تفجيرات العراق.. فشل استخباري أم ضعف أمني؟

وليد إبراهيم-بغداد
وشهدت بغداد خلال أقل من 12 ساعة تفجيرين بسيارتين مفخختين بحي الكرادة ومنطقة الصالحية في ميدان الشهداء وتسببا بمقتل 27 مدنيا وسقوط عشرات الجرحى.
وأعقب هذه التفجيرات تفجير انتحاري آخر بمدينة هيت (غرب) سقط فيه 17 قتيلا وأكثر من 30 جريحا. وكان بين القتلى ضابط برتبة مقدم وهو آمر الفوج الثالث التابع للفرقة السابعة للجيش العراقي إضافة إلى صحفي عراقي يعمل بوكالة محلية.
واتهم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي القوات العراقية بالفشل في اتقاء هذه التفجيرات، رغم الانتشار الكبير لقوات الأمن بمئات نقاط التفتيش في عموم بغداد.

منطقة مؤمنة
ووقع أحد التفجيرين قرب متجر لبيع المرطبات في حي الكرادة على مسافة عشرات الأمتار من مقر الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وهي منطقة تخضع لحماية مشددة من قبل الحرس الرئاسي. كما توجد بالمنطقة عديد المقرات الحزبية المهمة، منها المقر العام للمجلس الإسلامي الأعلى العراقي الذي يتزعمه عمار الحكيم.
واعترف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مؤتمر صحفي الثلاثاء بأن ما حصل هو "خرق أمني". وقال إن من مسببات هذا الخرق "فشلا استخباريا"، لكنه رفض وصف التفجيرات بأنها انهيار أمني أو تراجع في أداء المنظومة الأمنية العراقية.
وقال العبادي إن المرحلة القادمة "قد تشهد تصعيدا أمنيا كبيرا" وإن تنظيم الدولة سيحاول إثبات حضوره وبعث رسالة مفادها أنه مازال حاضرا وقادرا على تنفيذ مثل هذه العمليات.

ترهل وفساد
وتعليقا على تجدد التفجيرات قال الخبير الأمني والاستراتيجي أمير الساعدي إن ما حصل يثبت أن المؤسسة الأمنية العراقية بحاجة إلى إعادة بناء لأنها تعاني الكثير من "الترهل والفساد وهي بشكلها الحالي لم تعد قادرة على منع مثل هذه الخروق الأمنية".
وأضاف الساعدي أن واحدة من أهم مقومات إعادة البناء تطوير الجانب الاستخباري وكسب ثقة المواطنين بالمؤسسة الأمنية لضمان تعاونه معها، "وهذا ما لم يحدث حتى الآن".
وكانت مؤسسات أمنية وأطراف سياسية حذرت في وقت سابق من احتمال لجوء تنظيم الدولة إلى مثل هذه التفجيرات تزامنا مع خسارة نفوذه وسيطرته على العديد من المدن العراقية خلال العامين الماضيين في المعارك التي خاضها ضد القوات العراقية.
وطالبت أطراف سياسية من حكومة العبادي بتفعيل وتقوية العمل الاستخباري وعدم الاكتفاء بالكثافة العددية في العمل الأمني. كما طالبت بإبعاد المؤسسات الأمنية عن الصراعات والتقاطعات السياسية واستثناء المؤسسة الأمنية من المحاصصة الطائفية السياسية التي تم تبنيها في عراق ما بعد 2003.

فشل استخباري
من جهته، وصف الخبير الأمني هشام الهاشمي ما حصل في بغداد بأنه "فشل استخباري وليس أمنيا". وقال "لا يوجد مكان في بغداد إلا وفيه انتشار لقوات أمنية مدججة بالسلاح، وقد أثبتت التجربة فشل هذه الطريقة في تفادي التفجيرات" التي ستتكرر طالما لم يطور الجهد الاستخباري، حسب قوله.
وعبر الهاشمي عن استغرابه من أداء المؤسسة الأمنية والاستخبارية "لأنها لم تتلقف الرسائل العديدة التي حملها آخر إصدار لتنظيم الدولة بعنوان "رمضان شهر الجهاد" وتضمن رسائل واضحة كانت تشير إلى نية التنظيم القيام بمثل هذه العمليات.
كما عبر الهاشمي عن خشيته من أن يقوم التنظيم "بعمليات نوعية كبيرة في المستقبل القريب على غرار ما حدث في حي الكرادة في رمضان الماضي" عندما تسبب تفجير سيارة بمقتل ما يقارب 300 شخص.