في السعودية الجديدة.. التغريد بأمر السلطان

يكشف كاتب صحفي شهير عما تعرض له عدد من مشاهير المغردين في المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة من ضغوط جعلت "تغريداتهم" على موقع التدوينات القصيرة "تويتر" تمر عبر رقابة مسؤول بالديوان الملكي، أو عبر "مصفاة" الرقابة الشخصية التي دفعت بعضهم للتغريد المحسوب حد التوقف أحيانا.
الكاتب الذي طلب من الجزيرة نت عدم ذكر اسمه، كشف عن شكوى بثها له عدد من أصدقائه السعوديين الذين أكد بعضهم أن شهرتهم على موقع تويتر لم تعد أمرا إيجابيا، بل باتت عبئا عليهم.
ويشرح كيف طلبت جهات في الديوان الملكي من بعض أصحاب الحسابات الشهيرة من الدعاة والفنانين وقادة الرأي العام؛ إعلان التأييد لخطوات السعودية التي اتخذتها لحصار دولة قطر، بل إن أحدهم أكد أن بعض التغريدات كتبت في المقار الأمنية أثناء استدعاء صحفيين ونشطاء ومشاهير، ومنها تغريدات الاستقالة أو البراءة من العلاقة مع مؤسسات قطرية.
في المقابل فإن بعض الذين رفضوا الكتابة عللوا ذلك بأنهم لا يريدون التغريد في هذه الأزمة، وعندما دعا أحدهم وهو الشيخ سلمان العودة لأن يؤلف الله القلوب تعليقا على خبر الاتصال بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، جرى اعتقاله لأنه "اخترق اتفاق عدم التغريد حول الأزمة"، لاسيما أن تغريدته اعتبرت متعاطفة مع قطر.
مستشار الديوان
مؤكد: حساب سعود القحطاني "دليم" يغرد فيه شخصيا "محمد بن سلمان" براسه. وفي بداية أزمة قطر كان يغرد فيه مجموعة أشخاص أقلهم مشاركة سعود نفسه.
— ⚖️ ميزان (@mezan2030) September 5, 2017
وتكشف حسابات متعددة كانت موجودة قبل الأزمة الخليجية لكنها نشطت أكثر بعد الأزمة؛ الدور الكبير الذي يلعبه الوزير المفوض والمستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني الذي لا يقتصر دوره على إدارة دفة الإعلام السعودي في الأزمة، والذي يبدو متناغما حد التطابق في كثير من الأحيان، بل انتقل الأمر لتوجيه العديد من أصحاب الحسابات.
وكثيرا ما تحدثت هذه الحسابات -التي أثبتت أن لديها معلومات دقيقة عما يجري في أروقة القرار السعودي- عن كيفية توجيه القحطاني لكثير من أصحاب الحسابات الشهيرة إما عبر الاتصال المباشر، أو عبر أجهزة الأمن، أو عبر شخصيات نافذة لكتابة تغريدات بلون معين وبلغة بدت كثيرا شبه موحدة، مدعوما بقوة الدفع والصلاحيات التي منحه إياها ولي العهد محمد بن سلمان.
تغريد حسب الطلب
وفي هذا الإطار يكشف حساب "ميزان" الذي نشط خلال الأزمة الأخيرة أن الداعية محمد العريفي تم استدعاؤه قبل شهرين "وأخذوا منه تعهدات كثيرة، بضمنها التغريد بكل ما يصله من سعود القحطاني بدون أي حذف أو تعديل".
#العريفي تم استدعاؤه قبل شهرين، وأخذوا منه تعهدات كثيرة، بضمنها التغريد بكل ما يصله من سعود القحطاني بدون أي حذف أو تعديل
— ⚖️ ميزان (@mezan2030) September 17, 2017
كما يشير الحساب إلى أن مضمونا موحدا وزع على عدد من المطربين كتبوا في يوم واحد تغريدات معادية لدولة قطر وتؤيد الإجراءات السعودية ضدها، ثم انتقل الأمر إلى توجيه الفنانين أنفسهم للتوحد في أغنية ضد قطر.
وعن هذا الدور كشف حساب "تاريخ وذكريات" نهاية الشهر الماضي عن اختراق القحطاني -المعروف اختصارا عند خصومه باسم "دليم"، وهو اسم يطلق في الخليج على الخادم الذي يسند له سيده الأعمال القذرة- العديد من هواتف الصحفيين والإعلاميين والنشطاء السعوديين عبر أجهزة الأمن السعودي بهدف التجسس عليهم ومعرفة اتصالاتهم بالتفصيل.
للتوضيح دليم من عام 2009 اشترك في موقع hackforums وهو موقع متخصص في الهكر وبدأ رحلته في البلطجه والتهكير والقرصنه
— تاريخ وذكريات (@HIAHY) August 30, 2017
كما كشف الحساب صورا ومعلومات حصل عليها تؤكد أن القحطاني عضو في شركة "تهكير" معروفة تعرضت للقرصنة العام الماضي، وأظهرت بياناتها أنه كان يملك حسابا فيها عبر بريده الخاص الذي كان يتواصل من خلاله مع جهات عدة.
واللافت أن القحطاني يؤكد بين الفينة والأخرى أنه لا يفعل أي شيء أو يغرد إلا بما يأتيه من توجيهات.
القائمة السوداء
#القائمة_السوداء : لن يعفى أي شخص يتآمر على الدول المقاطعة من المحاكمة حتى لو احتج أنه مجبر. ولن يعفى أصحاب الاسماء المستعارة منذ الآن.
— سعود القحطاني (@saudq1978) August 18, 2017
فبعد أن طلب القحطاني من المغردين مساعدته في إعداد قائمة سوداء للمتعاطفين مع دولة قطر في السعودية، أكد أنه لا يكتب أي شيء إلا مما يأتي من توجيهات، حيث غرد على حسابه على تويتر ردا على سؤال وجهه مغرد آخر "وتعتقد أنني أقدح من رأسي دون توجيه؟ أنا موظف ومنفذ لتوجيهات سيدي الملك وسمو سيدي ولي العهد الأمين".
وتعتقد اني اقدح من راسي دون توجيه؟ انا موظف ومنفذ أمين لأوامر سيدي الملك وسمو سيدي ولي العهد الأمين.
— سعود القحطاني (@saudq1978) ١٧ أغسطس، ٢٠١٧
واللافت بحسب مراقبين أن العديد ممن وردت أسماؤهم في القائمة السوداء من قبل المغردين، الذين أعاد القحطاني إعادة نشر تغريداتهم؛ تم اعتقالهم، بينما نشطت الكتابة على الوسم الذي أطلقه القحطاني بعدما بدأت السلطات السعودية حملة اعتقالات طالت العشرات من الدعاة والقضاة وعددا من النشطاء.
غير أن خبراء في مواقع التواصل توقفوا طويلا أمام متابعة السعوديين الصامتة لحسابات تعارض السلطات وتنشر أخبارا لم يعتادوا عليها، وهذه الحسابات تعرض بشكل لافت أخبار العائلة المالكة، وهي التي كشفت الأدوار الجديدة في محاصرة تويتر الذي تحول من فضاء الحرية الوحيد للسعوديين، إلى سجن كبير يغرد فيه الجميع وفق هوى السلطة، أو يمارسون الصمت الذي لم ينقذ الكثير منهم، حيث اعتبر صمتهم خيانة.