ترمب والخليج.. الحبل السري بين كوشنر وابن سلمان

فقد ذكر الكتاب أن الأمير محمد بن سلمان حين كان وليا لولي العهد في السعودية، وبعيد فوز ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، اتصل بجاريد كوشنر وعرض نفسه عليه "كرجل كوشنر" في المملكة.
وينقل الكتاب عن كوشنر قوله لأحد أصدقائه بعد الاتصال "وجدت صديقا في أول يوم بالمدرسة الداخلية".
عظمة أميركا
وولف قال في كتابه أيضا إن محمد بن سلمان هو بمثابة الوسيط الذي تعهد للولايات المتحدة بأن يختصر عليها الطريق في ملفات المنطقة، على أن يحصد مقابل ذلك شيئا من "عظمة أميركا".
ويمضي الكتاب فيقول إن خطة كوشنر وابن سلمان كانت "مباشرة بطريقة لم تعهدها السياسة الخارجية الأميركية، وهي "إذا أعطيتنا ما نريد سنعطيك ما تريده".
وبعد ذلك قدم ابن سلمان ضمانات وتعهد بأخبار سارة للأميركيين، فتم توجيه دعوة رسمية له للقاء ترمب بالبيت الأبيض في مارس/آذار 2017.
بلطجة ضد قطر
والملفت أن أولى ثمرات العلاقة الجديدة بين ترمب ومحمد بن سلمان كانت الأزمة الخليجية، حيث يكشف الكتاب عن أن ترمب تجاهل نصيحة فريقه للسياسة الخارجية، وتحداها، عندما منح السعودية موافقته على ممارسة البلطجة ضد قطر.
During my recent trip to the Middle East I stated that there can no longer be funding of Radical Ideology. Leaders pointed to Qatar – look!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) June 6, 2017
كما كشف عن أن ترمب أبلغ المحيطين به بأن الرياض ستمول وجودا عسكريا أميركيا جديدا في السعودية، ليحل محل القيادة الأميركية الموجودة في قطر.
وتقلبت مواقف ترمب من الأزمة الخليجية، فمن تأييد دول الحصار في بدايتها، إلى رفضه عملا عسكريا ضد قطر، وصولا للسعي للتوسط لحلها في النهاية.
…extremism, and all reference was pointing to Qatar. Perhaps this will be the beginning of the end to the horror of terrorism!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) June 6, 2017
ففي اليوم التالي لإعلان الدول الأربع الحصار على قطر، قال ترمب في تغريدة له "خلال رحلتي الأخيرة للشرق الأوسط، ذكرت أنه لا يمكن أن يكون هناك تمويل للأيديولوجية الراديكالية، وأشار القادة الحضور إلى قطر".
ثم قال في تغريدة أخرى "من الجيد جدا أن زيارتي للمملكة للقاء الملك السعودي وقادة خمسين دولة بدأت تؤتي ثمارها، فقد أكدوا أنهم سيتخذون موقفا متشددا من تمويل الإرهاب"، ثم تابع قائلا "جميع الإشارات كانت تشير إلى قطر بدعمها للتطرف، ولعل هذا سيكون بداية النهاية لرعب الإرهاب".
تقلبات ترمب
وعبر وزيرا الدفاع الأميركي جيمس ماتيس والخارجية ريكس تيلرسون في أول تصريحات لهما عن الأزمة بما يخالف توجهات ترمب، وكان واضحا للمراقبين وجود تباين بين رؤية ترمب للأزمة، ووزير خارجيته، الذي عبر عن مواقف لم تعجب دول الحصار.
لكن ترمب سعى في مرحلة لاحقة لعدم تطور الأزمة، حيث نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية الشهر الماضي عن مقربين من تيلرسون أن ترمب تحرك في سبتمبر/أيلول الماضي لمنع هجوم عسكري سعودي على قطر استهدف تغيير الحكم.
فشل الوساطة
وخلال سبتمبر/أيلول أيضا سعى ترمب للتوسط لحل الأزمة، حيث رتب اتصالا بين أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبعد أن اتفق الطرفان على إرسال مبعوثين من كل دولة لبحث الأزمة، عادت الرياض وأعلنت التراجع عن ذلك، واتهمت الدوحة بتزييف الحقائق.
وقصة الحبل السري بين كوشنر وابن سلمان حضرت بقوة في ملفات أخرى، وأبرزها سعي ترمب لعقد ما سماه مرارا "صفقة القرن" للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
حيث يورد كتاب "نار وغضب" أن ترمب بدا شبه واثق من إمكانية صنع سلام في الشرق الأوسط، وأنه قال للمحيطين به "إن العرب إلى جانبنا كليا بفضل كوشنر، لقد تم الاتفاق".
والملفت أن الرئيس الأميركي الغارق في أزماته الداخلية لا يزال بعد عامه الأول في البيت الأبيض ماضيا في سياساته وتحالفاته التي لا يعرف إن كان سيستمر بها، وسط تساؤلات عن مآلاتها ليس على المصالح الأميركية فحسب، بل على أمن المنطقة الغارقة في الأزمات والحروب.