تونس ترفض الاصطفاف ضد قطر
خميس بن بريك-تونس
وقد أشاد سياسيون ومراقبون بهذه المقاربة، ولم يستبعدوا احتمال وجود ضغوط من دول خليجية على تونس لقطع علاقاتها مع قطر.
وكان وزير الخارجية التونسي خميس الجينهاوي قد أكد عقب لقائه بالرئيس الباجي قايد السبسي قبل يومين أن الأخير حريص على دعوة الأشقاء الخليجيين لتجاوز خلافاتهم عبر الحوار والتفاهم والعمل على إيجاد حلول لكل المشاكل العالقة للحفاظ على مناعة وأمن الخليج والأمن القومي العربي.
وهذا الموقف تبنته أبرز أحزاب الائتلاف الحكومي. ويقول القيادي في حركة نداء تونس خالد شوكات إن موقف الدولة كان حكيما لأنه يحفظ علاقات الأخوة مع الأشقاء الخليجيين ويحمي مصالح الأمة العربية من خطر الانقسام ويحفظ المصالح العليا لتونس.
ويضيف أنه ليس غريبا على الدولة التونسية أن ترفض الاصطفاف وراء أي طرف لأن "سياستها الخارجية تأسست على الابتعاد عن سياسة المحاور".
وعلى الرغم من وجود محاولات تجييش لضم دول أخرى ضد قطر، فإن شوكات يعتقد أن تونس لن تقبل بأي ضغوط تمس استقلال قرارها.
وبدروه اعتبر النائب عن حزب حركة النهضة الهادي بن براهم أن وقوف تونس على المسافة نفسها من جميع الأطراف في الأزمة الخليجية كان شجاعا وصائبا ويؤشر على أنها لن ترضخ لأي ضغوط أو ابتزاز لدفعها لقطع علاقاتها مع قطر أو خفض تمثيلها الدبلوماسي.
يشار إلى أن حزب حركة النهضة يعتبر الشريك الإستراتيجي بالائتلاف الحكومي في تونس.
ضغوط وتجييش
ويقول للجزيرة نت إن موقف الخارجية التونسية لم ينتصر لجهة دون أخرى مع أن أطرافا سياسية يسارية وقومية ساندت حملة التجييش ضد قطر في معركة "الرابح فيها سيكون خاسرا".
ودعا دول الخليج إلى التهدئة وتغليب كفة الحوار لحسم الخلافات والابتعاد عن سياسة التصعيد والتهديد.
وذكرت تقارير إعلامية أن السعودية مارست في الأيام الأخيرة ضغوطا على الحكومة التونسية لقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر أو تخفيضها.
ولم يستعبد الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي حصول مثل هذه الضغوط، قائلا إنها تحدث في العلاقات الدولية.
غير أنه يؤكد أن تونس لن ترضخ لهذه الضغوط، معتبرا أن موقفها الرسمي "سليم ويراعي مصالحها".
ولا يستبعد العبيدي أن تلعب تونس دورا وسيطا لحل الأزمة الخليجية إذا استمر الخلاف، مذكرا بأن ثوابت السياسة الخارجية التونسية تقوم على رأب الصدع بين الأشقاء العرب بالحوار.
مبادرة تسوية
ويتفق مع هذا الموقف المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي الذي طرح بدوره إمكانية انخراط الحكومة التونسية في مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء الخليجيين.
واعتبر أن موقف الدولة جاء متساوقا مع رغبة الدبلوماسية التونسية في التعامل مع أطراف النزاع على قدم المساواة والحياد.
ويقول للجزيرة نت إن الموقف التونسي لم يخضع إلى أي تحشيد يهدف إلى التنديد بدولة قطر، وذلك يعود إلى اقتناع المسؤولين بأهمية العلاقات الثنائية بين تونس ودول الخليج ولا سيما قطر التي تشكل الشريك الاقتصادي الثاني لتونس بعد الاتحاد الأوروبي، بحسب قوله.
يشار إلى أن قطر ساهمت في مساعدة الاقتصاد التونسي بعد الثورة في ظل الصعوبات المالية التي مر بها.
وبمناسبة مؤتمر دولي للاستثمار نظمته نهاية العام الماضي، حصلت تونس على مليار دولار من قطر.
وبالإضافة إلى استثماراتها في قطاعات الاتصالات والسياحة وغيرها، أنشأت الدوحة عام 2013 في تونس صندوق الصداقة القطري لدعم المشاريع الصغرى والمتوسطة. وقد مول الصندوق المئات من المشاريع للشباب.