محنة آل العودة.. سجن الأب بعد فقدان الأم

الكثيرون عرفوا سلمان العودة في يومياته، مغردا على تويتر، أو متحدثا إليهم عبر برنامجه على يوتيوب "وسم"، أو في حرصه على التواصل مع متابعيه على فيسبوك، وصولا لخطاب مختلف في أدواته مع جيل مختلف من الشباب على سناب شات وإنستغرام وكيك.
تيار الصحوة
وسطوع نجم العودة بدأ منذ بواكير شبابه (ولد في 14/12/1956)، فقد برز في ثمانينيات القرن الماضي كواحد من أبرز من يعرفون "بتيار الصحوة"، حيث بدأ رحلته مع الملاحقة الأمنية والسجن مبكرا.
كان العودة واحدا ممن تصدروا مطلع تسعينيات القرن الماضي حملة ترفض دخول الجيوش الأجنبية للسعودية قبيل حرب الخليج الأولى عام 1991.
وبرز مرة أخرى بعد أن كان واحدا ممن وقعوا على ما يعرف "بمذكرة النصيحة" التي وجهها دعاة وعلماء للملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، وطالبت بإصلاحات قانونية واجتماعية وإعلامية.
منع العودة من الخطابة على المنابر منذ عام 1993، ثم اعتقلته السلطات السعودية في أغسطس/آب 1994، ومكث في السجن خمسة أعوام دون محاكمة، وظل العودة منذ ذلك الوقت بين ملاحقة وانفراج وسجن ومنع من السفر حتى اعتقاله الأخير في 9/9/2017.
رثاء زوجته
لكن فصل المحنة الأبرز الذي يعرف متابعو العودة مدى تأثره به كان فقدان زوجته وابنه مطلع العام الماضي.
وكانت المشاهد الأكثر تفاعلا من جمهور العودة هي صور أطفاله وهم يكتبون تارة لأمهم، أو يتذكرونها في حياة اليتم التي عرفوها صغارا، فعرف هذا الجمهور جانبا لافتا في حياة داعية قال بعد خروجه من السجن عام 1999 "أنا أتغير"، دلالة على تحولاته الفكرية، لكنهم عرفوا داعية مختلفا بعيدا عن الصورة النمطية للدعاة والمشايخ.
وعن مرحلة ما بعد فقدان زوجته، يقول ياسر الزعاترة "حين ابتلي الشيخ بفقدان زوجته وابنه، ورغم كثرة جراح المسلمين، ما لبثت دموعه الصادقة أن انهمرت في قلوب عشرات الملايين من المسلمين في طول الأرض وعرضها، وما ذلك إلا لشعورهم بصدقه، ومحبتهم له في آن".
وتابع "أمثال الشيخ سلمان لا يُغيّبهم شيء، بل ثمة نوع من التغييب لا يزيدهم إلا حضوراً في وعي الجماهير، سلام عليه وعلى كل العلماء والدعاة الصادقين والأحرار في كل زمان ومكان".
محنة الإخوة
في غياب والده، كتب عبد الله -نجل العودة- تغريدات عدة عن محنة إخوته الذين فقدوا والدهم، وما لبثوا أن منعوا من السفر لمحاولة لململة شتات العائلة التي عرفت محنتين في عام واحد؛ الفقدان الأبدي للأم، والفقدان القسري للأب المغيب في ظروف مجهولة في السجن.
عندما يكتب الصغير رسالة وهو لايعلم متى تُقرأ أو تصل لصاحبها ..تغمرك مرارة،
طفلٌ فقد أمه منذ سنة.. ولايعلم عن والده المعتقل بسجن انفرادي منذ أشهر،
ثم يُفْجع بهذا الخبر:#نقل_العودة_للمستشفى pic.twitter.com/2vlDgqteFM— عبدالله العودة (@aalodah) January 16, 2018
عبدالرحمن العودة: ماما.. أنا ندمان على ثلاثة أشياء
لمتابعة سلمان العودة على#سناب_شات#سنابي
https://t.co/nnrcqfcHsi pic.twitter.com/e2M5RTswCu— سلمان العودة (@salman_alodah) July 19, 2017
السجين رقم 276
جاء في المقال "السجين رقم (276/1)؟ عندك زيارة، شعور يشبه المغص ألَمّ بقلبه، مَنْ زائري يا تُرى؟ أهو صاحب سلطة على جسده؟ أم صاحب سلطة على قلبه؟ أم عليهما معاً؟
وختم مقاله بالقول "الآن، يقف حبيبك المكلوم أمام حفرتك باسِم الشفتين، دامع القلب، سلوته أنك لم تذوقي ألم الفقد كما ذاقه هو". ولا يعرف إن كان سيتبع مقاله بفقرة أخرى بعد خروجه من السجن ليكتب عن محنته ومحنة عائلته في سجنه وغياب زوجته.