الموصل القديمة.. معركة الأزقة والسراديب والمفخخات

MOSUL, IRAQ - JUNE 17: An Iraqi Army sniper fires at an Islamic State sniper position June 17, 2017 in al-Shifa, the last district of west Mosul under Islamic State control. IS snipers, as well as car and suicide bomb attacks continue to hinder the Iraqi forces efforts to retake the final district. A series of airstrikes by Iraqi helicopter gunships attempted to hit Islamic State sniper positions in al-Shifa today. (Martyn Aim/Getty Images).
جنود الجيش العراقي يواجهون قناصة تنظيم الدولة في منطقة الموصل القديمة (غيتي)

عقب ثمانية أشهر من المعارك العنيفة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، تمكنت القوات العراقية والمليشيات الداعمة لها من استعادة 99% من أحياء مدينة الموصل.

ولم يتبق بحوزة تنظيم الدولة سوى الموصل القديمة ذات الطبيعة الجغرافية غير الملائمة للعمليات العسكرية بسبب ضيق شوارعها وقدم منازلها.

ولذلك تواجه القوات العراقية صعوبات جمة في عملية الاقتحام لتلك المنطقة التي يوجد بها أكثر من 100 ألف مدني يعانون ظروفا إنسانية صعبة.

وقال الخبير العسكري العميد ربيع الجواري إن حرب المدن هي أصعب الحروب لأنها تعطي للمدافع إمكانية المناورة وتحصين دفاعاته، وهذا ما ينطبق على منطقة الموصل القديمة لما تتمتع به من جغرافيا معقدة بسبب ضيق الأزقة وتلاصق منازلها مع وجود أعداد كبيرة من المدنيين الذين قد تطالهم نيران المتحاربين.

ويرى أن هذا الوضع يتطلب من القوات العراقية الاستعانة بوحدات عسكرية مدربة بصورة جيدة على حرب الشوارع والمدن واستخدام أسلحة ذكية واقتحام المنطقة من عدة محاور لتشتيت قوة تنظيم الدولة.

ويرى العميد ربيع الجواري أن المعركة في الموصل القديمة تتطلب منظومة رصد جوي قادرة على تحديد الأهداف.

عربات ملغمة
ويوضح أنه يصعب إعطاء سقف زمني لإنهاء السيطرة على المدينة القديمة، وذلك بسبب "امتلاك تنظيم الدولة أسلحة متطورة"، بالإضافة إلى أنه يهاجم بالعربات الملغمة.

وقال الجواري إن هذا الوضع يتطلب من القوات العراقية أن تهاجم بثلاثة أضعاف عدد تنظيم الدولة، وهذا ما سيجعل الخسائر كبيرة في صفوفها.

أما العقيد في الجيش العراقي السابق مؤيد الجحيشي، فيرى أنه ليس أمام مقاتلي تنظيم الدولة من خيار سوى الموت "وهم يسعون لذلك حسب عقيدتهم".

ويعتبر الجحيشي محاصرة القوات العراقية للتنظيم في هذه المنطقة الصغيرة خطأ كبيرا وفق المعايير العسكرية، إذ يجب عليها أن تترك إحدى الجهات مفتوحة وتحكم الطوق على الجهات الأخرى من أجل أن يكون هناك عامل نفسي لمقاتلي التنظيم، وهو التفكير بالهرب لا بالموت فقط.

 

ويوضح أن أمام القوات العراقية خياران؛ أولهما اقتحام أحياء الموصل القديمة والقتال داخل الأزقة، وهذا سيكلفها خسائر كبيرة بالأرواح والمعدات.

وأما الخيار الثاني فهوم اقتحام الطرق الرئيسية للمدينة والسيطرة عليها وإعلان استعادتها "وهذا بالمفهوم العسكري يعكس ردة فعل لدى الطرف الآخر بالانكسار والتفكير بالاستسلام".

طول الأمد
وينبه العقيد الجحيشي إلى أن تنظيم الدولة يختلف عن الجيوش النظامية في تفكيره "وله احتمالات قد تختلف بعض الشي ، لكن النتيجة واحدة، وهي أن المعركة حسمت لصالح أحد طرفي الصراع".

ويضيف الجحيشي أن أمد معركة الموصل القديمة قد يطول بسبب بنائها المتلاصق وأزقتها الضيقة ووجود السراديب والأقبية في معظم البيوت، مما سيعقد عملية القتال بالنسبة للطرف المهاجم وسيزيد من حجم الخسائر البشرية.

ويتوقع أن توكل عملية الهجوم لجهاز مكافحة الإرهاب بالدرجة الأولى، كونه مدربا على حرب الشوارع واقتحام المنازل.

أما باقي التشكيلات العسكرية فلا تستطيع خوض مثل هذه الحروب وستقتصر مهامها على القصف المدفعي والصاروخي، "وهذا سيكون بلا شك عشوائيا وسيوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين".

ويقول العقيد الجحيشي إن هذه الظروف ترتب على جهاز مكافحة الإرهاب خوض المعركة وفقا لطبيعة الموصل القديمة التي لا يزيد عرض شوارعها على أربعة أمتار، "فهي بلا شك معركة صعبة وستكون فيها خسائر بشرية كبيرة من المدنيين والعسكريين".

المصدر : الجزيرة