الإمارات بالقرن الأفريقي.. الخطر القادم من البحر

منذ بدأت مشاركتها في التحالف العربي في اليمن أواخر مارس/آذار 2015، سعت أبو ظبي إلى تنفيذ مخططها الرامي إلى مد نفوذها بالسيطرة على الساحل اليمني والموانئ والجزر المحيطة ومداخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب الإستراتيجي.

غير أن أطماع الإمارات تجاوزت الساحل اليمني وصولا إلى دول القرن الأفريقي مثل إرتيريا والصومال وجيبوتي.

في إرتيريا عملت أبو ظبي على التوسع هناك للتحكم في ميناء ومطار عصب، إذ تظهر الصور الجوية للميناء انتشارا كبيرا للسفن العسكرية الإماراتية على طول الشريط الساحل، بما في ذلك السيطرة على الميناء -الذي يعد من أفضل الأماكن لإرساء سفن الإنزال، فضلاً عن سهولة التنقل بينه وبين الموانئ اليمنية- والسيطرة على باب المندب حيث تمر 3.3 ملايين برميل نفط يوميا و21 ألف قطعة بحرية سنويا.

كما تظهر الأقمار الصناعية عمليات بناءٍ جديدة في مطار عصب، وانتشار الدبابات القتالية من نوع ليكليرك والطائرات المقاتلة ميراج ٢٠٠٠ والمروحيات والطائرات من دون طيَّار على طول 3500 متر.

وقد أشار خبراء في مؤسسة ستراتفور الأميركية المتخصصة في التحليل الاستخباراتي إلى أن وجود أبو ظبي في ميناء عصب طويل المدى، ويتجاوز الدعم المؤقت للعمليات العسكرية في اليمن.

وتر الانقسام
ويعتقد المحلل العسكري في ستراتفور سيم تارك أن "هذا الانتشار لا يبدو في إطار الدعم المؤقت للعمليات في اليمن، بل يدل على استخدام مطول ومتطور للقدرات الإماراتية العسكرية الموجودة الآن في المنطقة".

وتجمع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والرئيس الإرتيري أسياس أفورقي علاقة شخصية، إذ زار أفورقي أبو ظبي مرتين خلال ثلاثة أشهر، كانت الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2016، والثانية في يناير/كانون الثاني 2017.

كما عززت أبو ظبي انتشارها في الصومال مستغلة حالة الانقسام بين حكومة الصومال المركزية وأرض الصومال غير المعترف بها، ووقعت اتفاقيات عدة من بينها استئجار مطار وميناء بربرة، وهو ما رفضته الحكومة المركزية، وقاد صوماليين إلى تنظيم وقفات احتجاجية رفضا لممارسات الإمارات في بلادهم.

واستطاعت أبو ظبي الحصول في منتصف فبراير/شباط 2017 على موافقة برلمان أرض الصومال على إقامة قاعدة عسكرية إماراتية بمدينة بربرة شمالي غربي البلاد.

ترافق ذلك مع تحذيرات وجهها برلمانيون صوماليون للإمارات من التدخل في شأن بلدهم الداخلي، ووجه البرلماني الصومالي أحمد فيقي في لقاء تلفزيوني تحذيرا شديد اللهجة للإمارات، مطالبا باستدعاء السفير الإماراتي ولفت نظره حيال ما يجري.

وطالب الإمارات بالكف "عن التدخل في شؤون الصومال"، مضيفا "نحن لم نتدخل يوما في شؤونكم حين كنتم ضعفاء، أخبرنا أجدادنا أنهم كانوا يقدمون لكم المساعدات في وطنكم، وبخصوص السفير الإماراتي كنت مؤيدا لتحرك البرلمان لتقديم طلب إلى حكومتنا باستدعاء وزارة الخارجية وتنقل له تساؤلاتنا حيال ما يجري، وأن يتم لفت نظره بأن الأجدر به أن يراعي مقتضيات استقلال بلدنا وسيادته".

علاقة متوترة
لم تكن جيبوتي بمنأى عن المطامع الإماراتية في منطقة القرن الأفريقي، إذ سعت الإمارات إلى إيجاد موطئ قدم لها في بلد اشتهر بكثرة القواعد العسكرية الأجنبية فيه.

لكن العلاقة بين الدولتين توترت سريعا بعد هبوط مقاتلة إماراتية في مطار جيبوتي الدولي دون إذن مسبق من السلطات، حدثت إثره مشادة كلامية بين مسؤولين من الطرفين وتحولت إلى عراك بالأيدي، مما دفع السلطات الجيبوتية إلى طرد القوات الإماراتية من منشأة عسكرية، فأغلقت أبو ظبي قنصليتها في جيبوتي ومنعت مواطني جيبوتي من دخول أراضيها قبل أن تعيد فتح قنصليتها مطلع عام 2016.

ولم يكن ذلك هو الخلاف الوحيد، بل سبقه خلاف ونزاع قانوني بشأن عقدٍ لاستغلال محطة حاويات "دوراليه"، أكبر ميناء للحاويات في أفريقيا كانت تديره شركة "موانئ دبي العالمية"، عقب اتهامات وجهها الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيله إلى الشركة الإماراتية بتسهيل الصفقة عن طريق رشاوى مالية، مما دفعه لإلغاء العقد من جانب واحد عام 2014.

ووسط هذه المطامع الإماراتية في بسط وتوسيع النفوذ على مداخل البحر، والسيطرة على دول القرن الأفريقي والممر المائي "باب المندب"، يشكك خبراء في قدرة الإمارات على تحقيق هذه المطامع والاحتفاظ بوهم نفوذها أمام حقائق الجغرافيا والتاريخ.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان