تقرير فلسطيني: الفساد يحيط بمنظومتيْ القضاء والأمن
ميرفت صادق-رام الله
وقال التقرير الصادر عن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) إن الاحتلال الإسرائيلي وتكريس الانقسام واستمرار غياب المجلس التشريعي وشل دوره الرقابي على الحكومة وتنفيذ الموازنة أضعفت نظام النزاهة الوطني خلال السنة الماضية.
لكنه نظر إلى تراجع دور القضاء وثقة المواطنين به، وزيادة تأثير دور الأجهزة الأمنية وبعض المتنفذين في السلطة على القرارات المتعلقة بالشأن العام باعتبارها أخطر مظاهر الفساد.
كما اعتبر إساءة استخدام السلطة، والمساس بالأموال العامة وإساءة الائتمان، والرشوة واختلاس المال العام والواسطة والمحسوبية وغسل الأموال والامتناع عن تنفيذ قرارات قضائية، من أكثر أشكال الفساد عام 2016.
ورغم إعلان الحكومة نيتها ترشيد النفقات العامة، فإنها لم تنجح في تنقية فاتورة الرواتب وترشيدها لاسيما نفقات الأجهزة الأمنية، وتخفيض ما يتم دفعه لإسرائيل كأثمان فواتير الكهرباء والماء. وسجل التقرير ارتفاع إجمالي نفقات الحكومة بنسبة 108% عن المخطط له.
وأفاد بأن الحكومة لم تلتزم بشفافية الموازنة العامة، حيث لم تصدر سوى ثلاث وثائق من أصل ثمان كحد أدنى عام 2016، كما واصلت السلطة في غزة فرض ضرائب ورسوم لتمويل نفقاتها التشغيلية وتسديد فاتورة الرواتب الأمر الذي ضاعف العبء الضريبي على كاهل المواطن الغزي.
وعلى ضوء ذلك، طالب عبد القادر الحسيني رئيس مجلس إدارة ائتلاف "أمان" الرئيس محمود عباس بالإسراع بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتسهيل إجراء الانتخابات المحلية، وتشكيل لجنة إصلاح وطنية خاصة بالقضاء، وكذلك هيئة رقابة للإشراف على التعيينات والترقيات بالمناصب العليا.
وطالب الحسيني الحكومة بإعداد خطة شاملة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وإعادة النظر في أعداد المنتسبين للأجهزة الأمنية وموازناتها واختصاصاتها ونشر جميع الاتفاقات التي توقعها الحكومة نيابة عن الفلسطينيين، وبشكل خاص اتفاقيات الامتيازات مثل الاتصالات والكهرباء والمياه وقناة البحرين.
هزة بالقضاء
ووفق التقرير، فقد تعرض القضاء الفلسطيني خلال 2016 لهزة كبيرة بسبب الصراع على شغل المراكز القيادية في مؤسسات السلطة من بعض كبار القضاة، ما عرض السلطة القضائية للابتزاز وفقدان استقلاليتها وسمح للحكومة ومسؤولي الأجهزة الأمنية وكبار المسؤولين في مكتب الرئيس بالتدخل في شؤونها.
وفي تعقيبه على التقرير، قال مستشار ائتلاف "أمان" عزمي الشعيبي إن أسوأ واقع يعيشه الفلسطينيون منذ عام هو التراجع الهائل بمنظومة سيادة القانون، وأضاف "وصلت الأمور إلى حد تغيير قوانين لخدمة أفراد".
وأضاف الشعيبي أن 2016 شهد انهيارا في واقع السلطة القضائية بسبب بروز جيوب ومراكز نفوذ داخل القضاء، مما أفقد الفلسطينيين خندقهم الأخير في حل مشاكلهم اليومية.
وبرزت مشكلة القضاء بعد الكشف عن الطلب من المرشحين لمنصب رئيس مجلس القضاء الأعلى تسليم استقالتهم قبل تعيينهم وذلك للضغط عليهم لاحقا وابتزازهم، كما حدث في قضية رئيس المجلس المستشار سامي صرصور عندما أقيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكشف صرصور حينها عن توقيعه كتاب استقالته قبيل أدائه القسم القانوني بطلب من رئيس جهاز المخابرات والمستشار القانوني للرئيس، واعتبر ذلك مسا خطيرا بهيبة واستقلال القضاء.
وحاولت الحكومة الفلسطينية -وفق التقرير- التأثير على المحكمة العليا التي من شأنها اتخاذ قرارات معارضة للرئيس والسلطة التنفيذية، وعالجت ذلك إما بتدخلات من الأجهزة الأمنية أو من خلال المحكمة الدستورية.
غزة
وأشار التقرير إلى أن الوضع القضائي في غزة لم يكن أفضل حالا، خاصة بعد أن أوكلت كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي للحكومة تعيين قضاة ونقلهم وانتدابهم وترقيتهم ومساءلتهم بشكل يمنح هيمنة للسلطة التنفيذية على القضائية.
ونتيجة لذلك، أظهر استطلاع رأي للفلسطينيين في الضفة وغزة عام 2016 أن 71% منهم يعتقدون بوجود فساد في السلطة القضائية.
وقال المستشار القانوني لمؤسسة الحق عصام عابدين للجزيرة نت إن مؤشرات الفساد بالقضاء عديدة وعلى رأسها فرض الاستقالة المسبقة لرئيس المجلس الأعلى، وكذلك في تنسيب أربعة قضاة من المحكمة العليا للرئيس من أجل اختيار أحدهم رئيسا للمجلس خلافا للقانون مما يدل على انهيار استقلالية القضاء.
وبرأي عابدين، لا توجد إرادة سياسية لإصلاحات جدية في سلك القضاء رغم محاولات عديدة من منظمات المجتمع المدني لرسم معالم خطط إصلاحية لم تلق تجاوبا.
من ناحية أخرى، يعتقد عابدين أن تصاعد نفوذ الأجهزة الأمنية يعبر عنه في التعدي المتكرر على الحياة العامة والاعتقالات على خلفية الرأي والتعبير والتوقيف على ذمة المحافظ بشكل غير قانوني، ونمو حالات التعذيب وسوء المعاملة وخاصة في سجن أريحا، وعدم تنفيذ قرارات المحاكم والاعتداءات على التجمعات السلمية، والتضييق على المنظمات الأهلية والشركات غير الربحية التي تقوم بدور حقوقي.
وينتقد التقرير تضخم الإنفاق على قطاع الأمن الفلسطيني، حيث بلغ عدد العسكريين أكثر من 65 ألفا يشكلون 42% من موظفي القطاع العام. وتنفق السلطة على هذا القطاع أربعة مليارات شيكل، معظمها تصرف على شكل رواتب، بما يوازي 28% من مجمل نفقاتها.