تقاليد البجا بالسودان.. أكواخ السعف والفصل بين الأزواج

عماد عبد الهادي-الخرطوم
ويرى كجر وآخرون أن الانتقال من الحياة البدوية وأكواخ السعف إلى المساكن الجديدة سيسبب لهم أزمة نفسية لا يمكنهم التعامل معها، على الأقل في الوقت الراهن.
ولا يبدو كجر مهتما بحالة الترغيب التي تتبعها حكومة ولايته لإقناع مجموعته بفكرة هم لها كارهون، لأن "العرض الجديد لا يلبي الحاجات ولا يريح البال".
ويبرر رفضَ الأهالي ترك بيوت السعف بأن طبيعة الإنسان البجاوي (نسبة لقبيلة البجا) تفرض عليه هذا النوع من السكن، "وهو تقليد متوارث من قديم الزمان".
وعادة ما تتكون بعض مساكن المنطقة من أكواخ سعف خفيف يمكن حملها لملاءمة حياة البدو في ترحالهم وتنقلهم، وتقاوم مظاهر الطبيعة من رياح وأمطار وحرارة شمس.
ويقول كجر إن المساكن المتطورة الجاهزة أو الحديثة يصعب التأقلم معها لعدم إمكانية حملها في رحلة البحث عن كسب العيش، "علاوة على عدم الارتياح النفسي لتلك المنازل لاختلافها عما تعود عليه البجاويون".

كوخان منفصلان
ووفق موروث بعض قبائل شرقي السودان ومنها البجا، فإن المرأة عادة ما تسكن مع أطفالها داخل كوخ، بينما يسكن الرجال في كوخ آخر مجاور.
ويبدو صخب المدينة واختلاط الأجناس "من كل القبائل" هو ما يخيف أوهاج محمد من الانتقال إلى حياة جديدة غير مألوفة، "رغم أن المجتمع البجاوي يظل من أكثر القوميات ترحيبا بالآخر".
في المقابل يتخوف باحثون من انقراض بعض أفرع قبيلة البجا لتمسكها بالموروث الذي يساهم في خفض نسبة المواليد لديها، "مما يستدعي دراسة عاجلة تكشف ما خفي من أسباب ربما تكون مرضية".
ويقول هارون للجزيرة نت إن دراسة أجريت على بعض القرى أثبتت انخفاض الإنجاب بشكل غير طبيعية، "وعزت الدراسة ذلك إلى ما وصفته بحالة العزل بين الأزواج، التي تفرضها العادات والموروثات الثقافية".

التشبثت بالموروث
ويختلف هارون مع أوهاج محمد وبرعي كجر بشأن قرار الحكومة نقل بعض المجموعات القبلية إلى القرى الجديدة التي تتوفر فيها بعض الخدمات الضرورية، حسب رأيه.
لكن ورغم مراعاة عادات وتقاليد تلك المجموعات السكانية في القرى النموذجية الجديدة من حيث المساحة وتقريب أشكال المساكن لما هو كائن أصلا، فإن ذلك لم يدفع كجر إلى الترحيب بالفكرة.
ويوافقه أوشيك طاهر الرأي بالقول إن أعراف وتقاليد بعض قبائل البجا التي توارثتها أبا عن جد ما تزال قائمة، "ونحن متمسكون بها".
ويعود أوهاج محمد ليقول للجزيرة نت إن المساكن البدوية تسمح بتربية المواشي والأغنام "لأنها تشبه البيئة الرعوية"، ليجد ذلك القول صدى واسعا لدى برعي كجر الذي تساءل عن كيفية إقناع الناس بترك موروثهم الثقافي.
ومع ذلك يعمل والي ولاية كسلا آدم جماع جاهدا لإقناع أولئك المواطنين بالانتقال إلى "ما هو أفضل".