القصف المصري لليبيا بين الرفض والتنسيق المسبق
أحدثت الضربات الجوية التي نفذها الجيش المصري على أهداف في مدينة درنة (شرق ليبيا) موجة انتقادات من أطراف ليبية عدة.
وأعلن الجيش المصري تنفيذ ضربة جوية مركزة ضد تجمعات لمن وصفها بالعناصر الإرهابية في الأراضي الليبية، بزعم تورطهم في الحادث الذي وقع الجمعة في محافظة المنيا المصرية.
إلا أن المتحدث باسم مجلس شورى مجاهدي درنة نفى أن يكون القصف قد استهدف مواقع تابعة للمجلس، وقال إن القصف استهدف مواقع مدنية مأهولة بالسكان، وألحق أضرارا بمنازل ومركبات ومزارع للمواطنين.
ورفض المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني انتهاك السيادة الليبية من قبل الطيران المصري باستهداف مواقع داخل الأراضي الليبية دون تنسيق مع السلطات الشرعية، المتمثلة في حكومة الوفاق المعترف بها عربيا وأفريقيا ودوليا، وفق البيان.
ورأى منصور الحصادي نائب رئيس لجنة دعم الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب في المجلس الأعلى للدولة أن القصف المصري خرق للسيادة الليبية، وتبرير للفشل، وتصفية للخصوم، موضحا للجزيرة نت أن مثل هذه الأعمال تزيد تأزيم المواقف، ولا تعمل على حل المشكلة.
واستغرب محمد عريفة عضو مجلس النواب المؤيد للاتفاق السياسي ما قامت به مصر، قائلا إن "كل عملية إرهابية تحدث داخل مصر تقوم السلطات المصرية بتصدير مشاكلها وأزماتها للأراضي الليبية".
وأضاف عريفة في حديثه للجزيرة نت أنه في حال ثبت تورط عناصر من داخل ليبيا ينبغي على السلطات المصرية قبل إجراء أي رد التنسيق مع المجلس الرئاسي في طرابلس بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي.
من جهته، رأى المجلس المحلي في درنة أن القصف المصري "اعتداء صارخ على السيادة الوطنية"، مُحملا المجلس الرئاسي والحكومات المختلفة مسؤولية ما حدث بالمدينة.
وفق القانون
ويعتقد صالح افحيمة عضو مجلس النواب الرافض للاتفاق السياسي أن الرد المصري جاء وفق الفقرة الثالثة من قرار الأمم المتحدة رقم 2214 الصادر في 27 مارس/آذار 2015، الذي استباح السيادة الليبية وجعلها رهن قرار خارجي تتخذه أي دولة ترغب في القصاص أو الانتقام لمواطنيها.
ولا يمانع افحيمة من استهداف "مجموعات إرهابية" داخل ليبيا، قائلا في حديثه للجزيرة نت "يؤسفني أن القرار المصري جاء في إطار قرار أممي دون التنسيق مع حكومة تمثل كل الليبيين".
وأخطرت الخارجية المصرية رئيس مجلس الأمن الدولي بأن الضربات الجوية التي استهدفت مواقع التنظيمات الإرهابية في مدينة درنة، تأتى اتساقا مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المعنية بالحق الشرعي في الدفاع عن النفس، ومع قرارات مجلس الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب.
وعن توعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باستمرار توجيه الضربات الجوية لما وصفه بمعسكرات تدريب الإرهابيين خارج مصر، يعتقد المحلل السياسي محمد فؤاد في حديثه للجزيرة نت أن إقدام السيسي على هذه الخطوة بشكل علني يرجع إلى أنه لم يجد أي معارضة حقيقية من قبل حكومة الوفاق الوطني.
وفي السياق ذاته، استنكرت الدائرة السياسية لحزب العدالة والبناء اعتداء الطيران المصري على درنة، قائلة إن "هذا الاعتداء يدل على محاولة غير لائقة لتصدير الفشل الأمني إلى ليبيا وتحقيق نصر وهمي على أشلاء الشعب الليبي بدلا من الكشف عن الإرهابيين الذين قاموا بهذا العمل الإجرامي الإرهابي داخل مصر".
ويجمع مراقبون على أن الانقسام السياسي والصراع العسكري داخل الأراضي الليبية وعدم التوافق بين الأطراف المتصارعة، هو الذي أدى إلى انتهاك السيادة الليبية والوصول إلى هذه المرحلة.