ندوة بألمانيا تبحث النزاع الفلسطيني الإسرائيلي

الجزيرة نت-برلين
تباينت رؤى خبيرين ألمانيين وناشطة يهودية مناهضة للصهيونية وسياسية أوروبية تحدثوا بندوة في برلين، تجاه الحلول المتاحة لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وإمكانيات التدخل الأوروبي في هذا النزاع.
وحملت الندوة -التي دعت إليها مؤسسة "شبيبة ألمان لأجل فلسطين" مساء الأحد- عنوان "نزاع الشرق الأوسط بين الدولة العرقية والديمقراطية"، حيث اعتبرت الباحثة الألمانية بيترا فيلد أن المشكلة الفلسطينية هي قضية استعمار استيطاني اختلف عن الاستعمار التقليدي بعدم اهتمامه بالثروات الطبيعية، وتركيزه على سلب الأرض وطرد سكانها الأصليين واستبدالهم بشعوب مهاجرة من عرق مختلف.
وأشارت فيلد إلى أن هذا البعد يجعل القضية الفلسطينية غير ممكنة الحل إلا عبر ثلاثة طرق، هي: إبادة المستوطنين لمن تبقى من الفلسطينيين مثلما حدث في أميركا وأستراليا، أو انتفاضة السكان الأصليين وخوضهم حربا ينتصرون فيها على المستوطنين كما جرى بالجزائر، أو تطبيق تجربة جنوب أفريقيا بإنهاء نظام الفصل العنصري من خلال ضغوط خارجية قوية.

دولة التمييز
ورأت الباحثة الألمانية أن إسرائيل لا يمكن اعتبارها دولة مواطنين متساوين بالحقوق، لأنها تعتبر نفسها دولة لليهود ولا تضع لنفسها حدودا جغرافية، وذكرت أن وصف عشرات الدراسات الصادرة من مؤسسات عالمية -من بينها الأمم المتحدة– لإسرائيل بدولة التفرقة العنصرية، ينفي عنها صفة الديمقراطية.
كما قالت إن إسرائيل تميز في المواطنة وتفصل في التعليم والمواصلات بين مواطنيها اليهود و1.6 مليون فلسطيني يعيشون داخل الخط الأخضر ويمثلون نحو 20% من سكانها.
وأشارت إلى أن الفلسطينيين لا يسيطرون حاليا إلا على 15% من فلسطين التاريخية، مقابل سيطرتهم على 85% من هذه المساحة عند إصدار الأمم المتحدة قرار التقسيم عام 1947.
من جانبها، اعتبرت إيريس هيفيتس العضوة بمنظمة "صوت يهودي لسلام عادل بالشرق الأوسط"، أن استلهام تجربة الحقيقة والمصالحة بجنوب أفريقيا كحل لنزاع الشرق الأوسط يتطلب ممارسة ضغوط خارجية لتطبيق هذه التجربة، وتخلي إسرائيل عن سيطرتها على الفلسطينيين واعترافها بجرائمها بحقهم، وإنهاء استعمارها الاستيطاني لأراضيهم.
ورأت هيفيتس أن إسرائيل لا يمكن اعتبارها دولة ديمقراطية لأنها نظام دكتاتوري لا فاصل فيه بين المدني والعسكري، وتمثل فيه اليهودية قومية رغم أنها دين. وقالت إن التمييز الواقع بحق الفلسطينيين داخل الخط الأخضر هائل وكبير، غير أنه يتجاوزهم لتمييز اليهود الإشكيناز الأوروبيين البيض على اليهود السفارديم الشرقيين.
أما الخبير الألماني البارز بقضايا الشرق الأوسط البروفسور أودو شتاينباخ، فقد ذكر أن قرار الأمم المتحدة 242 يوفر قاعدة أساسية لحل المشكلة الفلسطينية.

ورأى شتاينباخ أن حديث الحكومة الألمانية بصراحة عن التفرقة العنصرية الواقعة على الفلسطينيين وتمييز الإسرائيليين أنفسهم في المياه على الفلسطينيين، من شأنه تمكين برلين من ممارسة ضغط على الحكومة الإسرائيلية ودفعها لحل جدى للنزاع في الشرق الأوسط.
الأوروبيون والمقاطعة
أما رئيس منظمة "شبيبة ألمان من أجل فلسطين" علي شتيه، فقد اعتبر أن الندوة التي نظمتها منظمته تأتي في سياق سعيها منذ تأسسها عام 2008 لتقديم تعريف موضوعي للرأي العام الألماني بالقضية الفلسطينية، ووضع السياسيين الألمان أمام مسؤولياتهم تجاه هذه القضية.
وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن الندوة تكتسي أهمية بموازاة إدانة الحكومة الألمانية قبل أيام لسعي إسرائيل لشرعنة استيطانها لأول مرة منذ 25 عاما بالضفة الغربية المحتلة.
من جانبها، قالت ألكسندرا ثاين العضوة السابقة في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي إن حرية التعبير في أوروبا تجاه الإجراءات الإسرائيلية مع الفلسطينيين لها حدود لا يمكن تجاوزها، وإلا رفعت بوجه السياسيين الأوروبيين تهمة معادة السامية.
وأوضحت ثاين أن ما جرى في الماضي من مطالبة سياسيين من حزب اليسار المعارض بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، يظهر أن انتقاد الساسة الألمان لإسرائيل هو بمثابة انتحار سياسي، مشيرة في المقابل لوجود مساحة حركة للأوروبيين فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، خاصة في المطالبة بوسم السلع الواردة من المستوطنات المشيّدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي الاتجاه نفسه، قالت الناشطة اليهودية المناهضة للصهيونية إيريس هيفيتس إن دعوات مقاطعة إسرائيل -خاصة في المجالين الأكاديمي والثقافي- لها تأثيرات نفسية شديدة السلبية على النخبة الإسرائيلية.