بعد المصالحة.. ما مصير تفاهمات حماس-دحلان؟

محمد عمران-غزة
تراجع الحديث عن أهمية ودور التفاهمات التي أبرمتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع تيار القيادي المفصول من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمد دحلان بعد المؤشرات الإيجابية التي برزت مؤخرا في ملف المصالحة الفلسطينية رغم حديث الطرفين عن مضيهما قدما بتفاهماتهما.
ولئن اضطرت حركة حماس للتوجه نحو ما يسمى "التيار الإصلاحي" في حركة فتح الذي يقوده دحلان المعروف بعلاقته الوثيقة بالسلطات المصرية لتحسين علاقتها بالقاهرة والتخفيف من وطأة الأوضاع المأساوية في غزة فإن إمكانية تحقق الهدفين أصبحت واردة مع اقتراب تسلم حكومة السلطة الفلسطينية إدارة غزة، ورضا مصر عن خطوات حماس تجاه المصالحة، بحسب مراقبين.

ليس بديلا
بيد أن النائب بالمجلس التشريعي عن حركة حماس يحيى العبادسة يؤكد أن حركته لم تعتبر التفاهم مع تيار دحلان بديلا عن المصالحة، بل إن المصالحة مع السلطة هي التي تؤسس لإنهاء الانقسام، في حين كان التعاون مع هذا التيار في الإطار الخدماتي والإنساني وليس السياسي، حسب وصفه.
ويقول للجزيرة نت إن حماس لا تستبعد تطوير العلاقة مع أي من المكونات الفلسطينية، وتيار دحلان له وجود معتبر بغزة والضفة، مضيفا أن العلاقة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن تكون على حساب أي علاقة أخرى في إطار الشراكة الوطنية.
ويسود انطباع بأن قطع الطريق أمام وضع دحلان أقدامه في غزة عبر تفاهماته مع حركة حماس ضمن أهداف الرئيس عباس للتقدم بالمصالحة مع الحركة.
وبينما يرفض النائب الفلسطيني أي اشتراط من قبل الرئيس عباس لإلغاء تفاهمات حماس مع دحلان -خصوصا أن حركته قادرة على التوازن بعلاقاتها والإيفاء بالتزاماتها مع الكل الفلسطيني- يؤكد أن علاقة الحركة مع مصر إستراتيجية وليست ظرفية ولا يمكن ربطها بعباس أو دحلان.
في المقابل، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي خالد صافي أن مصير تفاهمات حماس مع تيار دحلان مرهونة بمدى نجاح أو تعثر المصالحة مع الرئيس عباس، فكلما تقدمت الأخيرة تراجعت حظوظ تفاهمات دحلان، وهو ما يحدث بالمرحلة الراهنة، وفق تقديره.

ويعزو المحلل السياسي ذلك إلى قناعة حركة حماس بأن البعد السياسي والاتفاق الإستراتيجي يكون مع الشرعية ممثلة بالرئيس الفلسطيني، في حين أن تفاهماتها مع ما يوصف بـ"التيار الإصلاحي" في فتح لن تعالج أزمات القطاع، لكنها مجرد ورقة تكتيكية للضغط على عباس.
وبينما يستبعد صافي في حديثه للجزيرة نت أن تنتهي تفاهمات حركة حماس-دحلان إلى حين نيل الحركة مبتغاها من حركة فتح على صعيد الحكومة والإطار القيادي والبرنامج السياسي وغيرها يرى بصعوبة جمع حماس بنجاح كامل في علاقتها مع دحلان وعباس الذي لن يتورع عن المطالبة بوقف تفاهمات الحركة مع دحلان.
وبحسب الكاتب الفلسطيني، فإن تحول القاهرة من ضغوطها لتوسيع تفاهمات دحلان-حماس إلى مصالحة الأخيرة مع عباس لا يخلو من وجود ضغوط أميركية على العرب -وفي مقدمتهم مصر- لتمرير مشروع سياسي يستهدف القضية الفلسطينية بالمرحلة المقبلة، ولن يكون إلا بوجود شرعية الرئيس عباس وليس دحلان.

لن تتأثر
وفي الوقت الذي يعلن فيه "التيار الإصلاحي" بحركة فتح عن دعمه أي إجراءات من شأنها تطبيق اتفاقات المصالحة ومعالجة أوضاع غزة فإنه يؤكد أن تفاهماته مع حركة حماس ماضية ولن تتأثر، خصوصا أنها جاءت برؤية واضحة برزت فيها إرادة الطرفين وفقا للقيادي بالتيار أسامة الفرا.
ويؤكد الفرا في حديثه للجزيرة نت أن هذه التفاهمات شهدت سلسلة خطوات عملية في غزة على صعيد المصالحة المجتمعية والمشاريع التي يشرف عليها صندوق التكافل في التعليم والصحة والطاقة والزراعة وإقراض المشاريع الصغيرة.
ولا يبدي القيادي الفلسطيني خشيته من منع حكومة التوافق نشاطات "التيار الإصلاحي" حال تسلمها إدارة غزة، إذ إن محمد دحلان عضو تشريعي منتخب ومن حقه ممارسة مهامه، كما أن الحريات كفلها القانون، ونحن نعمل تحت الشمس، حسب قوله.