الجزائر.. دعوات لنبذ العنصرية تجاه المهاجرين الأفارقة
ياسين بودهان-الجزائر
وتأتي هذه التحذيريات بعد أيام قليلة من إطلاق مجموعة من النشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي حملة بعنوان "اطردوا الأفارقة"، وهي الحملة التي أثارت ردود فعل غاضبة واتُّهِم القائمون عليها بالعنصرية وممارسة التمييز بحق فارين من جحيم الحرب.
ودفع تنامي دعوات الترحيل القسري للمها جرين غير النظاميين الوزير الأول عبد المجيد تبون للتأكيد أمام نواب البرلمان خلال عرضه برنامجه الحكومي يوم 23 يونيو/حزيران الماضي، أن الحكومة لن ترحلهم بل ستعمل على تنظيم وجودهم بإعداد بطاقة وطنية لإحصاء عددهم، وهي الخطوة التي ستمكنهم من الولوج إلى عالم الشغل بطرق قانونية.
ولم تمر إلا أيام فقط على تصريحات الوزير الأول، حتى أطل أمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى -الذي يشغل أيضا منصب مدير ديوان رئاسة الجمهورية- ليؤكد في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن المهاجرين غير النظاميين في الجزائر باتوا مصدرا للجرائم والمخدرات وعدد من الآفات ويهددون الاستقرار، داعيا لأن يكون وجودهم في البلاد خاضعا للضوابط القانونية.
تصريحات أويحيى أثارت ردود فعل غاضبة، فقد وصفها حزب "جيل جديد" المعارض في بيان له بأنها "غير مقبولة ومثيرة للاستياء، وتأتي في وقت يتعرض فيه المهاجرون غير النظاميين في الجزائر لمعاملات عنصرية".
ووصفت منظمة العفو الدولية في بيان لها تصريحات أويحيى بــ"الصادمة والمخزية" وبأنها "تغذي العنصرية والتمييز ونبذ المهاجرين".
إجراءات استعجالية
ورغم حملة الانتقادات التي طالت أويحيى بسبب تصريحاته، فإن وزير الخارجية عبد القادر مساهل أكد أمس الاثنين -على هامش الورشة الدولية حول "دور المصالحة الوطنية في الوقاية من التطرف العنيف والإرهاب ومكافحتهما" بالعاصمة الجزائر- على أن "الحكومة بصدد اتخاذ إجراءات استعجالية للتصدي للنزوح الكبير للمهاجرين غير الشرعيين"، واتهم شبكات منظمة بالوقوف وراء الظاهرة التي تهدد الأمن الوطني، وفق تعبيره.
ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد المهاجرين غير النظاميين، لكن التقرير الصادر عن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2016، وحصلت الجزيرة نت على نسخة منه، يؤكد وجود أكثر من 250 ألف لاجئ أو مهاجر غير نظامي من 23 دولة أفريقية.
وقال النائب عن جبهة العدالة والتنمية (إسلامي معارض) لخضر بن خلاف إنه سبق له أن وجّه قبل ثلاث سنوات سؤالا للحكومة، بشأن وضعية ربع مليون لاجئ من جنسيات مختلفة داخل الجزائر.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أنه حذر من تنامي هذه الظاهرة مبكرا، مشيرا إلى أنه لم يطالب بترحيلهم بل بالتفكير مليا في كيفية التعامل مع هؤلاء الذين فروا من جحيم الحرب لدواع إنسانية، في ظل ارتفاع نسب تدفقهم إلى الجزائر.
حق اللجوء
بن خلاف شدد على "ضرورة التكفل بهم لأن تواجدهم بالشكل الحالي يتسبب في فوضى في الشارع الجزائري، مع ما يصاحب ذلك من مظاهرة لا تليق مثل التسول وبعض الجرائم"، مما يهدد برأيه النظام العام.
في المقابل يوضح المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي أن "القانون الدولي يمنح الحق لهؤلاء باللجوء"، ويؤكد أن "على الحكومة الجزائرية سن تشريعات داخلية تمكن هؤلاء من الحياة الكريمة أثناء تواجدهم داخل الجزائر، من خلال السماح لهم بالعمل والرعاية الصحية".
ويعلق للجزيرة نت على التصريحات السياسية التي تحمّل المهاجرين مسؤولية انتشار الجريمة أو المساس بالنظام العام، بقوله "هذه التصريحات لا تخدم الجزائر ومنافية لمنطق حسن ضيافة الأجانب، وحقهم في الوصول إلى الجزائر إلى حين"، ويضيف من أجل شرف وسمعة الجزائر "يجب وضع تشريعات لتنظيمهم مع توعية الشعب من خلال وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني بإشاعة قيم التسامح والتضامن".
ويؤكد بوشاشي أن تصريحات الوزير الأول عبد المجيد تبون هي المقاربة الأنجح لحفظ كرامة وإنسانية المهاجرين غير النظاميين، مشيرا إلى أن مئات الآلاف من المهاجرين الجزائريين يعيشون في دول أوروبية، وهو ما يستدعي التعامل مع الأفارقة مثلما يريد الجزائريون أن يُعامَلوا في أوروبا.