براءة مبارك من دم المتظاهرين.. آخر انتكاسات الثورة
عبد الرحمن محمد-القاهرة
ومنذ صدور حكم البراءة، تتابعت تصريحات الاستنكار والرفض من قبل سياسيين وقانونيين ونشطاء، كما امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بتدوينات ساخرة، بينما حمّل نشطاءٌ مسؤولية هذه "الانتكاسة" لقوى الثورة المختلفة، في وقت أظهر مؤيدو المخلوع حالة الفرح والبهجة بهذا الحكم.
ولم يستبعد محللون أن يبادر النظام الحالي -بعد تبرئة مبارك- بتوجيه اتهامات جنائية لرموز ثورة يناير، بـ"السعي لقلب نظام الحكم وتعطيل الدستور والقانون وقتل المتظاهرين وحرق الممتلكات والمنشآت العامة والاعتداء على نظام الدولة"، من خلال تحريك ما يعرف بالقضية 250 التي تضم رموزا من قوى الثورة المختلفة.
وفي تصريحات صحفية، اعتبر القيادي بحركة 6 أبريل شريف الروبي الحكم "بمثابة عدم اعتراف بثورة يناير"، فيما رأى العضو السابق بحملة السيسي الانتخابية حازم عبد العظيم أن الأمر "لا يعدو كونه مسرحية".
دليل تواطؤ
"تحصيل حاصل وأمر متوقع بعد مهزلة إعادة المحاكمة"، هكذا رأى محمد القصاص نائب رئيس حزب مصر القوية حكم البراءة الذي حصل عليه مبارك، معتبرا إياه "دليلا على وجود تواطؤ لدى من تولى السلطة بعد الثورة (المجلس العسكري) لإخفاء جرائم نظام مبارك".
وشدد القصاص في حديثه للجزيرة نت على أن هذا الحكم "لا يؤثر على شرعية الثورة كونها مستمدة من الملايين التي خرجت ضد مبارك وأنهت حكمه والتوريث لابنه، وهي تعلم أن المحاكمات مسرحية تناولت جريمة أو اثنتين، وتركت جرائم ثلاثين عاما".
ويرى القصاص أن "من يتحمل هذه النتيجة (هم) من تولوا السلطة عقب الثورة ابتداء بالمجلس العسكري ثم نظام محمد مرسي الذي وضع تقرير تقصي الحقائق في الدرج، ثم نظام عبد الفتاح السيسي الذي أعاد المحاكمة وأكمل تواطؤ المجلس العسكري، والقوى السياسية التي شغلت بخلافاتها بعد الثورة عن ملاحقة مبارك ونظامه".
ويشارك الحقوقي المعارض والقيادي بجبهة الضمير عمرو عبد الهادي القصاص في اعتبار الحكم أمرا متوقعا، مرجعا ذلك إلى أن "المحاكمة كانت بنظام مبارك وقوانينه بعد استئمان الشعب من لا يؤتمن على الثورة".
ورأى في حديثه للجزيرة نت أن "المسؤولية عن الوصول إلى هذه النتيجة مشتركة بين مختلف التيارات المؤيدة للثورة، إلا أن الكتلة المدنية تتحمل نسبة 75% من المسؤولية نظرا لتأييدهم الثورة المضادة في 30 يونيو 2013 وتحالفهم مع الفلول والانقضاض على الديمقراطية الوليدة بمصر".
محاولة فاشلة
ويقول عبد الهادي "لقد حاول الرئيس محمد مرسي محاكمة مبارك حينما شكل نيابة الثورة، إلا أن القوى الثورية تظاهرت لإسقاط الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي لتحقيق هذا الهدف، وأرجو أن يطول عمر مبارك حتى يحاكم بقوانين الثورة لا بقوانين النظام".
من جهة أخرى، يرى القيادي بتحالف العدالة الاجتماعية المحامي أسعد هيكل أن "الحكم يمثل عنوانا واضحا لتعثر ثورة 25 يناير وعدم تحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها وفي مقدمتها إقامة عدالة اجتماعية حقيقية بمصر".
ويلفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن مما ساعد على ذلك "كون المحاكمة جنائية وافتقرت إلى تعاون أجهزة الدولة مع سلطات التحقيق منذ بداية القضية, وتأخر تقديم مبارك للمحاكمة عدة شهور بعد خلعه عن الحكم".
ويضيف هيكل "مبارك وأولاده وكثير من رموز حكمه صدرت ضدهم أحكام نهائية أيدتها محكمة النقض، وصَمَتْهم بالفساد والاستيلاء على المال العام، وأفقدتهم اعتبارهم وجردتهم من مباشرة أي حقوق سياسية".
ويعتبر هيكل أن "إعادة محاكمة مبارك على ذات الجرائم التي صدرت فيها أحكام نهائية أمر غير جائز قانونا، وفقا لمبدأ عدم جواز محاكمة المتهم عن جريمة واحدة مرتين، لكن من الممكن محاكمته في قضايا فساد أخرى أمام سلطات التحقيق المختصة".