكس آراءه وتصرفاته عليهم بسهولة، وهو ما حدث بالفعل في عهود سابقة، وظهر بوضوح في فترة حكم لولا دا سيلفا، لذا فوز مرشح كبولسونارو مثلا وإن كان سيؤدي إلى استقرار سياسي، فإنه سيؤثر على أفكار جزء كبير من الشعب، ويقوده ولو بشكل غير مباشر لتبني أفكاره".

كما يعتبر أن حصول حزب بولسونارو "رغم حداثته مع أحزاب مشابهة له على نسبة مهمة في البرلمان ومجلس الشيوخ، سيدعم تنفيذ تطلعاته قانونيا، إلا أنه في النهاية لن يستطيع أن ينفذ كثيراً من وعوده الصادمة لأنه سيواجه الشارع حتماً، ولا ندري كيف يمكن أن يتعامل مع الأمر في ظل تكراره الحديث عن استدعاء الجيش متى يلزم، وهو ما قد يخلق أزمات جديدة".

‪كليبر يعتبر سيناريوهات ما بعد الانتخابات كارثية‬ (الجزيرة)
‪كليبر يعتبر سيناريوهات ما بعد الانتخابات كارثية‬ (الجزيرة)

العرب والقدس
في الوقت الذي تضم فيها البرازيل جالية ضخمة تقدر بـ12 مليون نسمة من أصول عربية، وتتمتع البلاد بعلاقات دبلوماسية واجتماعية وحتى شعبية قوية مع العالم العربي، تُطرح العديد من التساؤلات حول واقع هذه العلاقة في حال فوز أحد الفريقين.

الإجابة على تلك الأسئلة مهمة خصوصاً في ظل وعود بولسونارو بتنفيذ قرارات تمس أكبر قضايا الأمة العربية كنقل السفارة البرازيلية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، أو إغلاق السفارة الفلسطينية في البرازيل، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل على حساب غيرها من الأقل أهمية.

وحول هذه التساؤلات يقول كاريليو "لا أتوقع أن يستطيع بولسونارو تنفيذ وعده بنقل السفارة إلى القدس، كما لن يستطيع استفزاز الشارع العربي، فلديه ما يكفي من الأزمات الداخلية الكبرى، وسيكون من الحماقة السياسية فتح جبهات جديدة عليه، والإساءة إلى أكبر جالية في البرازيل وللأقلية المسلمة المسالمة في البلاد، أعتقد أنها ستبقى مجرد وعود انتخابية صعبة التحقق".

وكان المرشح الرئاسي فرناندو حداد قد أكد للجزيرة نت صباح يوم الانتخابات أنه سعيدٌ بجذوره العربية، وأنه سيبقى وحزبه داعمين لقضايا العالم العربي العادلة.

المصدر : الجزيرة