الانتقاد الأوروبي لانتخابات الجزائر بين الرفض والتأييد
عبد الحميد بن محمد-الجزائر
وبين رفض الأخير للطريقة التي وصلت بها الملاحظات الأوروبية، وتركيز حقوقيين ومعارضين على واقعية وحقيقة الانتقادات، ارتفعت أصوات في الجزائر -بينها أصوات حكومية في مقدمتها وزير الداخلية نور الدين بدوي- داعية إلى ضرورة استدراك النقائص لا سيما أن البلد مقبل على انتخابات محلية خريف العام الحالي.
غير أخلاقي
وأبدى رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال أسفه لعدم إرسال أعضاء الوفد الأوروبي نسخة من التقرير قبل نشره عبر وسائل الإعلام. واعتبر ذلك عملا غير أخلاقي "خاصة وأني التقيتهم مرتين قبل تنظيم الانتخابات البرلمانية".
وطالب دربال في حديثه للجزيرة نت من "هؤلاء التوقف عن إعطاء دروس للآخرين لأن تجارب الدول والمجتمعات تختلف بناء على اختلاف الثقافات والحضارات والتقاليد"، فحتى أوروبا استغرقت نحو قرنين لتصل إلى ما هي عليه اليوم من الممارسة الديمقراطية، حسب قوله.
وأوضح أن ما يقوله الأوروبيون بشأن نزاهة الانتخابات لا يطبقونه حتى في بلدانهم، فهم لا يشركون الطبقة السياسية في مراقبة الانتخابات التي تجري عندهم.
ومع تشديده على عدم الانزعاج من الانتقادات الواردة في التقرير، فقد أبدى احترامه لما أورده الخبراء الأوروبيون حول سير العملية الانتخابية، رغم أن بعض المعلومات غابت عنهم أثناء إعداد التقرير، حسب رأيه.
إرادة سياسية
وفي السياق، يقول القيادي في جبهة العدالة والتنمية وعضو البرلمان الحالي لخضر بن خلاف إن رئيس الهيئة كان عليه أن يستقبل ما جاء في التقرير الأوروبي من ملاحظات بصدر رحب، مستغربا كيف يكون الترحيب بتقارير أخرى بينما يطعن في التقرير الأوروبي لمجرد أنه انتقد العملية الانتخابية.
وعبر بن خلاف عن تأييده لكل ما ورد من ملاحظات وانتقادات في التقرير الأوروبي، واصفا إياه بالواقعي خاصة على مستوى محدودية قانون الانتخابات الحالي في ضمان انتخابات نزيهة.
وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر أن الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات ليس بمقدورها مراقبة عملية الاقتراع وحتى التثبت من صحة أعداد الناخبين الذي بلغ 23 مليون ناخب.
واستغرب بن خلاف "رفض وزارة الداخلية تسليم الأحزاب قائمة الناخبين كما لو أنها سر من أسرار الدولة"، مؤكدا أن "أي انتخابات تجرى في ظل القوانين الحالية لن تكون نزيهة، لأن البلد لا يزال بعيدا عن احترام الإرادة الشعبية".
وبرأيه، فإن المشكلة ليست في القوانين ولا في الاتحاد الأوروبي ولا في الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، بل هي في غياب الإرادة السياسية في تنظيم انتخابات نزيهة.
حقيقي وواقعي
من جانبه، يرى الحقوقي المستقل والرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بوجمعة غشير أن التقرير "واقعي ومنصف وليس فيه أي تسييس للانتخابات".
ويضيف للجزيرة نت أن مضمون التقرير لم يتطرق إلى الكثير من التفاصيل الأخرى، كما أن الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات "هيئة شكلية أظهرت عدم استقلاليتها ومدى ارتباطها بوزارة الداخلية".
ويقول غشير إن "رئيس هذه الهيئة يجد متعة كبيرة جدا في الظهور مع وزير الداخلية بينما كان عليه أن يأخذ مسافة كبيرة جدا معه خصوصا تجاه وزارة الداخلية المتهمة بالتزوير". ويرى أن دربال وضع نفسه تحت تصرف الإدارة وأفقد الهيئة مصداقيتها.
وأكد أن رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات "غير منسجم مع الواقع لأن مضمون التقرير ورد في تقارير سابقة بعد الانتخابات التشريعية عام 2012، معتبرا "أنه لو تتبع دربال المسار لتوصل إلى أن هذه الملاحظات قديمة وليست جديدة باستثناء ما تعلق بدور هيئته".